شهر للتقارب والتراحم بامتياز

«اللمة» عنوان بيت العائلة الكبير في رمضان

صلة الرحم قدسية خاصة في شهر الصيام

«أول يوم إفطارنا في بيت العائلة الكبيرة» تلك العبارة التي تتردد كثيراً في بداية رمضان، والتي تعفي من أي التزامات ودعوات خارجية، في سبيل قضاء اليوم الأول من رمضان تحديداً مع العائلة الكبيرة، حيث بات طقساً من عادات رمضان الحميدة.
ومع الدقائق التي تسبق موعد أذان المغرب، ينادي جمال «أخوك وصل، كلم أختك تأخرت، كم باقي للأذان» هكذا يتذكر مراد أياما من رمضان، ويقول إن والده يعلنها حالة طوارئ في انتظار جميع أفراد العائلة «المتزوجين» من أجل اجتماعهم في اليوم الأول من رمضان، ولا يستطيع أحد الاعتذار عن الحضور.

اللّمة في الدار الكبيرة..
أجواء هنا وهناك، وضجيج يملأ الشوارع في الدقائق الأخيرة ما قبل إعلان لحظة أذان المغرب، وبيوت تتعالى فيها الأصوات وأصوات الأطباق، وأحضان الاشتياق لمن غاب لوقت، ليكون اليوم «الأول من رمضان» تقليداً عائلياً حميميا فيه الكثير من المشاعر.
البعيد يأتي، والقريب يتواجد مبكراً، وأماكن مخصّصة لأطفال العائلة الذين يجتمعون برفقة ذويهم، لتتحول تلك اللحظات إلى ذكرى لا تغيب عن العقول، كما يقول مراد، الذي يرى أن «التاريخ يعيد نفسه» فما يزال يتذكر أيام «الاجتماع واللمة العائلية في بيت جده عندما كان صغيرا»، والآن وبعد أن أصبحت عائلة والده ممتدة باتت تلك الطقوس تتكرر في بيتهم ويشعر أنها أجمل ما يمكن أن يحدث في رمضان من تآلف الجميع على طاولة طعام واحدة يرافقها الكثير من السعادة والضحك والتراحم.
لم تؤرق صفو تلك التجمعات العائلية أي من الظروف المحيطة خاصة وانه تزامن هذه السنة مع العطلة المدرسية، فطقوس رمضان وبخاصة في اليوم الأول لا تغيب، وتعمد كثيرون إلى إلغاء مواعيدهم أياً كانت، والالتزام مع العائلة الكبيرة الممتدة في «البيت الكبير» للاستمتاع بأولى لحظات دعاء الإفطار «ذهب الظمأ وابتلت العروق».
وفي معظم أيام رمضان، تجتمع العائلات على وجبة الإفطار، بيد أن اليوم الأول هو الأبرز والأكثر اهتماماً من قبل معظم الناس، خاصة من يقطنون في أماكن بعيدة عن بيت العائلة، والذي قد يجدون فيه سيلا من ذكريات رمضان حين كان يجمع كل الأفراد وهم أطفال، ولم يتفرقوا كما هو الحال الآن.
وتقول نزهة طالبة في سنة ثانية حقوق أن رمضان هذا العام هو الثاني لها خارج البيت، كونها تقيم في الاقامة الجامعية، لذلك، هي سعيدة كون رمضان تزامن مع نهاية الأسبوع والعطلة، ما يتيح لها الاستمتاع مع عائلتها بأجواء رمضان، التي تفوح منها الألفة والمحبة والأجواء المميزة، لذلك يبقى لليوم الأول رونقه وأجواؤه الخاصة التي تحرص غالبية العائلات على إضافتها على البيوت المزينة بالفوانيس والأهلّة.

تقارب وتوادّ
عادةً ما يكون اليوم الأول حالة خاصة لكل العائلات، تميزه عن باقي الأيام بأنه اليوم الفاصل ما بين نظام حياة جديد يستمر لمدة شهر بطقوسه الاجتماعية وروحانياته وما بين روتين يومي اعتدنا عليه، غالبا ما يكون متعبا للكثيرين ممن اعتادوا على نظام حياة يؤثر عليه الانقطاع عن الطعام والشراب من ناحية المزاج والتعب الجسدي.
 لذلك يتطلب تغيير بعض السلوكيات التي باتت جزءا من الروتين اليومي وصعب التخلي عنها، ويأتي رمضان ليغير تلك العادات والمسلكيات لفترة محددة، وأي تغيير مهما كان نوعه يعتبر صعبا ويحتاج إلى جهد.
وبسبب خصوصية اليوم الأول من رمضان، يتطلب نمطا جديدا يظهر على يوميات العائلات، كذلك التي تجد في طقوسه أفراحا وبهجة و»لمّة» للعائلة التي تجتمع على طاولة طعام واحدة، ويحرص الجميع على الحضور لتناول الإفطار الأول معا، لما يضفي ذلك من طاقة فرح وسعادة واشتياق لعادات غابت 11 شهرا، حيث يخفف ذلك من آثار يوم متعب وطويل.
ولأن شهر رمضان مرتبط أساسا بالأجواء العائلية وصلة الرحم بين الأقارب، لذلك قد يكون هذا الجانب جميلا ومشرقا فيه من حيث التقارب والتوادد بين أفراد الأسرة، وإقامة الولائم للأرحام، إذ تتعمد أسر على جمع كل أفرادها في اليوم الأول، من أجل بث السعادة فيما بينهم والتأكيد على أهمية التواصل التي قد تستمر لأيام خلال شهر رمضان.
لذا، ينتظر الكثيرون اليوم الأول من رمضان من أجل الاجتماع العائلي، ويتحضر له الأبناء من خلال إلغاء كافة الارتباطات الأخرى على أهميتها، في سبيل التواجد مع الوالدين والإخوة والأخوات في اليوم الأول تحديداً، والذي يكون له كبير الأثر في نفوس الوالدين والأرحام تحديداً، والأطفال الذين ينتظرون هذا اليوم بفارغ الصبر، بعد أن يكونوا قد خططوا له مسبقاً ما يضاعف من فرحة استقبال رمضان.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19463

العدد 19463

الإثنين 06 ماي 2024
العدد 19462

العدد 19462

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024