التقي أمس الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، مبعوثه الخاص إلى الصحراء الغربية، وذلك عشية جلسة مجلس الأمن حول قضية الصحراء الغربية التي تنعقد اليوم وتستعرض الجهود التي تمّ بدلها في إطار مسار تسوية هذه القضية التي تمثل آخر قضية تصفية استعمار في القارة الإفريقية.
أوردت الأمم المتحدة عبر موقعها الرسمي أن اللقاء الذي جمع أمس غوتيريش وستافان دي ميستورا تمحور حول الجلسة المرتقبة لمجلس الأمن الدولي بخصوص قضية الصحراء الغربية، حيث يقدم المبعوث الأممي اليوم الثلاثاء إحاطته أمام أنظار أعضاء المجلس بخصوص مسار القضية الصحراوية.
ومن المنتظر ان يطلع دي ميستورا أعضاء مجلس الأمن على نتائج اتصالاته ومشاوراته مع مختلف الأطراف المعنية والفاعلين الدوليين في هذا النزاع الذي يناور الاحتلال المغربي ويمارس كل ضغوطه ومؤامراته لمنع حلّه وفق لوائح وقرارات الأمم المتحدة.
كما سيستمع أعضاء مجلس الأمن في جلستهم المغلقة إلى إحاطة حول بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية “مينورسو” سيقدمها رئيسها ألكسندر إيفانكو.
الجلسة الجديدة التي تلتئم اليوم، تأتي بعدما كان مجلس الأمن قد اعتمد في 30 أكتوبر 2023، القرار 2703، الذي يقضي بتجديد ولاية بعثة المينورسو لمدة عام آخر حتى 31 أكتوبر، بأغلبية 13 صوتًا وامتناع عضوين عن التصويت.
وقدم القرار لغة جديدة ترحب بعقد دي ميستورا مشاورات مع المغرب، وجبهة البوليساريو، وكذلك مع أعضاء في الأمم المتحدة. وقد تجلى من خلال هذه المشاورات أن الاحتلال المغربي يصرّ على وضع العقدة في المنشار، وعرقلة تنفيذ خيار تقرير المصير، ويتمسك بطرحه الاستعماري الذي يرفضه الصحراويون جملة وتفصيلا ويتمسكون من جانبهم باستفتاء تقرير المصير.
وقد أكدت جبهة البوليساريو من جديد موقفها بأن “تقرير مصير الشعب الصحراوي يظل الأساس الوحيد لأي عملية سياسية”. وأضافت أن “المجلس أضاع من جديد فرصة لاعتماد تدابير ملموسة لتمكين المينورسو من التنفيذ الكامل لولايتها على النحو المحدد في قرار مجلس الامن 690 لسنة 1991 “.
كما تأسفت جبهة البوليساريو لصمت مجلس الأمن وبعض الأعضاء المؤثرين إزاء العواقب الوخيمة لخرق دولة الاحتلال المغربية ونسفها لاتفاق وقف اطلاق النار، لعام 1991، الذي لم يعرض للخطر آفاق استئناف عملية السلام فحسب، بل أضحى يهدد أيضا استتباب السلم والأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها.
القضايا والخيارات الرئيسية
ومن القضايا الرئيسية التي يتعين على أعضاء المجلس أن ينظروا فيها في هذه الجلسة، إمكانية استئناف المفاوضات وإعادة تنشيط العملية السياسية. وكان المغرب قد شنّ حملة مسعورة على المبعوث الأممي، كما يفعل دائما مع المبعوثين الأمميين قصد إفشال مهامهم وإرغامهم على رمي المنشفة. وقد جنّ جنون الاحتلال بسبب زيارة دي ميستورا إلى جنوب إفريقيا التي لم تخف يوما دعمها للشعب الصحراوي في نضاله من أجل الاستقلال والحرية. وعكس سلوكه الهستيري مع جنوب إفريقيا، التزم المغرب الصمت حيال زيارة المبعوث الأممي إلى روسيا لاحقا ثم إلى بريطانيا مؤخرا، وإلى العديد من الدول الأخرى.
هذا، ويعقد مجلس الأمن مشاوراته في ظل تردي أوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية المحتلة وهو ما نبهت إليه الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، في العديد من المرات كان أخرها الرسالة التي بعثت بها جبهة البوليساريو في 19 فيفري الماضي للفت انتباه أعضاء المجلس لـ«الحالة المتزايدة الخطورة في الأراضي الصحراوية المحتلة” بسبب شن القوات المغربية “حرب إبادة جماعية ضد الصحراويين”.
وأشارت الرسالة إلى تقارير من المنطقة تبرز تورط السلطات المغربية في تدمير وإضرام النار في العديد من المنازل والأكواخ الريفية التي يملكها الصحراويون في مدينة العيون المحتلة، متهمة اياها بـ«مصادرة الأراضي الشاسعة التي يملكها الصحراويون وتسليمها إلى المستوطنين المغاربة والمستثمرين الأجانب”.
ولفتت التطورات الخطيرة لأوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية المحتلة انتباه الأمين العام للأمم المتحدة، الذي أعرب، في تقرير له في أكتوبر الماضي، عن قلقه البالغ من “التطورات المتدهورة في الصحراء الغربية والتي أصبحت مترسخة، داعيا إلى ضرورة تصحيح الوضع على وجه السرعة لتجنب أي تصعيد إضافي في المنطقة.
ولم يخف غوتيريش في تقريره السنوي، “قلقه” من استمرار عدم تمكن مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من الوصول إلى إقليم الصحراء الغربية للمرة الثامنة على التوالي.
وإذ يعلّق الصحراويون آمالا كبيرة على جلسة مجلس الأمن اليوم، فإنّهم يجدّدون التزامهم بالدفاع عن حقهم في استعادة أراضيهم المحتلة بكلّ الوسائل المشروعة بما فيها الكفاح المسلح.
