رفيقة المصطافين في الشواطئ

«ليبينيي”.. طعم إضافي للراحة والاستجمام

تعوّد المصطافون عبر مختلف شواطئ الوطن على نداء “ليبينيي” الكعكة التي تلقى رواجا بين “نزلاء” البحر الباحثين على الراحة والاستجمام، بل تعتبر أحد اهم تفاصيل يوم على شاطئ البحر، بالرغم من أن البائعين هم أطفال في سن الزهور فضلوا العمل في عطلتهم الصيفية لربح مصروف إضافي يكون عونا لهم ولعائلاتهم في الدخول الاجتماعي القادم.

عماد ذو الـ16 لم يعجز عن التردّد على شاطئ “حجرة النص” بولاية تيبازة غربي العاصمة، فرغم حرارة الصيف اللافحة إلا أنه ليس كأقرانه وأصدقائه الذين يذهبون للبحر للاستجمام، بل فضل أن يعمل ويسهم ولو بميلغ بسيط في ميزانية أسرته، إذ يبيع القليل من “ليبينيي” الساخنة والخبز التقليدي الذي تُعده والدته في فجر أيام شهري يوليو وأغسطس، منتهزا الفرصة لتوافد آلاف المصطافين والسياح على المكان وبيع ما تيسر له من المواد الغذائية التي يكثر الطلب عليها.
يقول عماد، إنه تعوّد على هذا المكان وغيره من الشواطئ المحاذية لبلدته سيدي راشد، لافتا إلى أنه منذ نعومة أظافره وهو يشتغل في فصل الصيف وفي المواسم بعد أن توفي والده وهو ذو الـ 7 فقط، لا ينكر الكثيرون أن المواسم والصيف تجعل الجزائريين يقبِلون على شراء هذا الكعك السّاخن أو ما تعود تسميتها بـ«لي بينيي”، إذ تزدهر هذه في هذا الفصل المهن الموسمية التي يحترفها أطفال صغار لكسب قوتهم اليومي.
على شواطئ الجزائر، يتصيّد الأطفال والشباب في عمر الزهور سواء بنات أو أولاد الزبائن، وهم نوعية واحدة، من رواد البحر والسباحة اليومية، ما يزيد من جوعهم وبحثهم على اقتناء أي أكلة أو نوع من الحلويات الخفيفة مثل الكعك المصنوعة في البيوت من العجين ومقلية في الزيت مع رش القليل من السكر أو الشكولاتة وتجعل منها أكلة حلوة المذاق.
عمر ومحمد أخوين يعملان على طول شواطئ الجزائر الشاطئ فمن شاطئ الأمواج الصغيرة إلى “لاسيغون”، إلى “لافريقاد” يتنقل الاخوين دون كلل رغم درجات الحرارة المرتفعة من أجل بيع ما تصنعه والدتهم من “لينينيي”، المهنة الموسمية التي يمارسها الطفلين منذ ما يقارب الست سنوات، يقول محمد، “منذ بلوغي العشر سنوات أعمل في العطلة الصيفية كبائع “ليبينيي” على شواطئ المجاورة لمنزلنا، وبمساعدة اخي استطعنا مضاعفة ارباحنا لمساعدة والدي في مصاريف الدخول المدرسي، فهذه السنة انتقلت الى الثانوية بعد حصولي على شهادة التعليم المتوسط، لذلك ستتضاعف المصاريف على والدي لذلك أحاول بعملي مساعدته”.
ويضيف محمد قائلا: “عندما يراني بعض المصطافين يعطفون عليّ وأخي ويتساءلون في كل مرة عن أوضاع اسرتنا، ويقولون أننا مجرد أطفال علينا أن نستمتع بوقتنا وعطلتنا، لكن الحقيقة اننا نعمل ونستمتع في الوقت نفسه، فالعمل لا يعني ابدا اننا محرومون من حقوقنا، الأصعب بالنسبة لي واخي البقاء بعيدا عن العادات السيئة مثل التدخين وإدمان المخدرات، لذلك أحرص على عدم العمل في الليل، لأن مرتادي الشواطئ ليلا مغايرين تماما لمرتاديه صباحا”.

«رفيقة” المصطافين

يحمل هؤلاء الأطفال أواني من النحاس الأبيض ويرتدون ملابس خفيفة وأحذية بلاستيكية مع قبعة تقييهم حرارة الشمس، ويجوبون الشواطئ ذهابا وإيابا، طلبا للفت انتباه الزبائن من بين المصطافين من الشباب والعائلات وهم يرددون “ليبني سخون شِكولا معجون”.
كما يطلب هؤلاء الباعة الصغار ذو الأجساد النحيفة سعرا في متناول الكثيرين المقدر بـ 50 دينارا للفطيرة الواحدة، فيما يجد البعض منهم كرما من قِبل بعض الزبائن وسخاء كبيرين.
وتعتبر هذا الكعك من المأكولات الرائجة على مستوى الشواطئ بالمدن الساحلية والتي أخذت صيتا واسعا، إذ لا يمكن أن تجد فضاء ساحليا يستقبل السياح والمصطافين في الجزائر إلا وتباع فيه هذه الحلويات التي باتت “رفيقة” المصطافين وأصبحت معروفة بكونها مهنة الأطفال التي يعتبرونها فرصة لهم لجني المال ومساعدة أوليائهم.
ويتطلّب إعداد الكعك المقلي مقادير من المواد الغذائية الممثلة أساسا في “الفرينة” أو “الدقيق”، والحليب والسكر، ثم البيض، وزبدة ذائبة وخميرة الحلويات وخميرة الخبز وملح، إذ يتم خلطها جيدا، وبعد قليها في الزيت الساخن ليتم بعد تصفيتها حشوها بالشكولاتة أو المربى أو أي نوع من أنواع الكريمة وذلك حسب الذوق، ويوضع فوقها سكر عادي.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024