“المائدة الجامعة”

أنجح الأوقات الأسرية .. تجمع أفرادها حـول الطعـام

يعدّ التفاف العائلة على مائدة الطعام اليومية أحد أشكال الألفة والمودة بين أفرادها؛ فالسُّفْرة ليست مجرد أطباق وطعام يؤكل. في السابق، كانت وجبات الطعام جزءا لا يتجزأ من الحياة الأسرية، إذ كان أفرادها يعلمون أنه يجب عليهم الوجود في المنزل في أوقات معينة حتى يتمكّن الجميع من تناول الطعام على مائدة واحدة.
الآن، بات هذا المشهد غائبا لدى عدد كبير من الأسر، على الرغم من أن جلوس العائلة مجتمعة على مائدة الطعام له فوائد صحية ونفسية وآثار إيجابية على الأبناء، وتحديدا الأطفال، وفق ما يؤكده المتخصّصون.

حصانة نفسية للأطفال
يسعى الآباء والأمهات إلى تقديم الغذاء الصحي لحماية أطفالهم، وكذلك الحفاظ على صحتهم النفسية وتقديم الاهتمام والحب لوقايتهم من أي اضطراب سلوكي قد يؤثر في حياتهم، وهو ما يسمى بالتغذية العاطفية. ومع تحديات الحياة ومتطلباتها المختلفة، قد يعمل الوالدان لساعات طويلة لتأمين سبل الحياة لأطفالهما، ما يدفعهما باستمرار إلى استثمار أوقاتهما المتبقية بما يعود بالفائدة على الأسرة ككل.
ومن أنجح الأوقات هو تجمّع الأسرة حول مائدة الطعام، وتبادل الحديث والحوار مع الأبناء ومشاركتهم أحداث يومهم، هذا الأمر يولّد جوا من الألفة بين أفراد العائلة ويقلل من الحدة والتوتر، ويعلمهم مهارات التواصل الاجتماعي مع الآخرين، فضلاً عن تعليمهم الكثير من القيم التربوية، مثل التعاون والمسؤولية وآداب تناول الطعام من خلال المساعدة في تحضير المائدة وتوزيع الأدوار بينهم.
يعلم الحرص في الحفاظ على روتين هذه العادة الجيدة، بشكل شبه يومي أو أسبوعي، الأطفال عادات غذائية صحية والعمل على حل مشكلاتهم الغذائية، كما يسهم في تشكيل ذكريات مع الوالدين والإخوة.
لكن هنا، يجب على الوالدين التنبّه لكي يكون هذا التجمع الأسري فعالا بإيجابية، بعيدا من استخدام الهواتف والانشغال بالأجهزة الإلكترونية.. حتى يحقق الفائدة ويتمتع الأطفال بحصانة نفسية ودعم أسري يساعدهم في التفوق، بينما شهدت فكرة اللقاء الجماعي، ممثلاً بـ«مؤتمرات الطعام” اليومية، شهدت منظومة من التغيّرات باتجاه ارتفاع نسب وعناوين الحريات والقيم الفردية للأبناء.
إن العلاقات الأسرية، كتنظيم شرعي وثقافي، كانت حاضرة كضرورة تربوية للأبناء من الجنسين وكانت سابقا تشهد مشاركة أساسية من الأبوين في المجتمعات العربية الإسلامية، لأنها كانت تعبيرا يوميا عن خصوصية ثقافتنا، مقارنة بالواقع في المجتمعات الغربية.

غياب المائدة العائلية
تسبّب إيقاع الحياة الاقتصادية الضاغطة والمتعوّلمة، حاليا، في ندرة التئام جميع أفراد الأسرة حول وجبات الطعام. وقاد هذا التقلص في أدوار الأسرة ومكانتها إلى إقدام المؤسسات الوسيطة على القيام بمهمات كانت منوطة بأسرنا تاريخيا، مثل: الطبخ، إذ أصبحت المطاعم تتولى ذلك، خصوصا تلك المتخصصة في الوجبات السريعة. التربية وتوجيه الأبناء، والتي باتت وسائل التواصل الاجتماعي تؤدي ذلك في العصر التكنولوجي.
كيف تلتزم بنظامك الغذائي الصحي وسط تجمعات العائلة والأصدقاء؟
تحت عنوان “لماذا لا يتناول الكثير من العائلات وجبات الطعام معا الآن؟”، نشر موقع “ناني ماكفي” بعض أسباب غياب المائدة العائلية، وأثر ذلك على الأطفال.
وأشار الموقع إلى أن وجبات الطعام اعتادت سابقا أن تكون شأنا رسميا، ما يعني أن جميع أفراد الأسرة يجلسون حول مائدة العشاء من دون أي مشتتات لتناول الطعام معا، ومشاركة يومياتهم. أما في الوقت الحاضر، فيصعب تجاهل الانشغال بين الهواتف وأجهزة الألعاب والتلفاز. وهذا يعني ببساطة أن أوقات الوجبات أصبحت أقل رسمية وأقل قدسية بطريقة ما.
واعتبر الموقع أنه من غير المرجح أن تكون لدى الأطفال آداب مائدة جيدة إذا كانت سلوكياتهم الغذائية ليست مماثلة لأفراد الأسرة الآخرين، “فمن خلال تناول وجبات عائلية منتظمة معا، يمكنك تحسين ليس فقط خياراتهم الغذائية، ولكن أيضا تعزيز الفوائد العاطفية للتفاعل معك كأبوين”.
وقد تكون الوجبات العائلية مرهقة للآباء خصوصا إذا كان أطفالهم ما زالوا صغارا، إذ يحتاج هؤلاء إلى تناول الطعام في وقت مبكر، لأن أوقات نومهم مبكرة، وربما لن يكون الوالدان مستعدَيْن لتناول الطعام في الوقت ذاته.
ويشدّد الموقع على فوائد وقت الأسرة بالنسبة إلى صحتنا العاطفية، بقدر ما هي لرفاهيتنا الجسدية، إذ إن الاستمتاع بتناول الوجبات معا ليس سائدا في المجتمعات كما كان من قبل، ولكن الوجود معا كعائلة أو مجرد التواصل سيعزز الروابط بين الآباء والأبناء.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024