عشقها ابن خلدون وهام بها دافنتشي..

بجاية.. شمعة تضيء حوض المتوسّط

بجاية المدينة الطاهرة.. عاصمة الحماديين، ومدينة الـ99 وليا صالحا.. هذه المنطقة التي كانت تعجّ بالسياح منذ أقدم العهود، أغرم بها كل من زارها، وعشقها كل من رآها.. لقبت بـ«الشمعة المضيئة” في القرن الرابع عشر دخلت هذه الكلمة “بوجيه” القاموس الفرنسي نسبة لمدينة بجاية الجزائرية التي كانت تنتج كميات ضخمة من شمع العسل لصناعة الشموع.

كانت بجاية مصدر الهام العديد من الكتاب والشعراء ومحطّ إقبال العلماء والرسامين والمؤرخين من مشرق الأرض ومن القارة العجوز، لجمال جبالها وللإبداع الرباني الذي تمتلكه بحارها.
إلى جانب الطبيعة العذراء التي تمتلكها، نجد التاريخ العريق التي تحمله بين أوراق ماضيها الخالد، لتكون بجاية مدينة العلماء ووجهة الكتاب وأعرق الأساتذة. نذكر العلامة ابن خلدون الذي أغرم بمدينة بجاية واستقر فيها وعمل فيها مدرسا لمادتي الفقه والرياضيات، وكان خطيبا أيضا فيها.
سيدي بومدين شعيب من كبار الصوفية بتلمسان، بعد عودته من المشرق أين التقى المتصوف الكبير عبد القادر الجيلاني، استقر بعدها في مدينة بجاية مدة 15 عاما درس فيها التربية الروحية الصوفية المؤسسة على القرآن والسنة.
جاء في كتاب الاستبصار في عجائب الأمصار لكاتب مراكشي يصف قصورها “في بجاية موضع يعرف باللؤلؤة، وهو أنف من جبل قد خرج من البحر متصل بالمدينة، فيه قصور من بناء ملوك الصناهجة لم ير الراؤون أحسن منها بناءا ولا أنزه موضعا”.
نجد في مدخل المدينة بئر بني في العهد الحمادي، فقد كان زوار المدينة يتوضؤون منها قبل دخولهم لها، إذ كانت تعلوها هالة من القداسة والتبجيل بعلمائها وأوليائها ومدارسها الصوفية، وهذا البئر يقع في الجهة الغربية للمدينة، كونها مدينة طاهرة من كثرة احتضانها لرجال الدين وطلاب العلم.
هذا البحر أحد البقايا الرمزية التي أعطت المدينة التي يبلغ عمرها أكثر من ألف سنة طابع “المدينة المقدسة”، ويقال إن الزوار والحجاج من أربعة أركان من المغرب العربي استمدوا منها الماء لإرواء عطشهم ولكن أيضا للوضوء قبل أن يطلق عليها ابن عربي اسم مكة الصغيرة.

 أفضل شواطئ بجاية
إلى جانب تاريخها، تُعد بجاية واحدة من أهم الوجهات السياحية الصيفية في الجزائر لما تتمتع به من واجهة ساحلية تطل على الخليج والبحر المتوسط، وتُوّفر شواطئ خلّابة ساحرة مُتكاملة المرافق والخدمات من مسابح، مطاعم، محلات إقامة شاطئية، مواقع أثرية وقمم جبلية قريبة رائعة لجولات التسلق والسفاري والتخييم.
نتناول في هذا المقال أشهر 3 شواطئ من شواطئ بجاية والتي تعمل على راحة ورفاهية الزائر طوال فترة زيارته أو إقامته، وذلك حسب تقييمات زوّار سابقين.
تضمّ المدينة سلسلة من الشواطئ التي تستقطب أعداداً كبيرة من المُصطافين والسُيّاح كل عام من سُكّان الولاية والولايات المُجاورة وممَن هم خارج أقطار البلاد بصفة عامة.
 
 شاطئ ملبو
هو من شواطئ بجاية الأكثر شعبية وتكدساً بالمُصطافين من العائلات لما يتميّز به الشاطئ من منطقة سباحة آمنة نظيفة ونقية بفضل دوريات الشرطة وفرق الإنقاذ المُستمرة على مدار الساعة وعمال النظافة الذين يمرون على الشاطئ بصفة يومية كل صباح، إلى جانب ما يوفره من مرافق خدمية للمُصطافين من النساء والرجال من دورات مياه ورشاشات مُنفصّلة للمياه ومطاعم وأكشاك لبيع الأسماك والمأكولات البحرية والشاورما والمُثلجات والمشروبات المُرطّبة، كما يوفر فرصة رائعة للزائرين من كل مكان لمُشاهدة الأعراس التقليدية وعاداتها وتقاليدها المُتوارثة عبر الأجيال.

 شاطئ بوليماط
يُعد شاطئ بوليماط واحداً من أفضل شواطئ بجاية التي شهدت عناية رسمية مؤخراً في محاولة لتهيئتها كنقطة ساحلية مُميّزة تجذب المُطافين من سكان البلد أو المدينة المحليين والزوار من أقطار أخرى.
ويتميّز الشاطئ بمياه صافية وأمواج هادئة تجعله بقعة آمنة للسباحة مثالية للبالغين والأطفال وغير المُحترفين، هذا إلى جانب إطلالته الساحرة على مناطق الجبال والغابات الخضراء، وموقعه المُميّز القريب من مناطق بجاية الترفيهية الأخرى مثل ميناء بني كسيلة للصيد البحري.
كما يوفر كذلك للمُصطافين أكشاك لبيع الوجبات الخفيفة والمُرطبّات والمُثلّجات وسلسلة من المنازل الفاخرة التي يُمكن التفاوض على استئجارها خلال وقت العطلة.

 شاطئ “لي زيقاد”
هو من أجمل شواطئ بجاية على الإطلاق، وإن كان من الأفضل التعامل معه كمنتزه وطني تجتمع فيه المياه الفيروزية النقيّة، الصافية والينابيع المُتدفقة مع المُرتفعات الخضراء التي تكسوها الغابات والشجيرات والبساتين شديدة الخُضرة والكثافة وأشهرها على الإطلاق قمة رأس كربون.
يُمكنك الاستمتاع بجمال الموقع الخلّاب، حيث ترتطم مياه البحر بالكتل الصخرية الصغيرة التي تقتطع مسارها حتى تصل لقمم الجبال الشاهقة وزيارة الضريح المُقدّس من خلال الاشتراك في الجولات الجماعية التي تُنظّمها بعض الجمعيات الرياضية المحلية لاستكشاف المنطقة، إضافةً للجولات المُيسّرة التي تُنظّمها جمعيات أخرى للزوار من كبار السن.
ويُوّفر المُنتزه أيضاً لزائريه عدد كبير من المطاعم وأكشاك الوجبات الخفيفة والمشروبات خلال فصول الصيف والتي تعمل بطاقة أقل خلال الشتاء، مع مواقف خاصة لصفّ السيارات.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024