احذر أن تكون أسيرا لها

إذا كان أثرها إيجابيا أو سلبيا كن ذكيا في التّعامل معها

رفاه نفسي

الذّكريات يمكن الاستفادة منها لصناعة المستقبل

عند المرور بأماكن قضيت فيها أوقاتا سعيدة في طفولتك، أو عند شمّ عطر مرتبط لديك بأوقات مضت، أو عند التعرض لأي شيء يستفز ذاكرتك، تبدأ الذكريات والمشاعر المرتبطة بها تنهمر عليك، فتشعر بالحنين لهذه اللحظات وتنتابك المشاعر ذاتها كأن اللحظة تعاد من جديد، هذا الحنين إلى الماضي أو ما يسمى بـ «النوستالجيا» والمشاعر التي تغمرك مع تذكر الأوقات السابقة ليس شيئا عابرا فحسب، بل له تأثير إيجابي وفعال في تحسين صحتنا النفسية.


 يتعلق الحنين إلى الماضي عادة بالذكريات المهمة، مثل الذكرى السنوية لحدث مهم، وأعياد الميلاد، واللحظات المميزة في حياتنا منذ الطفولة التي تشاركناها مع أفراد الأسرة والأصدقاء، وشعرنا خلالها بالدفء والرضا والحنان والفرح، ومع استذكارها قد تنتابك الآن المشاعر نفسها، وتشعر بدفء في قلبك ينتشر أثره في جميع أنحاء جسمك، وقد تدرك أنك تبتسم الآن مع تذكر هذه اللحظات.
ويساعد هذا الاتصال بالماضي على الشعور بالأمان والاتصال مع أحبائنا، وذلك يعزّز ثقتنا لمقاومة التحديات الحالية، ويساعد في تخفيف المشاعر السلبية، فكيف يمكن أن تساعدك رحلة قصيرة بقطار الذكريات في تحسين صحتك النفسية، وما الآثار السلبية للحنين إلى الماضي التي عليك الحذر منها؟
وخلصت دراسة حديثة نُشرت في مجلة «علم النفس الاجتماعي التجريبي» العلمية، إلى أن رحلة قصيرة في ذكرياتنا يمكن أن تزيد شعورنا بالأصالة والألفة، وذلك يعزز الرفاه النفسي، وعرفت الدراسة الأصالة بأنها شعور المرء بالاتساق مع ذاته الحقيقية.
وتحسن الأصالة الناتجة عن الحنين إلى الماضي من صحتنا النفسية، إذ تؤثر إيجابيا على العلاقات الاجتماعية، ومستوى النشاط والحيوية، والكفاءة، وتزيد من التفاؤل، وتساعد على امتلاك معنى للحياة، وكل ذلك ينعكس على الحالة النفسية.
وفقًا لدراسة نُشرت في «المكتبة الوطنية للطب» في الولايات المتحدة، فإن الحنين إلى الماضي هو عاطفة توثق علاقتنا بالآخرين، وتعزز الترابط الاجتماعي.
ويساعدك استدعاء الذكريات وأنت برفقة أهلك وأصدقائك، ومشاهدة مقاطع الفيديو لطفولتك وصورك القديمة على الشعور بأنك أقرب وأكثر اتصالا مع من يشاركونك هذه اللحظات، ويقوي ارتباطك بهم.
ووفقًا لدراسة نُشرت في مجلة «الوعي والإدراك»، يساعد الحنين إلى الماضي في تحسين المزاج وتعزيز المشاعر الإيجابية، فإذا كنت مغمورا بالمشاعر السلبية يمكن لاستدعاء الذكريات السعيدة أن يساعدك في تهدئة نفسك، وتخفيف حدة هذه المشاعر مؤقتا.
وأشارت أبحاث إلى أن الحنين إلى الماضي زاد أثناء فترة انتشار فيروس كورونا، وساعد على تهدئة الأفراد وتحسين مزاجهم خلال أوقات العزلة، وفقا لمجلة «الأمراض العصبية والعقلية».
وتقول وودهاوس إنّ الحنين إلى الماضي يمكن أن يكون مقياسا يظهر لنا مدى تقدمنا وتطورنا الذاتي والتغيير الذي حدث لنا بمرور الوقت، فلا يحدث التغيير بين عشية وضحاها، وتضيف أن «تذكّر الماضي يساعدنا على الاستفادة من التجارب السابقة ومعرفة كيف تطورنا حتى أصبحنا ما نحن عليه الآن».
أحيانا نمر بحدث ما ونشعر بالحنين إليه بينما لا نزال خلاله، فهل سبق لك أن كنت في خضم لحظات سعيدة وراودتك أفكار أن هذه اللحظات بمشاعرها ستصبح ذكرى سعيدة وتود الاحتفاظ بها، والتركيز في تفاصيلها لتبقى معك في المستقبل، فهذا ما يسمى بالحنين الاستباقي الذي يسمح لنا بالتوقف وإدراك سحر اللحظات الفريدة في حياتنا والاحتفاظ بها لتساعدنا في المستقبل.
ويساعدنا الحنين الاستباقي على البقاء يقظين هنا والآن، وحاضرين بعقولنا ومشاعرنا في الوقت الحالي والاستمتاع بالحدث، ويزيد شعورنا بالتقدير للأوقات الإيجابية ولمن يشاركونا هذه اللحظات، وللأماكن التي تشهد ذكرياتنا الفارقة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024