ينتهكون حرمة الموتى لأجل غايات لن يفلحوا في تحقيقها

سحر وشعوذة ومنكرات.. في المقابر..

معسكر: أم الخير.س

حملات تنظيف تكشف خرافات مشينة مدفونة في القبور

لِنسوة مدينة غرداية جنوب الجزائر إحساس إبداعي وفني يُمكنهن من تحويل الصوف إلى لوحة فنية تصويرية بألوان زاهية، تحوي رسومات ورموز تعبيرية مستوحاة من عمق مجتمعهن وإرثه الثقافي والتاريخي، تُسمى «الزربية».

أطلقت مجموعة من الشباب المتطوّع بمعسكر، حملات لتنظيف المقابر من الأوساخ والحشائش الضارة، إضافة إلى أعمال الشعوذة التي صار فكها واتلافها من مهام هؤلاء المتطوعين وهدفاً أساسياً من مبادرتهم، في وقت لجأ فيه البعض إلى نوع جديد من هذه الاعمال الشيطانية فرضها العالم الافتراضي أو ما يعرف بالسحر الرقمي.  
شهدت مقبرة سيدي امحمد شريف بأعالي مدينة معسكر، وأحد أقدم أحيائها، هبّة شعبية واسعة، يوم الجمعة المنصرم، حيث لبّى العشرات من الشباب دعوة التطوّع لتنظيف المقبرة من الأوساخ والحشائش الضارة، إضافة إلى أعمال السحر والشعوذة التي عثر على كميات كبيرة منها، على حواف القبور.
ويقول أحد المتطوعين الشباب في حديثه إلى «الشعب»، إن عملية تنظيف المقبرة، كانت في البداية مركزة على صيانة القبور والتخلص من الحشائش والأعشاب التي يبلغ طولها 50سم أو أكثر، لدرجة أنها تخفي شواهد القبور وتعيق الحركة داخل المقبرة، فضلا عن أنها مكان مفضل لتخفي الأفاعي والزواحف السامة، ما يجعلها تشكل خطورة بالغة على زوار المقابر، إلى جانب تسببها في حرائق نتيجة ارتفاع درجات الحرارة ووجود مخلفات الزوار البلاستيكية وحتى الزجاجية.
ويضيف محدثنا، أنه سرعان ما تحوّل عمل الشباب المتطوع إلى تحدّ لإتلاف أعمال الشعوذة، بعد اكتشافهم لأعمال سحر (صور هوية وطلاسم) مدفونة بأحد القبور (المنسية)، مشيرا أن الاعتقاد السائد بين فريق المتطوعين هو تخليص ضحايا السحر والشعوذة من أضرار الأعمال الخبيثة التي تعرضوا لها، وأغلبهم شباب وعرسان جدد، يتمّ التعرّف عليهم من خلال الصور المرفقة بأعمال السحر حسب ما قاله المتطوّع لتنظيف مقبرة سيدي امحمد شريف.
ولأن دائرة استغلال المقابر في أعمال الشعوذة، قد اتسعت داخل مجتمعنا - مثلها مثل باقي المجتمعات العربية التي تشكو من الظاهرة - قرّر عدد من المتطوعين الشباب تنصيب أنفسهم كحماة لحرمة الموتى، ومحاربين لأخطر أنواع السحر الأسود، أمام عجز البلديات عن التسيير الأمثل للمقابر، من خلال توفير الحراسة أو تأمين محيطها، داعين إلى وضع حدّ للممارسات المشينة التي تتعدى على حرمة القبور من قبل أشخاص مجهولين يمارسون أعمال الشعوذة.
 ووجّه هؤلاء الشباب المتطوعين دعوتهم إلى السلطات العمومية لمعسكر، من أجل تضييق الخناق على الأشخاص المعروفين محليا لدى العام والخاص بممارسة نشاط الشعوذة وملاحقتهم قانونيا، بالنظر إلى ما يتمّ اكتشافه أسبوعيا من مخلفات اعمال السحر والشعوذة بمقابر الولاية، مؤكدين أنهم سيواصلون حملات التنظيف في المقابر كل ايام الجمعة من أجل إزالة أعمال الشعوذة، داعين - في ذات السياق - إلى حماية وتسيير أمثل للمقابر من طرف المجلس الشعبي البلدي من خلال توفير الحراسة وتسييج المقابر.
 وحسب عينة أخرى من المتطوعين لتنظيف المقابر من أعمال السحر، يقول «عبد الهادي-ب»، أن لا شيء يقلل من عزيمة أمثاله من المتطوعون، الذين يحددون موعدا مسبقا للتلاقي قبل تحديد وجهتهم إلى واحدة من مقابر مدينة معسكر، ويتم تعارف المتطوعين غالبا على مواقع التواصل الاجتماعي التي يستغلون فضاءها لإظهار نشاطهم، وما يتمّ اكتشافه من أعمال السحر، مشيراً أن مبادرة تنظيف المقابر من السحر وأعمال الشعوذة الخطيرة  استقطبت عدد كبير من المتطوعين ونالت استحسان الوسط الاجتماعي، بعد تمكنهم من استخراج اكوام من السحر المردوم في المقابر في شكل حروز، عظام ومقتنيات شخصية، ودمى تستعمل في السحر الأسود وصور لأشخاص ضحايا الشعوذة مكتوب عليها تعويذات وطلاسم غريبة.

مواقع إلكترونية تروّج للسحر
في وقت يعتبر فيه المتطوعون لتنظيف المقابر أن حياة الإنسان يسيرها قضاء الله وقدره، وأن عملهم تقتضيه ضرورة إفساد عمل السحرة والمشعوذين، قال أحد العارفين بأمور السحر والشعوذة لـ»الشعب»، إن انتشار نوع من السحر المدفون في المقابر، ظاهرة جديدة على المجتمع الجزائري، وهي ظاهرة عرفت انتشاراً كبيراً في المجتمعات العربية في السنوات الأخيرة.
 ولفت إلى أن هذه الأعمال المشينة، نوع تسرّب إلى المجتمع الجزائري بفعل الاستغلال السيء للتكنولوجيا والانترنت، مؤكداً أن أنواع السحر التي يعثر عليها المتطوعون في المقابر على شكل صور مكتوب عليها طلاسم، وأقفال وعظام الجيفة ومقتنيات شخصية، حيّر فكّها العارفين بأمور السحر والشعوذة، لكون بعض الطلاسم غير معروفة أو مكتوبة بالسريانية، مؤكداً في حديثه أن مواقع الكترونية تروج لهذا النوع الخطير من السحر، الذي يمكن لأي شخص أن يقوم به، وذاك مكمن الخطورة على حد قول المتحدث لـ»الشعب»، الذي أشار أن اللجوء إلى المقابر لدفن أعمال الشعوذة هو من أخطر أنواع السحر لارتباطه بالعالم السفلي في الاعتقادات السائدة والمقرون أيضاً بما خفي من العالم الآخر.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024