الانفصال السريع..

أسهل الحلول عند أول عقبة في الحياة الزوجية

تحوّل الطلاق في السنوات الأخيرة الى اول الحلول واسهلها عندما يجد الزوجين نفسيهما امام عقبة تنغص حياتهم الزوجية، وبالرغم من قدسية الزواج في المجتمع الا ان الملاحظ ان ازواج اليوم يطلقون عند اول مشكلة تعترض “سعادتهم الزوجية”، فحتى وان كانت بسيطة الا ان أروقة المحاكم اثبتت ان السنتين او ثلاث سنوات الاولى من الزواج تحولت الى اختبار حقيقي لاستمرار العلاقة من عدمها.
لم يمض سوى عام ونصف العام على زواج العشرينية ليلى حتى بدأت إجراءات رفع دعوى طلاق على زوجها الذي ربطتها به سنوات من الحب والتفاهم لكنها انتهت بـ«انفصال سريع”.
رغم فرحتها بتأسيس عائلة مع زوجها الذي زاملته في الجامعة ورافقته في العمل وعرفته الرجل الخلوق والمحب والمخلص لها على حد قولها، إلا أن سوء تفاهم “صغير” أشعل فتيل خلاف بينهما ولم يمر بسلام.
لم تكن وحدها الملامة في هذا الخلاف ولكن ربما سوء تصرف الأهل في كثير من الأحيان يكون السبب في تضخيمه وإيصاله إلى منعطف خطر قد يعصف باستقرار الأسرة وثباتها.
إصرار والدة ليلي على تركها لبيت زوجها في نفس اللحظة وجمع كافة ملابسها وحاجياتها وكل ما يخصها في نفس يوم المشكلة أوصل الخلاف إلى نهاية الطريق بحسب زوج ليلي الذي يعتقد أن هذه التصرفات أنهت الكلام و«ما تركت مجالا للصلح” كما يقول.
ليست ليلي وحدها من تجد الطلاق أول الحلول وأسهلها بسبب خلافات تكاد تكون حقيقية، متجاهلين تبعات هذا القرار المصيري على استقرار الحياة والأسرة وثباتها وكذلك الأمر على مستقبل الأزواج.
العشرينية روميلة قامت برفع دعوى طلاق قبل أن يكمل زواجها عامه الثالث، وثماره طفلتان الأخيرة لم يتجاوز عمرها 40 يوما، لجأت للطلاق دون أن تبذل مجهودا للتفكير في المشكلة ومستقبل الطفلتين اللتين بقيتا خارج حسابات زوجين يبحثان كل منهما على كرامته وعزة نفسه وإصرارهما من دون أن يعطي كلاهما لنفسهما بعضا من الوقت للتفكير، ليكون الطلاق أول الحلول وأسهلها.
عدم التيقن مما يترتب على الطلاق واستسهاله وغياب الإحساس بالمسؤولية جعل الكثيرين يختارونه قبل اختبار الحياة الزوجية بحلوها ومرها، ليغلب الكبرياء على الحب والعقل.
ومن مبدأ “باينة الشقة على حواشيها”، حكم الثلاثيني خالد على حياته الزوجية التي لم يمض عليها سوى عام ونصف، بالفشل عند أول خلاف، معتقدا في نفسه أنه إشارة إلى أن هذا الزواج لن يدوم فقرر إنهاءه دون أن يفكر حتى بمنح نفسه فرصة.
مواعيد زيارة الأهل والخروج مع الأصحاب والخلاف على أطباق الطعام “المشاكل”، التي وجد فادي أنها مؤشر جدي لإنهاء رابطة زوجية لم تنضج بعد.
مع دخول السبعيني حسن العقد الخامس من الزواج، يؤكد بأن الحياة الزوجية لم تكن سهلة أبدا، فقد اختبر طوال تلك السنوات الكثير من الأزمات والمشاكل والمنعطفات الخطرة التي هوت في بعض الأحيان باستقرار عائلته، إلا أنه وزوجته أصرا على الحفاظ على العلاقة بينهما والإبقاء على هذا الرابط المقدس.
ويأسف حسن للحال التي وصل إليها الأزواج هذه الأيام وارتفاع نسب الطلاق، عازيا ذلك إلى أنهم غير مؤهلين للزواج وتكوين اسرة، ولا يدركون القيم الحقيقية لإنجاح هذه الحياة المشتركة التي تحتاج للتنازل بكثير من الأحيان.
ويرى أن السبب الرئيسي في كثير من حالات الطلاق، عدم القدرة على ضبط الخلافات والعناد والندية، وتدخلات الأهل، ما يجعل الطلاق أول الحلول وأسهلها عند أول خلاف يحصل.
ويلفت إلى أن عدم إعطاء الأجيال الجديدة المساحة الكافية للتوضيح والتعامل الإيجابي مع المشكلة، والإصرار على العناد والندية والعصبية وإعلان الحرب والتشهير وكشف خصوصيات العائلة، تكسر العلاقة قبل أن تنضج.

