الحــرف والصّناعـات التقليدية بالجزائر

مرآة عاكسة للهويّة الثّقافية الوطنية

رابح سلطاني

لطالما شكّل قطاع الحرف والصناعات التقليدية بالجزائر، أحد أهم وأبرز القطاعات المتصلة بالهوية الوطنية، لارتباطها بمصدر ومبعث هام للحفاظ على الهوية الثقافية الجزائرية يصون مقومات الشخصية الوطنية، تكتنز أبعاد أصالة الهوية الثقافية للمجتمع الجزائري، وتشكل رافدا مهما للاستثمار باعتبارها مصدرا هاما لبعث التنمية الاقتصادية لما تزخر به الجزائر من مخزون ثقافي ثري ومتنوع.

 يشكّل التّنوّع في منتجات الصناعات التقليدية بالجزائر، مرآة عاكسة للهوية الثقافية في الجزائر، يظهر في الحرف التقليدية المتناقلة إليها جيلا بعد جيل فهي الموروث الثقافي وهي الاقتصاد، وهي علم الاجتماع الذي يؤرخ تاريخ الأمة الجزائرية ويحفظ هويتها الثقافية، يظهر من خلال التحف والصناعات الحرفية المعروض في مختلف المناسبات والتظاهرات العالمية.
واعتبر مدير دار الصناعات التقليدية والحرف محمد شنوف  في تصريح لـ “الشعب”، بأنّ المنتج الحرفي الثقافي في الجزائر يعكس الصورة الحقيقية للمجتمع الجزائري، فهي التراث والهوية الثقافية لما تتضمنه من موروث مادي متعدد يشمل التراث المادي وغير المادي، يتجلى في ميادينه الثلاث؛ الصناعة التقليدية الفنية، والصناعة التقليدية لإنتاج المواد، والصناعة التقليدية لإنتاج الخدمات، وارتباطه بكل القطاعات الأخرى تقريبا، منها الثقافة والاقتصاد وعلم الاجتماع.
في السياق، أشار إلى مدى حرص واهتمام السلطات بهذا القطاع، من خلال فتحها العديد من الورشات البحثية لإعطاء القطاع دفعة قوية والتمسك أكثر بالهوية الثقافية والتقليدية، والعمل على إعطاء شريحة الحرفيين والفنيين علامة الأصالة للصناعات الجزائرية المحلية، وهو ما يتم الاشتغال عليه فعليا من خلال  الحملات التحسيسية التي  نسعى من خلالها إلى تحسيس أكبر عدد ممكن من شريحة الحرفيين بتلك التسهيلات والآليات التي وفرتها الدولة في هذا السياق بما فيها أجهزة الدعم والاستثمار في المؤسسات الناشئة، قصد تدارك وارشاد هذه الشريحة المهمة ومرافقتهم للاستمرار في هذا المجال المتمثل في المحافظة على الهوية عبر هذه المصنوعات والمنتجات الحرفية التي تعكس الأصالة والهوية الجزائرية الأصلية حسبه.

صناعـة الفخـار والنّسيـج

 وتحتفظ ولاية برج بوعريريج عبر مناطقها الجبلية والسهبية، بحرف تقليدية وصناعات متعددة، يشكل الاستثمار فيها روافد مهمة لتحقيق التنمية الاقتصادية، حيث تشتهر منطقة اولاد دحمان شمال غرب ولاية برج بوعريريج، بحرفة صناعة الغربال وتمثل موردا مهما لصناعها وحرفييها يتم تسويقه عبر مختلف مناطق ولاية برج بوعريريج، فيما تشتهر منطقة “بن دوارد” بصناعة الفخار والأواني الطينية التي تزال الجدات بتلك المناطق تحافظ على هذه الصناعة جيلا بعد جيل منذ مئات السنين، فيما تشتهر منطقة اولاد براهم بشرق الولاية بصناعة النسيج والخزف، فيما تشتهر منطقة زمورة الجبلية بصناعة النسيج والألبسة التقليدية التى لا يزال الأهالي بها يحافظون على ذلك الموروث الثقافي المتوارث من قرون.
فيما تشهد منطقة رأس الوادي ازدهارا في صناعة الأثاث المنزلي، والأرائك المتنوعة الأحجام والأشكال، يظهر ذلك من خلال المنتوجات المتنوعة أبدع حرفيوها في صناعة الأثاث، وحولوا منطقة راس الوادي إلى قطب مهم لممارسة هذا النشاط الصناعي الحرفي، من خلال مؤسسات ناشئة رائدة في هذه الصناعة، تسوق منتوجاتها إلى مختلف أنحاء الوطن.

اقتنـاء المنتـوج المحلــي

 عبّر مدير دار الصناعات التقليدية ببرج بوعريريج، عن حاجة المنتوج التقليدي الجزائري إلى ثقافة الاستهلاك من طرف المواطن الجزائري، وأهمية الوعي بهذه الثقافة وبمعنى الصناعات التقليدية في الجزائر باعتباره الحل الأمثل لتشييع الإنتاج التقليدي الجزائري، فإذا ما زيّن كل جزائري بيته بتحفة فنية تقليدية تعبر عما جادت به أنامل حرفي بلاده ليتباهى بها أمام كل أجنبي بما جادت به أنامل حرفي الجزائر.
وكشف المتحدّث عما تكتنز الجزائر من تحف وحرف تقليدية يندر وجودها، فالجزائر وضعت ما بوسعها من أجل إعادة النظر في حماية تراثها المادي، من خلال الترغيب والتثقيف على اقتناء المنتجات التقليدية، مشيرا إلى الدور البارز الذي لعبته الدولة الجزائر في الحفاظ على هذا التراث وحمايته من حملات التشويه، وضد كل هذه الحملات بتقديم الحقيقة، اشتهر بها أجدادنا في مختلف الفترات والحقب الزمنية وما تركوه من موروث ثقافي هوياتي أصيل في مختلف الفترات والحقب الزمنية.
وأبرز ما حصدته دولة الجزائر من مكتسبات في المحافل الكبرى من مداليات ذهبية يقر لها الجميع، في كل المناسبات الدولية، جعلت العلم الجزائري يرفرف دائما في هذه التظاهرات الدولية والمهرجانات، آخرها غرفة الصناعات التقليدية والحرف لولاية برج بوعريريج، حيث كان لها شرف المشاركة كضيف شرف، وخصص لها جناح كامل في مدينة ميلاولى الايطالية بمشاركة أكثر 100 حرفي جزائري.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19760

العدد 19760

الثلاثاء 29 أفريل 2025
العدد 19759

العدد 19759

الإثنين 28 أفريل 2025
العدد 19758

العدد 19758

الأحد 27 أفريل 2025
العدد 19757

العدد 19757

السبت 26 أفريل 2025