أطلقت مشروع «لبنة» للتّأهيل الزّواجـي..حريشان تؤكّـــد:

الأســرة السّعيـدة أسـاس المجتمع السّـــوي

القيــم العليـا، الحـوار، الحــب والتّفاهـم..

 تبنّت جمعية «حورية» للمرأة الجزائرية مشروع «لبنة» للتأهيل الزواجي، لإعطاء المقبلين على الزواج أو المتزوّجين حديثا المفاهيم والقيم الصحية، لبناء أسرة سويّة بعيدا عن اضطرابات قد تكون انعكاساتها كارثية على المجتمع، بسبب الانفصال أو التصدع العائلي بعد الطلاق، الذي يعتبر حالة اجتماعية تنشأ عند فشل الزوجين في الانسجام والتفاهم، وإمكانية التعايش ولو بالحدود الدنيا تحت سقف واحد.

  
 يشكّل هذا الانحلال خطرا يهدّد استقرار الأسرة، لما يخلفه من آثار سلبية تمس المجتمع وأفراده، وهو نوع من التفكك الأسري وانهيار الوحدة الأسرية، وانحلال بناء الأدوار الاجتماعية المرتبطة بها، حيث يضرب الانفصال الأسري جوهر الروابط الاجتماعية.
ولعل ما نشهده من مشاكل وتحول جذري في أساسياته خير دليل على ذلك، حيث تسبب في اغتراب وسط أفراده وفي صراع واضح بين أجيال تربت على قيم ومفاهيم مغايرة لتلك السائدة منذ عقدين من الزمن، لذلك كان لا بد من أخذ خطوة نحو إعادة الأمور أو العلاقات الاجتماعية الى نصابها، ولأنّ الأسرة هي النواة الأولى لتماسك بنيانه وقوته، كان لزاما تخصيصها بالاهتمام والرعاية، من خلال إعطاء الأزواج المفاهيم والقيم والمبادئ الأساسية لبناء أسرة مستقرة.
الوقوف عند أسباب الانفصال والتشتت الأسري بمختلف صوره، والبحث الدائم عن الحلول لمواجهته، سيمكّن من تحقيق وقاية المجتمع من مسبباته المختلفة، ولعل أهم الآليات والطرق التي أثبتت نجاعتها في مختلف الدول العربية، برامج التأهيل الزواجي من أجل اكتساب أهم المهارات الزواجية التي «من شأنها تقوية الروابط بين الزوجين من خلال تقريب وجهات النظر حول القضايا المصيرية للأسرة، وتقوية الروابط العاطفية بينهما بما يحقق التوافق الزواجي والأسري عموما، من خلال تكريس الحوار بين الزوجين خاصة، وبين كل أفراد الأسرة «الأبناء»، أسلوب يعتبره المختصّون فعّالا في معالجة مشكلات الأسرة.
أرقام تُحذّر..
 أشارت إحصائيات وزارة العدل، نشرت شهر جانفي الماضي متعلقة بالطلاق والخلع، إلى أن أرقام فك الرابطة الزوجية الخاصة تشير الى تسجيل 44 ألف حالة طلاق في السداسي الأول من 2021 المنقضية، وأكثر من 10 ألاف حالة خلع خلال الفترة ذاتها، وكادت أن تعادل هذه الأرقام الصادمة المعدلات السنوية المسجلة في الأعوام الماضية، ففي 2020 سجلت الوزارة 66 ألف حالة طلاق، فيما لم يتجاوز العدد 65 ألف حالة في 2019، وبالنسبة لإحصاءات النساء اللواتي خلعن أزواجهن، فقد كانت لا تتعدّى 13 ألف حالة في 2019، مقابل 15 ألف في 2020.
تحذّر الأرقام من ظاهرة تتنامى سنة بعد سنة، وصلت الى درجة طلب الطلاق أو الخلع لأسباب واهية وتافهة لا تتلاءم وتبعات الطلاق السلبية للزوجين والأسرة والمجتمع بصفة عامة.  
حريشان: «لبنة» للتّأهيل الزّواجي
قالت رئيسة جمعية «حورية» للمرأة الجزائرية عتيقة حريشان في اتصال مع «الشعب»، إن إطلاق مشروع «لبنة» للتأهيل الزواجي، مرتبط بالرؤية والأهداف التي سطرتها الجمعية من أجل استقرار الأسرة وحمايتها، ويأتي بعد تسجيل ارتفاع محسوس في نسبة فك رباط الزوجية سواء كان طلاقا أو خلعا داخل المجتمع الجزائري.
ويهدف المشروع الى تكوين المقبلين على الزواج، ومرافقة الأسر الحديثة النشأة من أجل نشر القيم والمفاهيم الصحيحة للعلاقة الزوجية، ولبناء أسر مستقرة مبنية على الحوار، الحب والتفاهم، فيما سطّرت إدارة المشروع هدف تكوين ما يفوق 16 ألف شاب وشابة على مدى خمس سنوات.
وكانت انطلاقته الأولى في 2018، بفتح دورات تدريبية انقسمت الى قسمين، الأول تكوين مدربات في العلاقات الزوجية والتأهيل الأسري يتكفل بتدريب المقبلين على الزواج، والثاني متعلق بتكوين مدربات في التأهيل الصحي والنفسي.
وانطلقت المرحلة الأولى في 2019، حيث عكفت على تدريب متخصصات في التأهيل الزواجي على مدى سنة كاملة، تم انتقاء المدربات من خلال لقاء مباشر مع مدربين ومستشارين في المجال، لتتخرج 62 مدربة مع نهاية 2021، 30 منها في العلاقات الزوجية و32 في الجانب الصحي والنفسي، ذات تخصصات مختلفة كعلم النفس وعلم الاجتماع، وكل تخصص له علاقة مع التدريب والإرشاد.
وأشارت حريشان إلى أن المتدربات تلقين مجموعة من الدورات في الجانب الشرعي والصحي والنفسي، بالإضافة الى دورات في الاقتصاد المنزلي، لتنطلق مباشرة في 2022 الدورات التكوينية لعموم الشباب والشابات التي تؤطرها تلك المتدربات، حيث تم تسجيل حضور 150 شابة وشاب في مختلف ولايات الوطن المعنية بالدورات التدريبية، في انتظار تعميمها على جميع ولايات الوطن.
الأسرة عامل استقرار
في الوقت نفسه، أبرزت المتحدثة أن المشروع مستوحى من تجارب في دول مختلفة مثل ماليزيا، التي أثبت فيها مشروع التأهيل الزواجي نجاعته، بالتخفيف من نسب المشاكل الأسرية وكذا من نسبة الطلاق.
فقد تمّ خفض نسبة الطلاق فيها بنسبة كبيرة نظرا لتصحيح المفاهيم الخاطئة حول علاقة المرأة بالرجل والزوج بالزوجة والعكس وتربية الأبناء، مؤكدة أن هذه الدورات لاقت إقبالا لافتا خاصة من الفتيات، وتعكف إدارة «لبنة» حاليا على تعميم هذه الدورات على مختلف الفروع والولايات حتى يستفيد الشباب منها.
الى جانب هذه الدورات التدريبية، تخصص جمعية «حورية» للمرأة الجزائرية ورشات للإرشاد الأسري، يستفيد منها المقبلون على الزواج أو حديثو الزّواج، بل حتى أولئك المتزوجين منذ مدة من أجل وضع الرابط المقدس على السكة الصحيحة لبناء مجتمع سوي ومستقر، تشكّل نواته الأولى «الأسرة» عامل استقرار لا اضطراب.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024