صناعة المدمن

إدمان الصغار خطر يهدّد الأمن المجتمعي

يقع أطفالنا الصغار ضحية لفنون الاغواء والدعاية لأنواع كثيرة من الحلويات والملصقات التي تحتوي صور شخصيات محببة للأطفال، كثيراً منها يشتمل على مواد مخدِّرة يتعود عليها الأطفال مع الوقت دون سن السادسة وتتسلل الى أجسامهم الضعيفة، وهو ما اكتشفه الاطباء في بعض هذه الملصقات التي يلصقها الطفل بصورها الجذابة على جسده ما هي إلا نافذة لتعوّد جسمه على إدمان المخدرات، وهو يضمن لمروّجي المخدرات صناعة طفل مدمن في الكبر.

الفضول والاستكشاف

قد يقبل الاطفال في سنين عمرهم الأولى على تعاطي المخدرات من باب الفضول والاستكشاف وخوض التجربة، ومن أهم أنواع هذه المخدِّرات التي يقبل الأطفال والمراهقون عليها بدافع حب التجربة، المخدِّرات المهدئة، والمواد المهلوسة، والمواد العطرية المستنشقة والمسكنات والمهدئات الطبية، وكل ذلك يسبب آثارا ومضاعفات، منها مشكلات صحية.
 حيث يؤدي إدمان المخدِّرات إلى حدوث مشاكل صحية بدنية وعقلية، ويعتمد ذلك على نوع المخدِّرات المستخدمة، ويؤدي ادمان المخدرات أيضاً الى فقدان الوعي، والغيبوبة، والإصابة بالأمراض المعدية، وأحياناً الى الموت المفاجئ، وخاصة عند أخذ جرعات عالية، أو إذا تم الجمع بين أنواع المخدِّرات أو الكحول.
لذلك دعت الدراسات الآباء والمعلمين في المدراس الى ضرورة اكتساب الخبرات للتعرف على أبعاد المشكلة وطرق مواجهتها عبر الادوار الفاعلة للآباء في تعليم معايير الصواب والخطأ للأبناء، وبأن يكونوا قدوة لأبنائهم، ومساعدتهم في التصّدي لأصدقاء السوء بفصلهم عنهم، وتعريف الابناء بمخاطر تعاطي المخدرات.
ويبرز دور المدارس في تحديد درجة ومدى خطورة تعاطي المخدرات، مع إيجاد وسائل للمراقبة واستخدامها بشكل منتظم. وتنفيذ منهاج شامل ومتكامل للوقاية من إدمان المخدرات من بداية مرحلة رياض الأطفال حتى نهاية الدراسة الثانوية هدفه التعريف بخطورة ادمان وتعاطي المخدرات باعتبارها سموم قاتلة، مع العمل على دعم ومساندة برامج الوقاية من ادمان المخدرات.
 من خلال وضع برامج عمل تتعاون فيه المدرسة مع المجتمع المدني، والآباء، ورجال القانون، والمراكز العلاجية لتقديم المصادر اللازمة للقضاء على تلك الظاهرة.
ويأتي دور المجتمع في التصدي لهذه الظاهرة عبر مساعدة المدارس في محاربة المخدرات من خلال إمدادها بالخبرات والتمويل من قبل الجمعيات والمؤسسات في المجتمع، ومشاركة جميع أجهزة القانون في مقاومة ومنع التعاطي.
ويظل الأطفال هدف رئيسي لمروجي المخدرات حيث يقوموا باستثمارهم لارتفاع مستوى الدخل مما يجعلهم هدفًا لضمان الاستدامة ورواج تلك التجارة، ولكن الطامة الأكبر هي ارتباط هذه المشكلة بثقافات اجتماعية وعادات وتقاليد قد تمنع ذوي الاطفال المدمنين من الذهاب بأولادهم إلى الأطباء والمختصين لعلاج الادمان، وهو الأمر الذي يحتاج إلى تغيير ثقافة المجتمع، واعتبار هؤلاء من المرضى الذين يجب علاجهم، وهم يستحقون الرعاية الطبية والمجتمعية.

