بطلة أفريقيا في التجذيف، أمينة روبة لـ «الشعب ويكاند»:

المهمـة لم تكن سهلـة لكني تحديـت الصّعـاب

حوار: نبيلة بوقرين

 المرأة الجزائرية رمز الشجاعة، التحدي والعطاء

 أتمنى أن تتحسن ظروف تحضير الرياضيين مستقبلا

سطع نجمها من عاصمة الغرب الجزائري ليشّع فيما بعد على الوطن كلّه من خلال النتائج الإيجابية التي حققتها على كل الأصعدة محليا، عربيا، أفريقيا، عالميا وأولمبيا، على مدار عديد السنوات، إنها إحدى شبلات الجزائر التي تحدت كل الصعاب لتكتُب إسمها بأحرف من ذهب، ما جعلنا نُسلّط عليها الضوء بمناسبة الإحتفالات الخاصة باليوم العالمي للمرأة.
إبنة الباهية وهران «أمينة روبة» المُختصة في رياضة التجذيف تفتح قلبها في هذا الحوار الشيّق لـ «الشعب ويكاند» وتأخذُنا في جولة حول مسارها الرياضي والخاص منذ البداية والمحطات التي تبقى راسخة في ذاكرتها ونكتشف معا أهدافها المستقبلية التي تطمح إليها.