التسرّع أهم الأسباب
يبين خبراء العلاقات الزوجية أن الأزواج في السنوات الأولى يأتون محملين بأفكار وثقافات وعادات مختلفة، لافتين إلى أن العلاقة الزوجية تحتاج إلى وقت كي تنضج، وتشتد، ويقوى عودها، وهذا لن يكون إلا باختبار المواقف والمشكلات والأحداث اليومية، التي تجعل الإنسان أكثر فهما وتعلقا لشريكه، فلا ينظران لكل موقف أو خلاف أنه سبب للطلاق.
شهد أ معدل الطلاق ارتفاعا خلال السنوات العشر الماضية علما بأن هذا المعدل يعني زيادة إجمالي عدد حالات الطلاق في سنة معينة منسوبا إلى إجمالي عدد السكان في نفس السنة.
ويعزو المختصون السبب في زيادة نسب الطلاق خصوصا في السنوات الأولى من الزواج إلى التسرع والاختلاف اجتماعيا وعلميا، كما يعتبر تدخل الأهل في الزواج قبل وبعد إتمامه سببا في فشله.
وتعتبر زيادة الأعباء المادية على الزوج واحدة من الأسباب التي تؤدي إلى حدوث المشاكل وتفاقمها، في ظل عدم القدرة على التفاهم بين الزوجين، حيث تؤكد الاحصائيات “أن كثيرا من حالات الطلاق تتمّ لأسباب سطحية ولا تذكر أحيانا”.
ويوضح الخبراء أن هناك خللا في وعي الشباب الذين يبحثون عن الزواج المثالي، فلا بد من إدراك أن التعامل بين الزوجين لا يمكن أن يخلو من المشكلات، والمهم هو كيفية التعامل وايجاد الحلول.

مفهوم جديد
شهدت السنوات الأخيرة بروز ظاهرة الطلاق تحديدا في بداية الحياة الزوجية، وأحياناً كثيرة يكون قبل فترة الدخول، ويلفت المختصون في علم الاجتماع إلى تشكل مفهوم جديد لدى الرجل والمرأة عن الطلاق، بينما كان في الماضي يعتبر من الخطوط التي يتجنبها الرجل والمرأة على حد سواء، لكن الآن لم يعد كذلك.
ويعزون هذه الزيادة إلى تغير مفهوم الزواج أيضا لدى المرأة، فلم يعد الزواج يشكل الحماية والضمانة الأكيدة لاستمرار حياتها بالنمط المطلوب، فالمرأة في الوقت الراهن قد تختار الانفصال خاصة إذا كانت الحياة الزوجية لا ترتقي إلى مستوى طموحاتها، وهنالك نساء لا يعطين الحياة الزوجية فرصا لتجاوز الخلافات وتحقيق النجاح، وعند أول مطب يكون الحل الانفصال، وكذلك الحال بالنسبة للرجل غير الناضج الذي لا يعطي الفرص لتحسين نمط الحياة والحفاظ على متانة الأسرة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024