مسجد سيدي يعقوب بعين تموشنت

معلم تاريخي شهد مقاومة الجزائريّين للإسبان والبرتغاليّين والفرنسيّين

يبقى مسجد سيدي يعقوب الواقع إقليميا ببلدية ولهاصة بولاية عين تموشنت من بين المعالم الأثرية الدينية والثقافية والسياحية التي تميز المنطقة وواحد من شواهد التاريخ الزاخر للولاية، شيّد سنة 1338 من قبل العلامة سيدي يعقوب بن حاج التلمساني، ويرجع أصله إلى الجد الأكبر سيدي يعقوب الشريف دفين جبل مغراوة بالظهرة بمدينة مازونة، وقد كان معروفا ومولعا بالعلم والدين والذود عن البلد من خلال حنكته الفلسفية العلمية والحربية.
ويحكى أنّ سيدي يعقوب وأثناء بنائه للمسجد، رست بعرض البحر سفينة إسبانية، وقد طلب صاحبها من سيدي يعقوب المؤونة والمساعدة، وكان له ما أراد وبعد عدة أيام غادر البحر وطلب من سيدي يعقوب أن يكافئه بشيء يريده، فطلب من صاحب السفينة أن يرسل له الخشب ليتمم بناء المسجد، فقال له صاحب السفينة وكيف أرسله لك؟ فقال أرمي الخشب في البحر وقل هذا لسيدي يعقوب، فكان ذلك ووصل الخشب إلى سيدي يعقوب وأتم بناء المسجد.
وهو حاليا تحت هضبة تطل على شاطئ صخري، بحيث يحتجب عن العيون من عرض البحر والحكمة تكمن في الوقاية من القراصنة الأوربيين، خاصة الإسبان منهم والبرتغال، آنذاك شيّد المسجد في شكل بناءات مربعة جدرانها عريضة سمكها بالمدخل الرئيسي يبلغ المترين، وقد زيّن المبنى بقبة بثلاثة صفوف قرميدية حمراء متوازية ومتناسقة على الطراز الأندلسي لم يبق منها سوى صفين تستند على أعمدة وأقواس عريضة، وأما السقف فهو مزين بالخشب المنقوش المتشابك، كما هو الحال بمساجد تلمسان وفاس والمئذنة مربعة الشكل على مذهب الإمام مالك ما زالت قائمة.
وبجوار المسجد وجدت مطامير عديدة وواسعة متصلة ببعضها البعض، من المرجح أنّها كانت تستعمل للأيام الحالكة كالشتاء أو سنوات الجفاف، وهذا دليل على أن الزاوية كانت تحتوي على إقامة للطلبة الوافدين من بعيد ولعابري السبيل، وزاوية الولي لصيقة بالمسجد جدرانها منقوشة تآكلت بفعل الزمن، وسقفها على شكل قبة رسم بها أشكال دائرية مجردة جميلة.
أعيد تجديدها من طرف القائد حمزة الخليفة على تلمسان في القرن 18م، أدّت زاوية سيدي يعقوب دورا بارزا في الدفاع عن التراب الوطني من خلال استبعاد الغزو البرتغالي سنة 1503، كما كانت المنطقة مسرحا لمعركة بطولية جرت رحاها في سنة 1836 تحت لواء الأمير عبد القادر وقائده بوحميدي، أما إبان الثورة التحريرية المجيدة فقد استغل المسجد سنة 1957 كمأوى لمجاهدي جيش التحرير الوطني، حيث تعرض إلى قصف الطائرات والمدرعات ممّا خلّف العديد من الضحايا منهم 13 شهيدا من عائلة سيدي يعقوب.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024