صعّد المخزن حملته المسعورة ضدّ حرية الصّحافة، مستهدفا هذه المرة أحد أبرز الصّحفيين الإسبان المتخصّصين في شؤون المغرب والصّحراء الغربية، إغناسيو سيمبريرو، الذي وجد نفسه عرضة للترهيب والمضايقات والتجسّس والتشهير، لا لشيء سوى لأنه مارس مهنته بموضوعية واستقلالية.
أفادت صحيفة “الكونفيدونسيال” التي يشتغل فيها سيمبريرو، بأنّ هذا الهجوم ليس جديدا، لكنه أخذ هذه المرة شكلا أكثر خطورة، في ما وصفته الصحيفة بـ«محاولة مكشوفة لإخضاع الصحافة الدولية لرقابة المغرب خارج حدوده”، معتبرة أنّ هذه الملاحقات تهدف إلى إسكات الأصوات المستقلة في محاولة لإبعاد الصّحفيين عن تناول ملفات يصرّ نظام المخزن على إغلاقها في وجه الإعلام الدولي.
استهداف الأصوات المستقلة
ومن أبرز هذه الملفات -تضيف الصحيفة الإسبانية- ملف الصّحراء الغربية، حيث يسعى المخزن إلى احتكار روايته الأحادية ومنع أي تغطية موضوعية قد تتعارض مع أجندته السياسية، موضّحة أن سيمبريرو “أصبح هدفا مباشرا لأنه لم يساير الخط الدعائي الذي يريده النظام المغربي للإعلام الأوروبي”.كما ذكرت بأنّ الصحفي الإسباني سبق أن كان من بين المستهدفين في فضيحة برنامج “بيغاسوس”، حيث كشفت تحقيقات دولية عن اختراق هاتفه ضمن حملة تجسّس واسعة يتّهم فيها المغرب بشكل مباشر. وبحسب الصحيفة نفسها، لم تتوقف الضغوط عند هذا الحدّ، بل وصلت إلى مستوى التهديد المؤسّساتي المباشر.
إخضاع الصّحافة الدولية لرقابته
ففي خطوة وصفتها بـ«التهديد الصريح”، وجّه نائب مغربي رسالة إلى رئيس تحرير الصحيفة الإسبانية، ضمنها عبارات تنطوي على تحذير مبطّن، حيث قال: “أدعو الصحيفة إلى التفكير في تأثير هذه التصريحات”، في ما اعتبرته الصحيفة “محاولة ترهيب صريحة لمؤسّسة إعلامية أوروبية”.كما أوردت “الكونفيدونسيال” أنّ الهجوم على سيمبريرو “لا يعد حالة معزولة، بل يأتي في سياق حملة أوسع استهدفت صحفيّين آخرين، من بينهم فرانسيسكو كاريون وسونيا مورينو، واللّذان اتُّهما بتبني مقاربات إعلامية تتعارض مع الرواية الرسمية المغربية حول الصّحراء الغربية، وهي تهمة باتت تستخدم باستمرار ضدّ كل من يجرؤ على تناول هذا الملف بموضوعية واستقلالية”.
وترى الصّحيفة أنّ كل ما قام به سيمبريرو “لا يتعدى حدود الممارسة الصّحفية المحترفة: تغطية إغلاق مكاتب الجمارك المغربية على حدود سبتة ومليلية وتحليل قرارات الرباط المثيرة للجدل”.
وهو ما ذهبت إليه الصّحفية والكاتبة الألمانية، باربارا فينغارتنر، التي تطرّقت في منشور لها إلى الأساليب القمعية العابرة للحدود التي يتّبعها النظام المغربي، إذ أشارت إلى فضائح استخدام برنامج التجسّس “بيغاسوس” لاستهداف صحفيّين ونشطاء، مؤكّدة أنّ “المغرب يتصرّف كنظام استبدادي مستعد لفعل أي شيء للهيمنة على ما لا يملكه بحقّ”.
أذرع مراقبة وتجسّس في الخارج
وبخصوص الأساليب الترهيبية والقمعية للمغرب بالخارج، أكّد الكاتب الصّحراوي طالب العيسالم في مقال له بصحيفة “أ بي سي” الإسبانية أنّ “الصّحراويّين الذين عاشوا تجربة الاحتلال المغربي في الصّحراء الغربية يعرفون جيدا أساليب المخزن في القمع والتضليل، وكيف يسعى لتصدير هذه الأساليب إلى الخارج”، مضيفا أنّ استهداف الصّحراويّين في أوروبا عبر حملات المراقبة والتخويف والضغط النفسي، يشكّل “ركيزة أساسية ضمن استراتيجية أوسع لإسكات الأصوات المطالبة بحقّ تقرير المصير”.
أساليب خبيثة لن تحجب الحقيقة
أما الصّحفية الإسبانية فيكتوريا غارسيا كوريرا، فأكّدت في مقال لها أنّ المخزن، بعد عقود من الاحتلال، لم يعد يملك سوى أساليب الترهيب “الرخيصة” لقمع كل صوت حرّ يناصر القضية الصّحراوية، موضّحة أن النظام المغربي يلجأ إلى أدوات تضليلية وتحريض الجاليات في محاولة يائسة لإرباك النشطاء والهيئات المتضامنة مع الصّحراويّين.
بدورها، قالت صحيفة “بوبيلكو” الإسبانية أنّ النظام المغربي لا يتردّد في استهداف المؤسّسات الحزبية والسياسية والإعلامية الإسبانية عندما تعبر عن مواقف لا تساير أجندته، مستدلة بما حدث للحزب الشعبي الإسباني مؤخّرا وما تعرّض له من حملة عدائية عندما استضاف ممثلا عن جبهة البوليساريو خلال مؤتمره الأخير.