سؤال جواب

الكـــــذب عنــــد الأطفال

يطرح العديد من الأولياء حول ظاهرة الكذب عند الأطفال وعن طريقة تعويده الصدق؟
الكذب عند الأطفال في هذه المرحلة له عدة أسباب، ولا بد أن نعرف هذه الأسباب، ثم نتعامل مع الطفل بحكمة، حتى يُمكننا مساعدته على التخلص من هذا الخلق الذميم.

وقد يكذب الطفل بسبب الخوف من العقاب، وخاصة إن كان ولي الأمر من النوع الذي يضرب أو يعنِّف أو يصرخ في الأبناء، ويعاقبهم بأي نوع من أنواع العقاب المؤذي جسديًّا أو نفسيًّا.
لذلك علينا أن نتعامل مع الطفل بهدوءٍ، ونشرح له السلوك الخطأ، وأثره عليه وعلى الآخرين، ونحبِّب إليه السلوك الصحيح، ونبدأ في اتخاذ أساليبَ أكثر ودية وحميميَّة مع الطفل، بديلة عن العقاب، مثل: التشجيع على قول الصدق، والمكافأة المعنوية عندما يصدُق، وكذلك المكافأة المادية من حين لآخر، ولكن بحدود واعتدال.
ومن أسباب الكذب في مثل هذا العمر أن يكون هناك قدوة سيئة يقلِّدها الطفل، وخاصة إذا كانت هذه القدوة الأم أو الأب أو الكبار الذين يعيشون معه، فالطفل يلتقط سلوكيات المقربين ويقلِّدها بشكل تلقائي، فإن كان في المنزل مَن يتعامل بالكذب، فلينتبه، لأن عيون وعقل وقلب الطفل موجهة نحو سلوكيات المقربين، وكأنها كاميرا تُصوِّر كل ما يراه ليقلده بعد ذلك.
ولننتبه من بعض السلوكيات التي نكذب فيها على أبنائنا، ونتخيل أنها أمور عادية، فمثل هذه السلوكيات تؤصل سلوك الكذب عند الطفل، وتُحسب علينا كذلك كَذِبَة، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في الحديث الذي رواه عامر بن ربيعة؛ فقد قال: «دعتْني أُمي يومًا ورسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قاعدٌ في بيتِنا، فقالتْ: ها تعالَ أُعطيكِ، فقال لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: وما أردتِ أنْ تعطيَهِ؟ قالتْ: أُعطيهِ تمرًا، فقال لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أما إنكِ لو لمْ تُعطيهِ شيئًا كُتبتْ عليكِ كَذِبةٌ» (صحيح أبي داود).
ومن الأسباب التي تدفع الأطفال كذلكِ للكذب محاولةُ لفت أنظار المحيطين، وخاصة إذا كان هذا الطفل يعاني من الانتقاد المستمر لسلوكياته، أو قدراته، أو مستواه الدراسي، أو يفتقد الحب والحنان والتقبُّل من الآخرين.
وقد يكذب الطفل بسبب الغيرة من إخوته الصغار أو الكبار، أو بسبب التوقعات الكبيرة منه التي تفُوق عمره أو مستواه أو قدراته، لذلك عليكم معرفة سبب كذبه، ومعالجته بالحسنى واللين والرفق، والابتعاد عن الضرب، وإشباع الطفل نفسيًّا بالحب والحنان والتقبل.
واحرِصوا على عدم وصفه بالكاذب، بل حاولوا اصطياد المرات التي يتسم فيها بالصدق، وأطلقوا عليه وقتها لقب الصادق، فإن لذلك مردودًا إيجابيًّا جميلًا عليه وعلى تدريبه على الصدق.
استعينوا كذلك بشرح القصص الإيجابية التي تحمل أخبار الصادقين وجزاءَهم، سواء كانت هذه القصص تخيلية، كالقصص على ألسنة الحيوانات، أو القصص الحقيقية التي وردت في القرآن والسنة، ومنها قصة كعب بن مالك في سورة التوبة، فللقصص أثرٌ كبير على نفوس الصغار والكبار، وعلى تثبيت القيم الإيجابية والأخلاق الحسنة لديهم.
والتهذيب لا ينتج عن العقاب كما هو شائع، بل تُشير الدراسات إلى أنّ نشأة الطفل في بيئةٍ تستخدم العقاب كوسيلةٍ للإصلاح، لا تُحقق هدفها في معظم الأحيان.
إذ أنّ الاستخدام المُتواصل للعقاب كأسلوب للتربية داخل الأُسرة، يقود إلى التمرّد والغضب والنفور عند بلوغ الابن لمرحلة يشعر فيها باستقلاليته، أو حين تنقلب موازين السُلطة في العائلة وحين يجدُ الابنُ نفسَه قادرًا على التحدّي والرفض. لذلك يكون استيعاب الابن، والحوار الهادئ، أحد الطرائق المُثلى لاحتواء الكذب وتقليله.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024