القوة العسكرية الإفريقية للرد السريع على الأزمات

مبادرة تمنح الأفارقة امتياز المبادرة لإرساء الأمن والسلم

حمزة محصول

نبهت الأحداث الأمنية التي عرفتها القارة الإفريقية، خلال النصف الأول من السنة الجارية، وعلى رأسها عملية «سيرفال» بمالي، أعضاء الاتحاد الإفريقي إلى التفكير في اتخاذ آليات جديد لحفظ السلم والأمن، تسمح لهم بامتلاك امتياز المبادرة واحتواء الأزمات بعيدا عن التدخلات الأجنبية، فجاء قرار تشكيل قوة عسكرية للرد السريع، وهي خطوة جدية تنتظر التجسيد الميداني في الأيام القادمة.

فرض مبدأ «إيجاد حلول افريقية للمشاكل الإفريقية»، منطقا جديدا في التعامل مع الأزمات الطارئة، التي تنشأ في ربوع القارة السمراء، خاصة ما يتعلق بظاهرة الإرهاب التي تعرف تنام متصاعد من سنة إلى أخرى، إلى جانب الحروب الأهلية وأعمال العنف الناجمة عن الصراعات العرقية أو السياسية المرتبطة بكرسي الحكم.
واتخذ أغلب أعضاء الاتحاد الإفريقي، بقمة أديس أبابا في الـ27 ماي الماضي، قرارا يقضي بتشكيل قوة عسكرية للرد السريع على الأزمات مثلما أعلن عنه آنذاك مفوض السلم والأمن، رمطان لعمامرة،  وينص القرار على تشكيل القوة من مساهمات تطوعية بالعتاد الحربي واللوجيستي والتكوين، ووحدات عسكرية من قبل الدول القادرة على توفير هذه العناصر الأساسية لنجاعة العمل وتحقيق الأهداف المسطرة.
وجاء الفكرة، بعد التجارب الكثيرة، التي همش فيها صوت الأفارقة أمام الرؤى الغربية التي تفرضها كل من فرنسا المستعمر التقليدي والولايات المتحدة الأمريكية، التي تحاول التموقع للفوز بمزايا اقتصادية، بعدما كان تواجدها يولي الاحتياطات الأمنية القدر الأكبر من الاهتمام.
فبدل أن تكون تابعة تتجاوزها الأحداث في كل مرة، وتكتفي ببيانات الإدانة والشجب أو تعليق عضوية، قررت الدول الإفريقية أن تمتلك زمام المبادرة، وأن تتعامل مع البلدان الغربية كشركاء وداعمين وليس ولاة أمور الشعوب المستضعفة، ومن بين العوامل التي عجلت إلى اتخاذ القرار بتشكيل قوة افريقية للرد السريع على الأزمات، عملية «سيرفال» التي شنتها القوات الفرنسية على الإرهاب في شمال مالي، مطلع العام الجاري، دون أي ترخيص أممي، ما أثار ردود أفعال عديدة عن  نوايا فرنسا، وأهدافها الخفية من وراء التدخل عسكريا.
ورغم تواجد قوات المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا، وبعدد فاق الـ6000 جندي، إلا أنها منحت أدوارا ثانوية اقتصرت على تأمين الخطوط الخلفية، والأكثر من ذلك أنها تعرضت لانتقاد بعض الدبلوماسيين الأمريكيين الذي اعتبروا أنها ضعيفة وغير قادرة على فرض السلم والأمن في مالي، واستغلوا الأمر كنقطة ضعف لدعم تواجد 1100 جندي فرنسي بشكل دائم في مالي إلى جانب القوات الأممية ميونيسما.
  وبما أن الأفارقة هم الأكثر إدراكا وفهما للتحولات التي تعرفها قارتهم فمن الضروري، أن يشرعوا في اتخاذ خطوات جريئة، تعيد الاعتبار للقرار الإفريقي، وباستطاعتهم تحقيق ذلك، نظرا للانسجام السائد بين جميع الدول حول أغلب القضايا، فقد سمح اعترضهم على قرار المحكمة الجنائية الدولية استدعاء الرئيس الكيني المنتخب اوهيروا كينياتا، في القمة الاستثنائية الأخيرة، بتنازل المحكمة عن إرغام المعني حضور الجلسات.
وبالعودة إلى مهام القوة الإفريقية للرد السريع على الأزمات، بعد أن تحدثت أراء عن جدوى هذه القوى، وهناك قوات لتكتلات الجهوية على غرار الايكواس، ودول وسط إفريقيا،  التي تنتشر داخل بعض البلدان كقوات حفظ سلام، يمكن التأكيد على أن هذه الوحدة ستتوفر على إمكانيات حربية وغطاء سياسي أقوى، يتيح لها التصدي للأزمات قبل وقوعها، وإخمادها في أقرب وقت ممكن بعد اندلاعها، وانتهاج أسلوب الحوار والمصالحة الوطنية، لبناء سلام على المدى البعيد، وستكون ركنا متينا في الهندسة الأمنية.
وتدعم الجزائر، قرار تشكيل القوة الإفريقية، حيث دعا وزير الخارجية رمطان لعمامرة، مؤخرا، إلى دعم مجدد من قبل الدول الأعضاء للقرار الذي تم اتخاذه في ماي الماضي واعتبر أن تحقيق المبادرة يحتاج إلى موافقة افريقية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024