«الشعب ويكاند»: كيف كانت بداياتك مع عالم الرياضة؟
«أمينة روبة»: بدأت حكايتي مع عالم الرياضة في السادسة من عمري في مطلع التسعينيات رفقة نادي الجمعية الرياضية للمركب العسكري لوهران حيث مارست السّباحة لأن والدتي كانت مدربة في هذا الإختصاص والتنس في آن واحد لأنّ والدي كان مدرب في التنس كما أنّي كنت أحب كثيرا هذين الإختصاصين، وبعدها شاركت في المنافسات الوطنية وحتى الدولية الخاصة بالرياضة المدرسية على غرار أولمبياد الأصاغر الذي نُظّم بمسبح 5 جويلية التابع للمركب الأولمبي بالعاصمة، وعندما إنتقلت إلى طور الثانوي لم أتمكّن من الإلتحاق بالثانوية الرياضية بدرارية لأنني كنت أدرس علوم دقيقة وهذه الشعبة لم تكن في تلك الفترة موجودة بثانوية درارية ما جعلني أستمر في ممارسة الرياضة بوهران وكنت أمثل ثانويتي في رياضة كرة السلة إلى غاية إنتقالي إلى الجامعة سنة 2004 حيث تخصصت الإعلام الآلي. ومن هنا سيكون المنعرج الحقيقي في مشواري الرياضي من كل الجوانب لأنني دخلت عالم الإحراف الحقيقي.
 متى كانت إنطلاقتك الحقيقية في الاحتراف؟
 بما أنني من عائلة رياضية شجّعتني كثيرا على مواصلة المشوار الرياضي بالرغم من أنهم كانوا يُركزُون على الجانب الدراسي لضمان مستقبلي بدليل أنهم كانوا يرافقُونني في كل خطواتي حتى أُحقق نتائج جيدة في الدراسة إلى درجة أنهم كانوا يضغطون من خلال العلامات لكي يسمحون لي بالذهاب للتمارين، وبما أنني كنت مطالبة بذلك حتى يسمحوا لي بالتدريب كنت أحرس دائما أن أكون الأولى في المدرسة حتى أوفق بين الجبهتين في آن واحد، وبما أنني كنت دائما أطمح للتالق في المسار الرياضي عملت كل جهدي لتحقيق ذلك لأنني طموحة وأحب النجاح وتحدى الصعاب والعراقيل لكي أصل لكل أهدافي والدليل واضح من خلال إكمالي للدراسات العليا والنتائج التي أحصدها في الجانب الرياضي، وتشجيع المحيط والزملاء الذين ساندوني بدرجة كبيرة كان له الأثر الإيجابي حيث كان أحد الأصدقاء يملك لوح شراعي كنت أستعيره منه وأجذف به ولما شاهدني كيف أجذف طلب مني التخصص في هذه الرياضة ومن هنا قررت أن اتحول إلى إختصاص التجذيف وكان ذلك عام 2005 في النادي الوهراني ومن هنا كانت انطلاقتي الفعلية مع عالم الاحتراف، حيث حظيت بدعوة المدربة التي كانت تشرف على المنتخب الوطني البلغارية فلاديمي روفا عام 2006.
ما هي أهم المحطات مع المنتخب الوطني؟
 سنة 2007 كانت جد إيجابية بالنسبة لي في مشواري حيث شاركت في عديد المواعيد الدولية من بينها الألعاب المغاربية حققت بها ميداليتين ذهبيتين، الألعاب الأفريقية التي كانت بالجزائر فزت بالميدالية الفضية، بطولة العالم لفئة أقل من 23 سنة  في الوزن الخفيف حققت خلالها المركز 13 عالميا، الألعاب العربية شهر أكتوبر حققت خلالها ذهبية في الخفيف وفضية في الوزن الثقيل، 2008 لم أتمكن من التأهل لأولمبياد بكين لكنني شاركت في سباق دولي بفرنسا في مسافة 6 كلم رفقة المدرب الفرنسي فان سونتا سوري، في 2009 حققت فضية في إختصاص الكاياك خلال البطولة العربية التي جرت وقائعها بمصر، 2010 فزت بالميدالية الذهبية في البطولة الأفريقية بتونس شهر جويلية في إختصاص التجذيف وفي أكتوبر من ذات السنة حققت 3 فضيات في الكاياك، أما عام 2011 حققت أفضل نتيجة على الصعدي العالمي بتواجدي في المركز الخامس خلال كأس العالم بمدينة هامبورغ الألمانية، لكن فيما بعد تعرضت لإصابة جعلتني أحتل المرتبة 11 عالميا ضمن بطولة العالم بسلوفينيا، لكن تداركت الأمور بكسب 3 ذهبيات في البطولة الأفريقية بمصر في إختصاص التجذيف ما سمح لي بالتأهل للألعاب الأولمبية بلندن 2012 لكنني لم أحقق نتيجة جيدة بسبب الإصابة على مستوى الركبة حيث إكتفيت بالمركز 26 ضمن هذا الحدث الكبير الذي يبقى حلم كل رياضي في مشواره، وفي سنوات 2013 و2014 و2015 سيطرت على المنافسة القارية بحصد كل الميداليات الذهبي والحصيلة مازالت طويلة.
 هل بلغت كل الأهداف التي كنت تطمحين لها؟
