نسائمها عليلة وفضائلها جليلة

”حديقة الرّاحة”..تحفة الزّائـر فــي أعـالي سكيكـدة

سكيكدة: خالد العيفة

 الشّريط الساحلي لسكيكدة من بين الأجمل والأكثر تنوّعا على مستوى الوطن، من رمال، صخور، أدغال، غابات، وديان، وشلالات لا يمكن وصفها، والكثير من الطبيعة التي لا تزال غير مكتشفة ومجهولة إلا من سكان تلك المناطق، ومن بينها بلدية “خناق مايون”، التي تتوفر على طبيعة عذراء ومقومات سياحية واعدة.

«خناق مايون” تحفة سياحية بامتياز، تحيط بها من كل جانب غابات الأرز والصنوبر الحلبي وأشجار الفلين التي تؤشر لوجود ثروة اقتصادية تحتاج إلى استغلال يزيد في خلق الثروة ويعزز بهاء المكان وجماله، رغم أن واقع البلدية ما زال لحد الساعة قاسيا، وبحكم موقعها الجغرافي لها مقوّمات تؤهّلها لأن تنتزع مكانتها السياحية كأفضل الوجهات، وأكثرها سحرا بفضل ما تزخر به من معالم حضارية وتاريخية ومناظر طبيعية في غاية الجمال، استهوت كل من يزورها.

«خناق مايون” وحديقة “الرّاحة”

 أضحت حديقة “الراحة” قبلة للزائرين من مختلف أنحاء الولاية وخارجها، لاسيما في فصل الصيف، من قاصدي شواطئ البلدية “خرايف” و«مرسى الزيتون” أو شاطئ واد الزهور، وحديقة “الراحة” ببلدية خناق مايون، تتخذ جانب الطريق المؤدي للبلدية وسط الغابة الكثيفة مكانا لها، على مساحة شاسعة أحيطت من كل جانب بسياج خشبي جميل، وهيّئت كراس وطاولات من الحطب، ونصبت بعض ألعاب الأطفال، وشاليهات خشبية تستعمل كمرافق خدماتية، والتي أبدى بعض الزائرين إعجابهم بهذا الفضاء الطبيعي، حيث الهدوء يخيم على المكان، ومناظر الجبال الخضراء تجعل الزائر لا يمل من الجلوس في هذه الحديقة.
ووجود هذا المرفق الهام يعود إلى مبادرة المجلس البلدي الأسبق، بإنشاء حديقة للراحة على مستوى الفضاءات الغابية التي تشتهر بها، لنفض الغبار عن المنطقة والسعي لإنجاز مشاريع تنموية بها، وذلك ضمن استراتيجية جلب السواح الذين يفضّلون الجبال للاستجمام والقيام ببعض النشاطات الرياضية.
وكان أمل سكان البلدية ومن ورائهم كل سكان الولاية، الاستثمار بالمنطقة وإنجاز حديقة للحيوانات على غرار حديقة كسير بجيجل، لأن المنطقة تتوفر على مقومات نجاح هذا المشروع بأرض الواقع، وستكون ذات مردود سياحي وتجاري ناجح، لاسيما وان ولاية سكيكدة  بشساعتها لا تتوفر على حديقة لائقة، إضافة الى إخراج البلدية من العزلة التي جعلت سكانها في نزوح شبه دائم الى بلديات أخرى بالولاية.
وتساهم جمعية “زوايا التنمية” لخناق مايون، منذ نشأتها بشكل كبير في بعث حركة دائمة بالمنطقة، مكنتها من تحقيق أهدافها، والمتمثلة حسب رئيس الجمعية نبيل ارهاب، في نشر ثقافة العمل الجمعوي واكتشاف المواهب والطاقات المبدعة، ونفس الامر للمكتب الولائي لجمعية “جسور” لحفظ الذاكرة سكيكدة بقيادة طاهر علي العرنان، التي تعمل على إعادة رد الاعتبار لتاريخ المنطقة الضارب جذوره في الأعماق، من خلال تنظيم أبحاث ومحاضرات وزيارات لأهم المواقع الأثرية، مع التركيز على الجانب السياحي والثقافي.
وتطمح البلدية للاستثمار في السياحة الجبلية والصيفية لما تتوفّر عليه البلدية من غابات جميلة، علاوة على ذلك فإن للبلدية شاطئان بارزان، ما زال المصطافون من كل جهات الوطن يقصدانهما، ويتعلّق الأمر بشاطئ “مرسي الزيتون” وشاطئ سيدي عبد الرحمان “خرايف”، ويقعان بجوار مناطق غابية كثيفة تغطيها الأشجار والمناظر الطبيعية الرائعة، وكان من الممكن أن تتحوّل البلدية إلى مركز استقطاب سياحي رائع، يؤدي إلى مضاعفة المداخيل المحلية وخلق مناصب شغل تتحول من مؤقتة إلى دائمة وزيادة الدخل الجماعي، وذلك بتدعيم الشاطئ بمخيم عائلي يمكن للوافدين من العائلات التي تأتي من جهات بعيدة من الإقامة الطويلة والتحرك نحو المتاجر والمحلات لتموين نفسها بالمواد الغذائية وحاجياتها الضرورية طيلة فترة الإقامة.

