مُرتبطة بالمورُوث الاجتماعي للجزائريّين

«التّويزة” لجني الزيتون واستحضار عادات وتقاليد الأجداد

باتنة: حمزة لموشي

 تعيش ولاية باتنة خاصة مناطقها الجنوبية في الآونة الأخيرة حملة “اجتماعية” لجني الزيتون، الذي تشتهر به الولاية، في ظل الإنتاج المعتبر لهذه الشعبة الفلاحية ومشتقاتها، خاصة ما تعلق بزيت الزيتون، الذي يتميز بجودة عالية جعلته محل إقبال منقطع النظير من طرف مختلف سكان عدة ولايات مجاورة.
 تحتل الولاية باتنة المرتبة 6 وطنيا في إنتاج الزيتون، الذي شهد ارتفاعا ملحوظا بفضل الدعم الذي تقدمه الدولة للفلاحين، وكذا إصرار منتجي هذه الشعبة على رفع التحدي، وتحقيق إنتاج هام لبلوغ نصف مليون قنطار من الزيتون، حسب ما أفادت به مصادر من مصالح مديرية الفلاحة التي تأمل في تساقط الأمطار وانقاذ الموسم الفلاحي الحالي.
وتتميز ولاية باتنة بحرص أصحاب بساتين الزيتون على جنيه بتنظيم حملات جني منظمة يغلب عليها الطابع الاجتماعي والتكافلي، بعد عزوف الشباب عن الاستثمار في زراعة الزيتون أين أصبحت هذه الشعبة تُواجه تحديات كبيرة رغم حرص الفلاحين على الحفاظ عليها سواء من خلال توسيع مساحات الزرع أو طرق الجني.
في هذا الصدد، أكد بعض الفلاحين على أنّهم يضطرون إلى الاستنجاد بعائلاتهم وأقاربهم في ما يعرف بـ “التويزة”، من أجل ضمان قطف الزيتون قبل تلفه مقابل أخذ نسبة معينة من المحصول الذي تم جمعه وهي عادة مُتوارثة عن الأجداد، تعكس حسب عمي محمد من منطقة غاصرو بساطة أهلها وتضامنهم في حملات الجني، وتبيّن مدى تعلقهم بهذه الشجرة المباركة لما لها من فائدة صحية كبيرة، فضلا عن كونها مصدر رزق لهم.
وتستعيد حقول وبساتين الزيتون حيويتها كل سنة، عندما يشرع الفلاحون وعائلاتهم في حملات جني حبات الزيتون، حاملين معهم مختلف الأدوات الضرورية لعملية الجني من سلالم وقماش مشمع ومناشير ومقصات وأمشاط وصناديق وغيرها، ما يضفي منظرا بهيجا على البساتين، يعكس تعلق فلاحي الأوراس بأراضيهم وبالزيتون خاصة.
وتعتبر شجرة الزيتون المباركة عند فلاحي الجهة الغربية لولاية باتنة، كسفيان، نقاوس، أولاد سي سليمان...باعتبارها أكثر المناطق إنتاجا لهذه الشعبة، مُهمة لأنّها مُرتبطة بالإرث الإجتماعي والموروث الثقافي والتاريخي للمنطقة، كون عملية الجني لها مكانة اجتماعية واقتصادية خاصة في حياة سكان الأوراس، ناهيك عن توفير مناصب شغل موسمية للبطالين الذين يعملون على نقل وتحويل الزيتون، والتي تتم عادة بتعاون وتضافر جهود مجموعة من العائلات بالمنطقة.
ويتم جني الزيتون عبر حملات جماعية، تجتمع بعض العائلات وتتفق على جني زيتون عائلة واحدة أين تتجند منذ الصباح الباكر، وتقتسم المهام بين قاطف وجامع له ومؤطر للعملية، وينقل كبار السن هاته الحرفة لأبنائهم من خلال إعطائهم رفقة أصدقائهم وجيرانهم شجرة يكلفون بقطف زيتونها كاملا بعد أن يلقنوهم الطرقة المثلى والجيدة لقطف الزيتون دون إتلافه، وبشكل يحافظ على الشجرة وعلى الزيتون.
وبعد عملية القطف يتم جمع الزيتون في صناديق صغيرة بعد تصنيفها كل حسب نوعيته فالزيتون البسكري، والصغير الحجم يوجه للمائدة وهو زيتون يميل للون البنفسجي الداكن، أما الزيتون المعروف بالسيكواز فيوجه مباشرة للتصبير نظرا لجودته العالية، وتستمر عملية جني الزيتون على هذا المنوال بشكل يومي إلى أن يتم قطف كامل الزيتون من البستان.
وفي هذا الشأن، أوضح عمي محمد أنّ طريقة جني الزيتون الخاطئة، وتأخر العصر يجعل نوعية المنتوج رديئة، داعيا الفلاحين والمستهلين إلى التقرب من المهنيين لمعرفة طرق وتقنيات جني الغلة، وكيفية الحفاظ عليها لتكون زيتا ذات جودة ونوعية ومذاق جيد، مؤكدا أن شجرة الزيتون فرعها طيب ومعروفة بخضوعها للتناوب الفصلي، معبرا عن تفاؤله خيرا بمردود السنة المقبلة الذين سيكون أوفر، لاسيما أثر التساقطات المعتبرة المسجلة مؤخرا.
في المقابل، أكّد بعض الفلاحين أنّ السبب الرئيسي في تراجع إنتاج الزيتون وندرته، نقص مياه السقي الفلاحي، حيث يضطر الفلاحون إلى استئجار صهاريج مائية بأثمان باهظة، وهو ما لا يقدرون عليه بسبب غلاء تلك الصهاريج من جهة، وشساعة أراضيهم الفلاحية من جهة أخرى، حيث يطالب المعنيون بدعم السلطات المحلية من خلال منحهم رخص حفر الآبار الارتوازية بالمنطقة لضمان توفر المياه، ما يضمن حسبهم بقاء إنتاج هذه الشعبة المهمة جدا في الإقتصاد المحلي والوطني.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024