بالعودة للنتائج التي حقتتها خلال مشواري الرياضي أكيد أنا جد راضية على ما وصلت إليه الآن لأنني شاركت في كل المنافسات على كل الأصعدة العربية، القارية، العالمية وكذا الأولمبية إضافة إلى سيطرتي على الألقاب في التجذيف على الصعيد الوطني لأنني بطلة الجزائر منذ سنة 2007 إلى يومنا هذا، كما أني تمكنت من تحقيق المركز الثامن في منافسة كأس العالم التي جرت بسويسرا سنة 2015 والتي سمحت بالتأهل للمرة الثانية على التوالي للألعاب الأولمبية التي كانت بريو 2016، كما شاركت في عديد الملتقيات الدولية عندما كنت احضر لهذا الحدث منها برونزية في دورة بإيطاليا وذهبية بهولندا في الوزن الخفيف هذه التحضيرات كان لها الأثر الإجابي خلال الحدث الأولمبي لأنني حققت أفضل مرتبة لأنني تأهلت إلى الدور ربع النهائي وبما أن طابع المنافسة يسمح لي بالإستمرار حيث شاركت في النهائي صنف «ب» وأنهيت المنافسة في المركز الثالث بأفضل توقيت في كامل مساري 7 دقائق و46 ثانية، وفي سنوات 2017، 2018، 2019 كنت بطلت أفريقيا جيث تنوعت ألوان الميداليات بين الذهب والبرونز.
 ما هي العراقيل التي واجهتك؟
في البداية كانت الأمور عادية لأنني كنت أحضر بإمكانياتي وفي غالب الأحيان كنت أستغل المنح التي أتحصل عليها من التتويجات التي أحققها في مختلف المنافسات القارية والعالمية لكي أتمكن من القيام بالتربصات في المستوى العالي في الخارج حتى لا أتراجع لأنّ الصعيد العالمي يتطلب إستمرارية في العمل ضمن المستوى العالي، وفي ما بعد أصبحت أُحضّر في الجزائر فقط بداية من سنة 2019 لأنّ التكاليف كبيرة لمّا أتنقل إلى الخارج، وهنا يكمن الإشكال حيث دائما يتوقف كل شيء بعد الأولمبياد أو بطولة العالم لأن الأمور تختلف من رياضي لآخر لكن في الجزائر دائما التدريبات تكون متساوية بين الذين بلغوا المستوى العالي والذين هم في بداية المشوار وهذا خطأ وله إنعكاس سلبي وعلينا أن نكون محترفين مثلما هو عليه الحال في الدول الأخرى لكي نتمكن من مواصلة تحقيق نتائج إيجابية ونرفع الراية الوطنية عاليا في التظاهرات الرياضية على كل الأصعدة، ولهذا أوجه نداء لكل المسؤولين والمعيين من منبركم لكي يهتموا أكثر بالنخبة ويوفروا أمامنا الإمكانيات اللازمة حتى نحضر في أفضل الظروف لقادم المواعيد التي تنتظرنا.
ماذا عن أهدافك المستقبلية خاصة مع الجائحة الصحية؟
 الجائحة كشفت عن عدة جوانب إيجابية حيث كنا نتدرب بشكل جماعي رفقة عديد الإختصاصات على مستوى ولاية وهران لكي لا يتراجع مستوانا ونحافظ على لياقتنا رغم صعوبة المأمورية بالنظر للوضع الخطير الذي كان سائد في تلك الفترة ما أدى إلى غلق كل المنشآت والمرافق الرياضية، إلى غاية عودتنا إلى التدريبات بشكل عادي حيث كنت أحضر في ميلة لعدة أشهر إستعدادا للدورات القادمة من اجل تحقيق التأهل للألعاب الأولمبية بطوكيو 2021 للمرة الثالثة على التوالي بعدما أخفقت في بلوغ ذلك في البطولة الأفريقية الماضية في الزوجي، حيث تنتظرنا دورة بسويسرا سأعمل كل جهدي لكسب ورقة التأهل رغم صعوبة المأمورية بسبب تغيير القوانين.
ما هي أجمل ذكرى في مسارك؟
..: كل الأصدقاء والزملاء الذين رافقوني في مشواري يعتبرون أجمل ذكرى بالنسبة لأنهم كانوا بمثابة نقطة القوة والدافع الذي جعلني أحقق كل تلك المكاسب والنتائج الإيجابية وشرفت ألوان بلدي على غرار عائلتي، مدربي بوشاقور، حسين مزداد، رحمه الله، المدرب جلول، بنيدة مراح التي أعتبرها قدوتي الأولى.
أما بالنسبة للأحداث كانت خلال الألعاب الأولمبية وكنّا نتابع سباق توفيق مخلوفي، وكذلك عندما منحتني اللجنة الأولمبية لقب أفضل رياضية في الجزائرية ثلاث مرات على التوالي 2014، 2015 و2016 كانت بمثابة دافع معنوي كبير وفرحت كثيرا بهذا اللقب وكان شرف كبير بالنسبة لي لحمل هذا الإسم.
 أسوأ ذكرى؟
 لا توجد ذكريات سيئة باستثناء مطالبتي بتوفير الظروف الملائمة من أجل التحضير الجيد ومنحنا الحقوق المشروعة لكي نتمكن من المواصلة حصد النتائج الإيجابية.
 وجهتك لو لم تكن الرياضة؟
 سأكون مهندسة في الإعلام الآلي أي أشتغل بالتخصُّص الذي درست فيه، إضافة إلى أنني أمارس رياضة ألعاب القوى، بدليل أنني كنت بطلة الجزائر في 10 كلم سنة 2020، وفي غالب الأحيان أقود الدراجة وأتجول بها في مختلف شوارع وهران، كما أني أحب كثيرا السفر وحلمي أن أصعد قمة ماتشو بيتشو في البيرو، والقيام بجولة في البحر المتوسط، وكذا النتائج التي حققتها مع نادي بيتيس الإسباني.
كلمة بمناسبة اليوم العالمي للمراة؟
 بمناسبة اليوم العالمي للمرأة أوجه تحية خاصة لكل نساء الجزائر، لأنهن فريدات من خلال المواقف والتحديات والمرأة الجزائرية تبقى دائما رمز للمثابرة والعطاء والنجاح في كل الميادين وفي كل الأوقات، حيث قدمت ومازالت تقدم لحد الآن وستبقى كذلك، وفي نفس الوقت أتمنى المزيد من التألق والنجاح للرياضيات في المواعيد الرياضية القادمة، وأحييّ والدتي التي تعد السند الأول لي دائما.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024