التشخيص المبكر للحد من العدوى.. كواش

غياب ثقافة الوقاية يزيد من احتمال الإصابة

فتيحة كلواز

 وسم “الايدز” بـ “الطابو” يكلف المجتمع إصــابات جديـــدة  

العلاقات المحرمة ليست الأسبـــاب الوحيدة الناقلـة للعدوى 

غفلــة المجتمع عن أسبـاب نقل العدوى تكلفه وعيه ويقظته

في يومه العالمي، مازال “الايدز” في الجزائر أحد الطابوهات التي يطبق عليها المجتمع بقوة حتى تحوّل الى المرض “العار”، ما جعل كثيرين يرفضون اجراء التحاليل اللازمة للكشف عن الإصابة، وبالرغم من السرية التي تحيط بهوية الأشخاص الذين يخضعون للعلاج، يرفض كثيرون اجراءها خوفا من مجتمع سيحكم بانتفاء عضويتهم الاجتماعية، بمجرد التأكد من إصابتهم، مع وسمهم بـ«المنبوذين” ما يضعهم على هامش الدورة الحياتية للمجتمع سواء كان عائلة أو محيط.

تسجل الجزائر معدلا سنويا يبلغ 1700 اصابة جديدة بفيروس “الايدز” بحسب آخر الاحصائيات المعلنة من طرف وزارة الصحة، حيث يشمل عموما الفئة العمرية بين 24 و49 سنة، من كلا الجنسين الإناث والذكور، ربما هو عدد قليل بالمقارنة مع ما تسجله بعض الدول من إصابات جديدة بالمرض، لكن لا بد من وضع خطة محددة للحد من تنامي عدد الإصابات خاصة إذا علمنا ان حاملي الفيروس لا تظهر عليهم اعراض يعيشون حياتهم بصفة عادية، ما يجعلهم بمثابة “مركز عدوى” متنقل بين الافراد، خاصة إذا علمنا ان أسباب الانتقال ليست فقط علاقات غير شرعية، بل ينتقل أيضا عن طريق الدم فاستعمال شفرة حلاقة مستعملة من مصاب بـ«الايدز”، يعدّ سببا مباشرا في الإصابة، ونفس الشيء بالنسبة للحقن أو علاقات جنسية في اطار الزواج، يكون أحد الزوجين حاملا للفيروس.
وقد أثبتت المعاينة الميدانية لحالات الإصابة ان أكثر من 90 بالمائة من إصابة النساء بالإيدز في الجزائر سببها زوج حامل للفيروس أو مصابة به، لكن أغلبهن تجد أنفسهن في مواجهة مجتمع يرفض الحقيقة العلمية والطبية ليبرر وسم تلك الزوجة المصابة بالعار، بل أكثر من ذلك تطلق المرأة وترمى خارجا بسبب ذنب لم تقترفه.
لذلك حتى وان توفر الجزائر لمرضى الايدز العلاج المجاني والتكفل التام بحالتهم الصحية تبقى مهمة نشر ثقافة صحية وقائية الشق الأصعب في تعاملها مع هذا الداء، بالنظر الى وسم “العار” الذي ألصقه به المجتمع، فمثل هذه الخطوة ستسمح بإعطاء المجتمع معلومات صحيحة عن المرض، حقيقة ان العلاقات الجنسية أهم ناقل له، لكن ليست المحرمة فقط بل حتى الشرعية إن كان أحد الزوجين مصابا أو حاملا للفيروس، بالإضافة الى الدم الذي يجعل نقله نشر العدوى مهمة سهلة في غياب الوقاية والحذر واليقظة اتجاه ضرورة الاستعمال الفردي أو الوحيد للآلات الحادة كشفرات الحلاقة والحقن.  
وحتى نعي الأمر جيدا، يجب ان نعلم ان الإدمان على المخدرات أيضا طريق سهل نحو الإصابة بالإيدز، ففي حالات سجلت بالجزائر أصيب مراهق لا يتجاوز سنه الـ15 سنة بالإيدز بسبب حقنة مخدرات استعملها أصدقاؤه المدمنون، بعد هروبه من منزل وهو لا يتجاوز سن 12 سنة، فكان لجوؤه للشارع ليحميه من تعنيف أسرته، سببا في هلاكه.
ويمكن القول انه غالبا ما يكون الاستهتار ولا مبالاة وغياب الثقافة الصحية سببا في انتشار العدوى، خاصة وان المصابين مجبرون على إخفاء هويتهم ليكونوا بمثابة “الذئب المنفرد” الذي ينشر العدوى دون ان يلاحظه أحد، لذلك أول خطوة للوقاية داخل المجتمع هو قبوله وجود المرض وسط أفراده حتى نستطيع تجاوز “الطابو” والخروج الى العلن من أجل العلاج ومنع انتشار العدوى، والتوجه بالتالي الى مرحلة جديدة نعزل فيها العدوى والمرض ولا نعزل الافراد المصابين بالعدوى.
كواش: الوقاية أولاً..  
في اتصال مع “الشعب”، قال المختص في الصحة العمومية الدكتور امحمد كواش ان “الايدز” فيروس خطير جدا لتسببه في فقدان الانسان أو المصاب لمناعته المكتسبة من اللقاحات المختلفة أو تلك الموروثة من الأم، ينتقل غالبا عن طريق العلاقات الجنسية، لكن وجب التنبيه هنا أنها ليست الطريقة الوحيدة لأنه ينتقل أيضا عبر مجموعة من الوسائل التي أصبح استعمالها واسعا منها آات الحلاقة، الحجامة وحقن المخدرات التي يتداول عليها المدمنون بحيث يكون استعمالها جماعي، الاقراط، الحقن غير المعقمة، قاعات الحلاقة عند استعمال شفرات غير معقمة، لذلك وجب الانتباه واستعمال الأشياء فرديا لأن الفيروس ينتقل عن طريق الدم أيضا وهو ما يغفل عنه كثير من الافراد.
ونبه المتحدث أيضا الى أهمية التشخيص المبكر للفيروس لأن الكثير من الأشخاص هم حاملين للفيروس ومصابون بالإيدز دون يعرفوا بذلك، فيمكن ان يشعر المصاب بأنه بصحة جيدة رغم إصابته بالمرض، وعليه يمكن للتشخيص المبكر ان يحد من الإصابات من خلال خضوع المصاب للعلاج قبل نقله للعدوى.
وعن واقع الداء في الجزائر، أكد كواش وجود حالات كثيرة تسجل سنويا واصفا الوضع بـ ليس بالخطير لكنه في المقابل مقلق، على ضوء غياب ثقافة الوقاية بين المواطنين، موضحا ان الجزائر تتكفل بمرضى “الايدز” من خلال التشخيص والقيام بالتحاليل لكل الأشخاص خاصة ما قبل الزواج، أو أي شخص يشك في اصابته بالمرض أو يريد القيام بالتحاليل الخاصة به، من أجل رفع مستوى التشخيص المبكر الذي يقي المصاب من تدهور صحي خطير قد يهدد حياته.
في الوقت نفسه لاحظ الدكتور ان الكثير من الأشخاص حاملين للفيروس ولا يعلمون بذلك ما يجعلهم سببا مباشرا في نشر العدوى، لذلك وجبت اليقظة من خلال الوقاية من الامراض الجنسية المختلفة والحذر من كل ما من سبيله نقل العدوى كشفرات الحلاقة والحقن.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024