خريـف فـي معسكر

موسم صناعة المنتجات المصنّعة يدويا في البيت

معسكر: أم الخير- س­

يحتل موسم الخريف مكانة اقتصادية مميزة في تركيبة المجتمع المحلي بمعسكر، فهو موسم الحرث والبذر والتحضير للسنة الفلاحية الجديدة، وموسم استغلال وتخزين المنتجات الفلاحية الصيفية، هذه الأخيرة لها مكانتها في البيوت المعسكرية رغم ريح العصرنة التي غيّرت الكثير من ملامح التقاليد الاجتماعية ذات الصلة بتحضيرات فصل الخريف.

تستغل ربات البيوت بولاية معسكر، حلول موسم الخريف في تجهيز مطابخهن بأجود المأكولات والصلصات والفواكه الموسمية القابلة للتجفيف والتخزين على غرار تجفيف العنب وطحن البذور وتحويل الطماطم، استعدادا لمواسم أخرى تلتهب فيها أسعار مختلف الأغذية والمواد الفلاحية، بل أن هذه التحضيرات خرجت عن نطاقها المعيشي وتحوّلت إلى مجال حرفي وصناعي مبتكر، يدر مداخيل لا بأس بها للنساء الماكثات في البيت.
مع نهاية موسم الحرارة، يرتفع انتاج الطماطم الموسمية، ما يؤثر على سعرها في الاسواق والمحلات، ويسهل توفرها لدى كل العائلات بعد أن وصلت أسعارها في السوق إلى 200-250 دج في الأشهر الماضية، ولذلك تضطر الكثير من ربات البيوت إلى تخزين هذا المنتج الفلاحي الذي يطلق عليه الفلاحون تسمية «الجنية» لعدة اعتبارات مرتبطة بالسعر والمناخ الملائم لجودة المنتوج وحتى الليالي القمرية التي يعتقد الفلاحون أنها الليالي التي تحمرّ فيها حبات الطماطم.  
وتعتبر الطماطم المجففة والطماطم المصبرة يدويا من أبرز المنتجات المنزلية التي تلاقي رواجا في هذه الفترة من موسم الخريف، تعمل ربات البيوت على تحضيرها في البيت يدويا وتخزينها لاستغلالها في الطبخ طيلة السنة، ومنهن من يعتبر هذه المواد المحضرة في البيت بديلا صحيا عن الطماطم الصناعية ومنهن من يعتمد عليها في الحصول على مداخيل تعينها على شقاء المعيشة.  
تقول السيدة «عربية» ربة بيت من ريف مدينة معسكر، أنها تصنع أجود الطماطم المصبرة يدويا في المنزل وتسوقها بمبلغ يصل إلى 700 دج لما تساوي كميته وزن قارورة لتعبئة السوائل من 5 لتر، إضافة إلى الطماطم المجففة التي يصل سعرها إلى 400 دج للكلغ الواحد، وهي مبالغ جيدة بالنسبة لمحدثتنا، مقارنة مع أسعار المادة الاولية متمثلة في منتوج الطماطم الذي وصل سعره الى 25 دج للكلغ الواحد، موضحة أنها تختار الفترة المناسبة لوفرة المنتوج، حتى يكون هامش الربح من هذه المنتجات المحضرة منزليا كبيرا، فضلا عن توفر العوامل المناخية الملائمة لعملية التجفيف المحددة بالأسابيع الأخيرة لفصل الصيف.
وأشارت السيدة «عربية»، أن السعر الحالي للمواد المحضرة في البيت مرشح دائما للارتفاع، مع توالي موسم الشتاء والربيع وحلول شهر رمضان الكريم، حيث يرتفع الطلب على هذه المواد المحضرة يدويا في البيت في هذه الفترة بالضبط، فترتفع اسعارها لتزيد عن 1000 دج، موضحة أن المواد المحضرة في البيت بطرق تقليدية قابلة للتخزين لمدة تزيد عن العام الواحد، كما أنها صحية ولا تحتوي على ملونات أو مواد حافظة صناعية.
وأدخل على طرق تحضير المنتجات المنزلية الطبيعية الصنع، عدة ابتكارات على أيادي النساء الريفيات والماكثات في البيوت، مصدرها ابحار هؤلاء النسوة في عالم الانترنت بحثا عن وصفات عصرية لتلبية احتياجات زبوناتهن من نفس الجنس، لاسيما النساء العاملات اللواتي لا يمتلكن الوقت الكافي لأشغال المطبخ وتحضيرات الخريف، أو النساء الذواقات للأطعمة التقليدية المشبعة بعبق الماضي والموروث الثقافي المادي واللامادي.
وبالنسبة لمحدثتنا السيدة «عربية «، فإن الهدف الأساسي من امتهانها لهذه الصناعة المنزلية هو الحصول على بعض المال لإعالة أسرتها، فضلا أن ما تشتغل به صار مليئا بشغف الإبداع في تنويع الأذواق، زيادة على ذلك فهو صناعة غذائية طبيعية صحية، تجنبنا الكثير من الأمراض والتسممات، ولذلك اعتمدت مؤخرا على إدخال مواد فلاحية جديدة على وصفات تحضير الطماطم المصبرة (معجون الطماطم)، منها منتوج الشمندر الأحمر الذي يعطي لونا عميقا وكثافة للطماطم المصبرة، زيادة على تشبعه بالفيتامينات المفيدة للصحة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024