علامات مُنبّهة
 
لكي تفيق الأسر من غفلتها وتنتبه الى ادمان طفلها وكذلك المؤسسة التعليمية، لابد من نشر ثقافة علامات الادمان التي تظهر على الاطفال، وهي كما حددها المتخصصون تتمثل في مظاهر عديدة منها، التدهور البدني الناجم عن تعاطي المخدرات، وقد يشمل وجود هفوات الذاكرة (النسيان)، ضعف الذاكرة للأحداث القريبة، صعوبة في عملية التذكر. ضعف ووهن في الجسم، التهتهة في الكلام وعدم ترابط الحديث، وتعب وفتور وخمول وعدم الاهتمام بالصحة إلى جانب احمرار العين مع اتساع حدقة العين.
أما التغيرات الطارئة على الأداء داخل المدرسة، فيمكن ملاحظة، تدهور ملحوظ في مستوى كفاءة الطالب ليس هذا فقط بل أيضاً بعدم إكمال الواجبات ونقص في التقييم العام وكثرة التغيب من المدرسة أو التأخر عن الحضور.
بينما يطرأ على المدمن الصغير عدة تغيرات سلوكية مثل عدم الأمانة وتشمل “الكذب، السرقة، الخداع” وإحداث مشاكل مع الشرطة وتغير الأصحاب، والمراوغة في الحديث عن الأصدقاء الجدد وحيازة مبالغ طائلة من المال، إلى جانب غضب شديد وغير مبرر وارتفاع درجة العداء، والقلق وكذلك الكتمان وانخفاض معدل النشاط والهمة، القدرة، ضبط النفس، تقدير الذات وتراجع الاهتمام بالأنشطة والهوايات.
ولا شك أن إهمال الاسرة لرعاية أطفالها وعدم يقظتها في مراقبة سلوكهم يشكل عنصرا كبيرا في تنامي عدد المدمنين الاطفال، خاصة لدى الفئات الاجتماعية المرفهة.
ومن ثم، فإن يقظة الوالدين ومراقبتهم لسلوك أبنائهم يعد عنصرا فاعلا في المواجهة ومحاربة الادمان وحتى ولو وقع الصغير في براثن الادمان من السهل انقاذه بسرعة من خلال مراكز علاج الادمان مع ضرورة تواصل الحوار بين الاسرة وابنائها والمشاركة الاجتماعية في مفردات الحياة اليومية حيث يشعر الطفل بقيمته وانه محل اهتمام وتقدير والديه. وكذلك تلعب الاندية الرياضية والمراكز الثقافية دورا مهما في تنمية مهارات الاطفال بما يصرفهم عن اللجوء الى المخدرات.

دور المدرسة

للمدرسة تأثيراً كبيراً في تنشئة الطفل فإن دورها يتعاظم في الاهتمام بتنمية ووعي المدربين والمدرسين والمرشدين لأدوارهم بحيث تصبح المدرسة بيئة فاعلة لحماية التلاميذ من اكتساب سلوكيات منحرفة كتعاطي المخدرات. ويقع على المدرسين عبء كبير في حماية الاطفال من تعاطي المخدرات، وتوعيتهم بمخاطر الادمان، وهو ما يتطلب تصميم برامج وقائية تنفذها المدرسة لتعلم الطفل كيفية حماية سلوكه من الإغراءات التي قد يواجهها من أقرانه أو جيرانه وتعلمه مبادئ التعامل مع الغرباء وتعلمه منهجية السلوكيات السليمة.
ولا يمكن لتجربة المدرسة أن تنجح في العلاج والوقاية بمعزل عن الارتباط الوثيق بينها وبين الاباء، حيث يجب التنسيق بين مؤسستين الاسرية والتعليمية في حصار ظاهرة ادمان الاطفال لخلق بيئة مدرسية خالية من الإدمان، والتنسيق فيما بينها لوضع برامج وقائية وأخرى عملية لمكافحة إدمان الاطفال باعتبارها قضية أمن قومي.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024