الجماعية بـ 2000دج والفردية بـ 2600دج..

الدروس الخصوصية.. عبء آخر يؤرق العائلات الجزائرية

تُعزّز الفوارق الطبقية وتخلّ بتكافؤ الفرص بين التلاميذ

مع اقتراب موعد الامتحان البكالوريا وشهادة التعليم المتوسّط، يعرف شهر فبراير اشتعال سوق الدروس الخصوصية، ورغم ارتفاع أسعارها إلا انها تعرف اقبالا كبيرا من التلاميذ الباحثين عن تحسين مستواهم الدراسي، خاصة في المواد العلمية كالرياضيات، الفيزياء والعلوم الطبيعية، بل أصبحنا اليوم نجد دروس دعم في التاريخ والجغرافيا ومواد أخرى لم تكن معنية بالدروس الخصوصية من قبل.

 استثمار مربح!!
أصبحت الظاهرة أمراً واقعاً على رغم تأكيد وزارة التربية الوطنية أن نشاط الدروس الخصوصية غير مرخص وليس قانونياً؛ لأنه يخل بالتزامات الأستاذ المهنية، ويفتح المجال أمام التلاعب بنتائج الامتحانات من خلال التركيز على دروس معينة وتقديمها في الامتحانات، إضافة إلى التعليم في أماكن غير مرخصة بعيدة من القيمة المعنوية للأستاذ والتلميذ.
وذكرت وزارة التربية أن منح الدروس الخصوصية طريقة للكسب غير المرخص به؛ لأنه يمثل جمعاً بين وظيفتين يمنعه القانون عندما يتعلّق بممارستها في أماكن عشوائية وفضاءات غير مناسبة كالمستودعات وغيرها.
ويجد قسم كبير من الأساتذة أن فتح أقسام للدروس الخصوصية يعد استثماراً مربحاً يدر عليهم أموالاً تفوق راتبهم الشهري، بحيث تشهد هذه المراكز تنافساً كبيراً، في حين يعمد بعض الأساتذة إلى تحويل منازلهم أو أجزاء منها إلى قاعات لتعليم التلاميذ مساءً مقابل مبلغ مالي في ظل الرواج الكبير الذي تشهده هذه الدروس، كما يتمّ استغلال وسائل التواصل الاجتماعي في الترويج للأمر من خلال الإعلانات التي ينشرها الأساتذة بهدف استقطاب أكبر عدد من التلاميذ مع تقديم عروض مميزة.
ويبرر أساتذة كثر، لجوءهم إلى التعليم خارج المدارس بالظروف الاقتصادية الصعبة وغلاء الأسعار، في انتظار شبكة الأجور الجديدة المنتظر تطبيقها مارس القادم، وتزاحم كلف الدروس الخصوصية في الجزائر مستلزمات العيش الأساسية للعائلات، بحيث تتراوح ما بين 1500 و2000دج شهرياً بحسب المادة العلمية، فيما يتقاضى الأستاذ 2600دج للحصة الفردية الواحدة.
 وتعتمد العائلات على الدروس الخصوصية أو دروس الدعم من أجل تحسين المستوى التعليمي لأبنائها وضمان نجاحهم في الشهادات الرسمية وحصولهم على أرقام عالية تسمح لهم بالالتحاق بتخصصات جامعية جيدة باستكمال المسار التعليمي في تخصص علمي، ما يجعلها تخصص ميزانية إضافية للدروس الخصوصية.
تنصّل من المسؤولية..
من جهة أخرى، حذّرت المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ مرات عدة مما وصفته بـ»تهديدات» الدروس الخصوصية وانحرافها عن خطها الأساس وطلبت من السلطات المعنية تقنينها رسمياً وفرض ضوابط وشروط لها تحمي التلاميذ في أوقات الدراسة.
وكشفت المنظمة في بيان لها عن استقبال شكاوى عدة من قبل أولياء التلاميذ تتعلق بعدم تقديم المعلومة كاملة من طرف بعض الأساتذة في المؤسسات التربوية وتوجيه التلاميذ نحو الدروس الخصوصية لاستيعاب وتدارك ما يحتاجون إليه، وبات بعض مديري المؤسسات يشتكون تصرفات لا أخلاقية تصدر عن بعض الأساتذة المقصرين في واجبهم، مؤكدة أن الدروس الخصوصية تسهم في تعزيز الفوارق الطبقية بين التلاميذ والإخلال بتكافؤ الفرص.
ودعت المنظمة السلطات المعنية إلى ردع المتجاوزين الذين يستغلون حاجة التلاميذ لرفع الأسعار وفرض ممارسات تتنافى مع أخلاقيات التعليم وإشراك وزارة التجارة وكذلك الداخلية والجماعات المحلية من خلال البلديات والدوائر الإدارية في عملية الردع.
فيما يرى البعض أن «ظاهرة الدروس الخصوصية مردها توقف الأولياء عن متابعة المسار الدراسي لأبنائهم، لأن معظم الأولياء أصبحوا يلجأون إلى الدروس الخصوصية لتعليم أبنائهم هروباً من تحمل مسؤولية المتابعة اليومية لما يتلقاه أبناؤهم في المدارس أو الثانويات.
مع الأخذ بعين الاعتبار أن طبيعة الاختبارات التي تعتمد على الحفظ والاسترجاع بنسبة كبيرة فرضت على الأولياء اللجوء إلى الدروس الخصوصية لمنح أبنائهم فرصة لفهم واستيعاب ما تمّ تلقينهم إياه، مشيراً إلى الظروف السيئة التي يعيشها الأستاذ بصفة عامة بسبب ضعف تكوينه للتعامل مع التلاميذ وفهم نفسيتهم.
وإن كان الأولياء يتحملون جزء من المسؤولية، يتحمل الأستاذ جزءا كبيرا منها، خاصة وأن البعض يبتز التلاميذ من أجل تلقي دروس خصوصية عندهم، من خلال رفع علامات التلاميذ الذين يتلقون دروس دعم عندهم، ما يشكل ضغطا كبيرا على الأولياء ينتهي بخضوعهم للأستاذ خوفا على مستقبل طفلهم.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024