«تصديرة العروسة”.. “يوم الطلوع” و«يوم الحزام” 

هـذه تقاليد زفاف عرائـس الزيبان..

رغم ما تعيشه معظم المناطق الجزائرية من آثار عصر السرعة هذا، والذي قضى إلى حدّ ما على تنوع العادات وغنى التقاليد المعنوي من مدينة إلى أخرى، لكن الكثير من المناطق بقيت صامدة في وجه التحوّلات، متشبثة بأعرافها وأصالتها، خاصة في عادات الزفاف التي تعد لدى الجزائريين أحد أهم مظاهر جمالية العادات لأي منطقة من المناطق، من بين هذه المدن بسكرة التي اخترنا إظهار جانب من أفراح مجتمعها من خلال إبراز مراسيم العرس البسكري الفريدة من نوعها.
تمتد بهجة العرس البسكري طيلة ثلاثة أيام، يختص كل يوم بمراسيمه التقليدية الخاصة، حيث يقوم أهل العروس في اليوم الأول، بدعوة الأهل وكما يقال بالعامية “تصدير العروسة” ثم تخضيب يداها في الليل بالحناء وهي ترتدي برنس الحمام، أما اليوم الثاني فيدعى “يوم الطلوع” وهو يوم دخول العروس إلى بيتها، حيث ترتدي الفستان الأبيض ويوضع على رأسها لحافا ورديا وتذهب إلى بيتها الجديد غير أنه في الآونة الأخيرة اندثرت عادة اللحاف الوردي وحلّ محلّها البرنوس.
وأما اليوم الثالث ففيه تكمن ميزة العرس البسكري عن غيره من الأعراس إذ يذهب أهلها إلى بيتها ويحضرون معهم وجبة الغذاء التي تسمى بـ “قصعة العروسة”، وهي من العادات القديمة التي يختص بها أهل الجنوب والتي لا زالت تتوارثها الأجيال وتتمسّك بها إلى يومنا هذا.
 ويوضع فيها طبق الشخشوخة، وهو أشهر الأطباق التقليدية بذات المنطقة، إذ تحتوي على الكثير من قطع اللحم، ويتطلب طبخها حسب ما جرت عليه العادة خروفا كاملا بالإضافة إلى عدد معتبر من الدجاج، ثم يتم تزيينه وهنا تتنوع الزينة حسب أذواق العائلة فمنها من تزينها باللحم والدجاج والبطاطا المحمرة والحلوى والزبيب، وهناك من يفضل طبخ الكسكس ويرفق بصينيات الحلوى بمختلف أنواعها والتي تحضرها والدة العروس كتعبير عن محبّة أهلها لأهل العريس ويكون العريسان أول من يأكل منها ثم يتم توزيعها على بقية الحضور.
ويبقى العرس قائما بدار العريس، حيث تصدر العروس مرة أخرى في اليوم الثالث من العرس، إذ يطلق عليه اسم “يوم الحزام”، حيث تقوم أكبر امرأة من نساء أهل العريس بتحزيم العروس، بعد ذلك ترتدي هذه الأخيرة اللحاف الوردي، الذي وضع على رأسها عند خروجها من دار أبويها فترتديه هذه المرة وتضع الحزام على طريقة اللباس التقليدي الشاوي ومن العادات أن من يقوم بتحزيم العروس هذه المرة طفل صغير كفأل له بالزواج وللعروس ببقائها مع زوجها مدى الحياة.
 وبعد ذلك يتمّ إحضار خليط من الحلوى يدعى بـ«الخلوط” الذي يتمّ وضعه في سلة مصنوعة من السعف يتم رميها فوق العروس وتلقي هي ببعضها للحضور تفاؤلا باقتراب زواجهم.

الفرق الفلكلورية تفصيل مهم
 وفيما غلب على معظم الأعراس البسكرية الاحتفال بالـ«الديسك جوكي” لازالت الكثير من العائلات تحضر فرق فلكلورية كفرقة “المرزوق” التي تعزف على المزود وهو آلة موسيقية نفخيه إضافة إلى استخدام الطبل ووجود فرق المدح كفرقة القادرية إلى غير ذلك من الفرق الفلكلورية والإنشادية، التي تدل على أنه لا زال الكثير من أهل بسكرة من يتمسكون بتراثهم العريق وعاداتهم السليمة بل ويجعلونها أساسا لاكتمال أفراحهم وشرطا لتحقيق سعادتهم رغم ما نشهده حاليا في الكثير من أعراس المنطقة.
وكان فيما مضى يقام العرس طيلة سبعة أيام بلياليها، وكانت تزف العروس وهي راكبة على الحصان ويتبعها البقية مشيا على الأقدام إلى غير ذلك من العادات التي انمحت بحكم الميول الثقافي أو السفر إلى البلدان الأجنبية أو بحكم الطبقة الاجتماعية ودون إغفال ما لوسائل الإعلام ومن أثر في بث هذه الثقافات الجديدة بطريقة ساحرة قد تنسي البعض عاداته وتحمله على استبدالها بغيرها.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024