ما يزال البدو الرحل ببلدية مرحوم بأقصى جنوب ولاية سيدي بلعباس، يتمسّكون بعادات كثيرة خلال الشهر الفضيل، وتهتم بها العائلات بالرغم من قساوة العيش وصعوبة الطبيعة التي يعيشون بها.
تطبع حياة البدو العزيمة والهمة العالية من كل أفراد العائلة وتبقى عاداتهم ثابتة، فرمضان كان وما يزال مناسبة دينية سارة تجمع قلوبهم وتلتقي العائلات خلاله للتعاون فيما بينها، والسهر تحت الخيام أو أكواخ أسقفها من الزنك وجدرانها من الطوب.
ولأنّ البدو الرحل يعتمدون في حياتهم على تربية المواشي، فهم يخرجون منذ ساعات الفجر الأولى بعد السحور وأداء الصلاة للبحث عن المرعى والعشب ومصادر الماء، وهو ما قد يجبرهم على المشي لمسافات طويلة ذهابا وإيابا، ولا يرجعون إلا بعد منتصف النهار بالرغم من حرارة الشمس التي يتميز بها هذا الشهر، لأخذ قسط من الراحة، بعد الانتهاء من حلب الماعز وجلب الماء من البئر، بينما تنهمك النساء في تحضير مائدة الافطار حسبما يتوفّر لديهن من مواد وتبادل أطباق الطعام بين الجيران طوال أيام الشهر المبارك.
وبالرغم من قساوة العيش والعزلة، إلاّ أنّ البدو الرحل يجدون المتعة في أداء الصيام وسط الطبيعة بعيدا عن صخب الحياة العصرية، فبعد يوم صعب وشاق تجتمع الأسر بعد الإفطار لتبادل أطراف الحديث وأمامهم صينية الشاي، وبعض الحلويات التقليدية إن توفرت وفي وقت السحور يتناولون طبق السفة.
ولا تهتم نساء البدو بما يجري بالمناطق الحضرية، فلا تستهويهن الأسواق وما توفّره من سلع، ولا وقت لديهن للفسحة، فاليوم كله مليء بالنّشاط بين أشغال البيت والاسطبل لمساعدة أزواجهن على القيام بأشغالهم.
أما الأطفال، فيجدون المتعة في مرافقة آبائهم لرعي الغنم خلال العطلة وفي المساء اللعب بالقرب من الخيام لغاية وقت الإفطار، ومنهم من يملأ فراغه بتفحص منصات التواصل الاجتماعي، للتعرف على أصدقاء جدد، وأيضا للاستمتاع بطرائف الفايسبوك والتيك توك، فبفضل الهاتف النقال أصبح البدو الرحل يعرفون وقت الافطار والامساك ومواعيد الصلوات الخمس بدل الاعتماد على الطرق التقليدية.
