إفريقيــا والغــرب

مرحلة ''الوصايـة'' إنتهـت!

حمزة محصول

قال ملك بلجيكا، ذات يوم «أيها الأفارقة أنتم مجرد أطفال، حتى لو أعطيتم الإستقلال، لأنكم لن تنجحوا إلا بوجودنا ودعمنا لكم بالفنيين».

تعكس هذه المقولة النظرة الانتهازية للدول الغربية تجاه إفريقيا، فهي لا ترى نموا او تطورا أو تنمية في القارة الإفريقية إلا بدعمها ومساعدتها، بشروط مجحفة تراعي مصالحها التي تدعم بها اقتصاداتها وصناعتها والسهر على رفاهية شعوبها على حساب الفقر والمجاعة والجهل والأمية في إفريقيا.
  واذا كانت نظرة الغرب لافريقيا تقوم على الجشع والانتهازية فإنها بنيت على نظرة اسوأ بكثير ابان الحقب الاستعمارية، حينما اعتقد  الأوروبيون الأوائل الذي دخلوا القارة ان البشر السود لا يصلحون الا كعبيد، يخدمون الارض كالبهائم فطروا على النعف والاعمال الشاقة ولا رابط لهم بالكرامة الانسانية، وما كان عليهم ارخص من زهق ارواح ملايين الافارقة ان جوعا او تعذيبا او تنكيلا.
 ان تاريخ العلاقات الافريقية ـ الغربية (اروبا وامريكا) مليئ بالدروس والعبر، التي ينبغي الاستفادة منها، لتفادي نفس الاخطاء السابقة، فاذا كانت افريقيا في السنوات الاولى للاستقلال، لا تملك نخبا مثقفة قادرة ورجال اكفاء ووعي شعبي كاف لانشاء دولة وطنية كاملة السيادة غير تابعة، فان بحوزتها اليوم ما تستطيع ان تفعل ذلك وحتى وان نقصها شيء من القوة والوسائل الاقتصادية والتجارية اللازمة فان التحالفات الافريقية الجهوية، كفيلة بمواجهة كل التحديات.
  واذا كانت التكنولوجيا عصب حساس تمسك به ناصية البلدان الافريقية، فان لها الموارد الطبيعية وآلاف المساحات غير المستغلة التي تستخدمها ليس كورقة ضغط لانها ليس قادرة على ذلك بل لرفض منطق الندية في العلاقات واحترام رغبة شعبها في التطور وحقه في التنمية والكرامة والامن والسلم على غرار باقي شعوب العالم.
  قد تكون التحاليل خاطئة ولكن ما يبدر من الغرب في السنوات الاخيرة يؤكد انه مستمر في مراوغاته والتفافه الدائم نحو مكاسبه وللاسف لا تتلائم هذه المكاسب التي سيحققها مع رغبات واهداف الدول الافريقية المسطرة، وقد لاحظ العالم في السداسي الاول من السنة الحالية الاعداد الكبيرة من المؤتمرات والملتقيات الدولية التي عقدت في اكثر من دولة كلها ركزت على التنمية المستدامة وسبل تعزيز وتفعيل التعاون والاندماج الاقتصادي بين الدول الافريقية ومواصلة النتائج الجيدة المحققة سنويا في النمو الاقتصادي.
    لكن الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا، ابقت الحديث مركزا على الامن والسلم، وتستعد لاحتضان قمة في هذا الموضوع شهر ديسمبر القادم بمبادرة من الرئيس فرنسوا هولاند، ولم تقم باسهامات ملموسة لدعم التنمية، محافظة بذلك على المبرر التقليدي للتدخل في الشؤون الداخلية والسياسية للدول، فاينما حل العنف والاقتتال حضرت قواتها وساستها لاملاء ما يجب ان يكون.
  غير انها عملت وعلى مدار ٥٠ سنة على احتضان كل ما يصل الى السلطة ومن يخطط للاطاحة بمن هو في السلطة والمثال واضح وجلي في افريقيا الوسطى حيث كان الرئيس المطاح به فرنسوا بوزيزي صديقا لفرنسا وكان في الوقت ذاته الناطق باسم متمردي السيليكا مقيما بها يحشد الدعم للرئيس الانتقالي جوتوديا، وتواجد المنقلب عليه بوزيزي هذه الايام بباريس بحثا عن الدعم الفرنسي للعودة الى الحكم.
 وصحيح ان الاتحاد الافريقي يعكف على ١٥ ازمة حالية في افريقيا لكن جميع الدول مدركة ان التنمية هي الحل الاساسي، بينما ترى البلدان الغربية، ان الاعانات السنوية التي تقدمها مساهمات في تطوير الاقتصاد، الى جانب الارقام الضخمة للمبادلات التجارية غير الخلاقة للثروة، فدعم الدول الافريقية يكون بالاستثمارات المربحة في البنى التحتية وتوفير مناصب الشغل وتذليل نسب البطالة والفقر.
  ولولا السياسات المجحفة للمتآمرين على افريقيا، لتحققت النهضة المرجوة بشكال باهر، فالغابون مثلا لا يزيد عدد سكانها عن مليون ونصف نسمة ويقدر عدد ايراداتها من البترول ١٣ مليار دولار سنويا واذا اضيفت لها مداخيل الموارد الطبيعية الاخرى فان المستوى المعيشي بها سيناهز الدول المتقدمة لكنها من افقر الدول الافريقية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024