فسيح ومريح

 يقول نبيل أرهاب، رئيس جمعية “زوايا التنمية”، بلدية خناق مايون واحدة من البلديات السياحية الجميلة والمتميزة، نظرا لما تمتلكه من مقومات سياحية متميزة، جعلتها مقصدا سياحيا يحج إليه الكثير من الزوار في كل صائفة، فهي تمتلك مؤهلات طبيعية (غابات، شواطئ، وديان...)، فتحت شهيتها لتفكر في استغلال ما تمتلكه من مقومات للنهوض بالسياحة عموما والسياحة الجبلية خصوصا، وهو ما دفعها للتفكير في انجاز فضاءات راحة تستقبل أعدادا إضافية من الزوار، فتم إنجاز مساحة الراحة بخناق مايون سنة 2016، حيث كانت عبارة عن غابة مليئة بالأشواك لتتحول إلى واحدة من المكاسب التي تدعم اليوم رصيد السياحة الجبلية على مستوى البلدية والولاية ككل، وقد أضحت قبلة لعدد كبير من الزوار (عائلات وأفراد، شبابا وأطفال..) من داخل الولاية وخارجها.
هذا المتنفس الطبيعي، يوضح نبيل، “المقابل لمنظر طبيعي متناسق جمع الغابة والبحر، والمتربع على مساحة 8800 متر مربع، تحول لمكان راحة فسيح ومريح، متوفر على الإنارة وتتواجد به الكراسي وطاولات متوزعة بأرجائه، ويستظل الزوار فيه تحت ظل أشجار الصنوبر في جو من الهدوء والراحة النفسية والاحترام المكفول، كما توجد به أكشاك تقدم وجبات الاكل السريع نهارا وليلا، وفضاءات لعب للأطفال ومراحيض عمومية يسيرها مستثمرون خواص مما يعود بالفائدة على خزينة البلدية”.
وأقيمت به حفلات ترفيهية للأطفال الصغار، يضيف رئيس جمعية “زوايا التنمية”، كان آخرها حفل نظمته جمعية زوايا التنمية صيف 2022، وقد استقطب عددا هائلا وكبيرا من العائلات والأطفال، وهو ما جعل الكثيرون يطالبون بإنجاز مسرح في الهواء الطلق بجانب مساحة الراحة لإقامة حفلات هادفة تخلق حركية ونشاط أكبر، وتساهم في جذب عدد أكبر من الزوار وتدر على خزينة البلدية أموالا إضافية.
وأشار نبيل أرهاب، إلى أنّ مساحة حديقة
«الراحة” بحاجة ماسة لدعمها بوسائل ترفيه إضافية خاصة للأطفال أمام عجز البلدية في توفيرها بسبب عجز الميزانية، كما يمكن التفكير في إنجاز ملحقة للحديقة خاصة بالحيوانات لإعطاء المكان المتواجد بمدخل البلدية ميزة التنوع الذي سيعطي للسائح او الزائر مجالات ترفيه واستمتاع أكثر تنوعا.
ويوضح طاهر علي العرنان، رئيس المكتب الولائي لجمعية جسور لحفظ الذاكرة لسكيكدة، “أن منطقة اولاد عطية تزخر بمقومات سياحية كبيرة من جبال ووديان وشواطئ كشاطئ خرايف الخلاب ومرسى الزيتون وواد الزهور واودية كوادي الزهور، وادي الرميلة، وادي تيزغبان مما جعلها قبلة للسواح والمصطافين من مختلف ولايات الوطن وحتى ابناء الجزائر في المهجر وحتى بعض السواح الاجانب خاصة الليبيين والتونسيين.
ومن بين الأماكن التي يقصدها سواح المنطقة حديقة أخناق مايون، هذا المرفق الذي يستقطب مختلف الشرائح من عائلات وشباب خاصة العرسان، فالمرفق يحتوي على فضاء للعب الاطفال وللعائلات، كما تم كراؤه من طرف مستثمر به مطعم ومقهى يقدم خدمات للسواح”.
وأضاف، طاهر علي العرنان، “يعتبر الصيف الفصل الاكثر اقبالا من قبل الزائرين، خاصة الفترة المسائية الى غاية منتصف الليل وحتى الساعات الأولى من النهار، ورغم الاقبال الكبير نسجل غياب برامج ترفيهية تفافيه تربوية بالحديقة حتى تستقطب من خلالها الاطفال والعائلات، كذلك نقص وسائل اللعب للأطفال”.

