في انتظار إعلان نتائج الرئاسيات في مالي

كايتا قاب قوسين أو ادني من قصر كولوبا

أمين بلعمري

أدلى الماليون أمس بأصواتهم في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية التي يعلقون عليها أمالا كبيرة في إنهاء الأزمة السياسية والعسكرية التي تعيشها البلاد على مدار ١٨ شهرا، لم تمنعهم الأمطار والسيول من التوجه إلى مكاتب الاقتراع التي فتحت أبوابها على الساعة ٠٨سا٠٠ صباحا وإن كانت نسبة التوافد عليها اقل مقارنة بالدور الأول بسبب برك الماء المشكلة جراء السيول والتي أغلقت الكثير من المسالك والطرق المؤدية اليها.

ويتنافس في هذا الدور الثاني والحاسم كل من إبراهيم ابوبكر كايتا المعروف اختصارا بـ«ايبيكا» رئيس حزب التجمع من اجل مالي وصومايلا سيسي والملقب بـ«سومي» رئيس حزب الاتحاد من اجل الجمهورية والديمقراطية.
وقد رجحت نتائج الدور الأول من هذه الانتخابات كفة كايتا لدخول قصر كولوبا الرئاسي الذي اصبح قاب قوسين أو ادنى من أبوابه، فكل المعطيات تشير أن الرجل لن ينتهي به المطاف إلا رئيسا خامسا للبلاد منذ استقلالها العام ١٩٦٠ عن الاحتلال الفرنسي.
إن اقتحام ايبيكا للمعترك السياسي في مالي جاء مبكرا يعود إلى ما قبل الاستقلال حيث انضم الى معسكر اليسار المتشدد المعروف بمناوئته للاستعمار بكل أشكاله من خلال انخراطه في فيدرالية طلبة إفريقيا السوداء في فرنسا التي ضمت الكثير من الوجوه البارزة في تاريخ القارة.
وفي سنة ١٩٩٢ وبعد اسقاط الحكم الديكتاتوري لموسى طراوري وبداية التجربة المالية مع الممارسة الديمقراطية بوصول الفا عمر كوناري الى الحكم تفتحت الأفق السياسية للرجل، حيث استهلها كمستشار دبلوماسي ثم كسفير لبلاده في كوت ديفوار ولم تمر سنة على ذلك ليتقرب اكثر من دوائر السلطة والحكم بتكليفه بمهام أكثر حساسية وأهمية بداية بحمل حقيبة وزارة الخارجية سنة ١٩٩٣ ثم وزيرا أول لمدة ست سنوات تحت حكم الرئيس الفا عمر كوناري أي بين سنتي ١٩٩٤ و٢٠٠٠ وقد كان لتوليه هذا المنصب المرحلة الفارقة في المستقبل السياسي للرجل من خلال ظهوره بمظهر رجل الدولة الحازم الذي لا يقبل المساومة حيث واجه الاحتجاجات الاجتماعية والحركة الطلابية التي عرفتها البلاد في نهاية التسعينات، إلى درجة انه تحمل على عاتقه اتخاذ إقرار سنة بيضاء في كل المؤسسات التربوية والمدارس على خلفية تلك الاحتجاجات و هي مغامرة سياسية تحتاج الكثير من الشجاعة.
 بعد هذا البروز القوي لـ«ايبيكا» على المشهد السياسي المالي الذي أعطى انطباعا جازما بأنه الرجل الأقرب لخلافة الفا عمر كوناري المنتهية عهدته سنة ٢٠٠٠ إلا أن الرياح سارت بغير ما يشتهيه حيث فضل حزبه في السلطة الاتحاد من اجل الديمقراطية في مالي المعروف اختصارا بـ«اديما» رجلا من المؤسسة العسكرية وهو امادو توماني توري الذي أطاح بحكمه في انقلاب عسكري مارس ٢٠١٢. ابراهيم كايتا وبعد خيبة الأمل التي اصيب بها لم ينتظر طويلا ليؤسس حزبه التجمع من اجل مالي الذي يتزعمه إلى اليوم والذي يخوض باسمه الانتخابات الرئاسية التي يرى فيها تحقيق حلمه الذي يعود الى ٢٣ سنة خلت.
إن الدهاء السياسي لهذا الرجل يظهر من خلال مواقفه المحسوبة والذكية اتجاه كل المؤسسات والقوى في البلاد استطاع من خلالها تسويق فكرة انه رجل المرحلة فقد استطاع كسب المؤسسة العسكرية على الرغم من انتقاد انقلابها العسكري على الرئيس توماني توري ولكنه سرعان ما استدرك هذا الانتقاد بتفهم موقفها في الوقت الذي تفقد فيه البلاد جزءا منها في إشارة إلى الشمال، كما استطاع كسب أعلى هيئة دينية إلى صفه وهو المجلس الإسلامي الأعلى الذي أعلن رئيسه محمود ديكو دعمه لـ«كايتا» في هذا الدور الثاني من الانتخابات.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024