شتوية وصيفية

 ويأمل رئيس المكتب الولائي لجمعية جسور لحفظ الذاكرة، “استغلال هذا المرفق طيلة فصول السنة، مع تشجيع السياحة الشتوية والسياحة التاريخية لما تزخر به المنطقة من معالم تاريخية، وهذا بتنظيم رحلات للمنطقة وتشجيع التخييم لتكون الحديقة نقطة التقاء وتبادل الافكار بين ابناء الجزائر، لان حديقة “خناق مايون” مرفق سياحي هام بحاجة الى تطوير ووضع برامج خلال السنة لتنشيطه، والتشهير له مع استغلال الجزء الثاني العلوي للتخييم”.
وأضاف علي العرنان، “هذا المرفق يملك امكانات كبيرة ليكون صرحا سياحيا كبيرا في الولاية، خاصة في وجود الغابة والبحر والماء والهواء المنعش، هذه المؤهلات جعلت السواح في رحلة بحث عن كراء المنازل في غياب مراقد أو فنادق”.
ويعتبر رماش ياسين، إعلامي واستاذ بالمعهد الوطني المتخصص في التكوين المهني للسياحة فلفلة حديقة الراحة ببلدية “خناق مايون” من المشاريع الصديقة للبيئة، والتي تتماشى مع الطابع الريفي للمنطقة، فهذه الأخيرة المعروفة بطابعها الغابي السياحي، تحتاج إلى مثل هذه المشاريع الاستثمارية الداعمة للتنمية المحلية التي تخلق نشاطا وحركية اقتصادية تعود بالفائدة على السكان المحليين، خاصة الشباب منهم الباحثين عن عمل، إذ تعتبر مصدر جذب للسواح خاصة إذا ما توفرت على المستلزمات الضرورية التي يحتاجها السائح، كما أنها تساعد في الدفع بالتنمية وكذا احتكاك سكان المدينة بسكان الريف، مع تبادل الثقافات والأفكار واكتشاف خصوصيات المناطق الريفية من عادات وتقاليد”.
وهنا يضيف ياسين رماش “وجب التركيز على دعم هذه العادات والتقاليد، والسعي على تعزيزها والتعريف بها عن طريق وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وكذا الجمعيات المحلية، فمثل هذه المشاريع سيكون لها الأثر الإيجابي على المناطق الريفية تنمويا وثقافيا واقتصاديا”.
وأكد الأستاذ بمعهد التكوين المهني المتخصص في السياحة بفلفلة، “على السلطات المحلية في بلدية خناق مايون دعم هذا المقوم السياحي الاستراتيجي، الذي يشهد إقبالا كبيرا من طرف السواح رغم النقائص التي يعاني منها، فالسائح العصري أصبح يبحث عن سياحة بديلة صديقة للطبيعة في جو عائلي محترم ومحافظ”.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024