إطفاء شمعة الآخر لن تجعل الطريق مضيئا

المـقارنـة الـسـلبيـة.. طــريق ممنهـج لتدمـير الــذات

في مسيرة الحياة المهنية، ينبغي التركيز على رحلتنا الخاصة وتجاربنا والاحتفاظ بإنجازاتنا، مهما كانت صغيرة، التعلّم من تجارب الآخرين والاستفادة من دروسهم وتجاربهم يعزّز من النجاح، لكن ينبغي أن يكون ذلك بعيدا عن الوقوع في فخّ المقارنة.
«كن مبدعا لا هادما”؛ يظنّ البعض أنّه من الأسلم والأكثر أمانا الإساءة لما يصنعه الآخرون من نجاحات وهدمها بدلا من النظر إلى تجاربهم كقدوة والتعلّم منها وبناء نجاحات خاصّة بهم، فلكلّ شخص قصته التي تميزه عن غيره، قد تتشابه التفاصيل لكن النتيجة تأتي مختلفة بحسب اجتهاد الشخص وثقته بما يريد وإصراره على أن يكون مبدعا في مجاله.
لا يدرك البعض، أنّ إطفاء شمعة الآخر لن تجعل الطريق مضيئا وحافلا بالنجاحات وفق ما تقول كريمة، وهي موظفة في إحدى الشركات، فالنّجاح يتحقّق بالسعي والاجتهاد واغتنام الفرص لا بالمقارنة.
وتبيّن، أنّ سنوات العمل الطويلة والتي تمتد لأكثر من 14 عاما جعلتها تختلط بأصناف كثيرة من الناس، منهم الغيور والحقود والمثابر والمبدع، الشخصيات هذه على اختلافها علّمتها درسا مهما أنّ الشخص الناجح هو من يثق بإمكاناته وينظر إلى تجارب الآخر باحترام، فالنّجاح لا يكتمل إلا بعين تراقب وتتعلّم.
كريمة تعوّدت منذ البداية على أن تصفّق لنجاحات غيرها وتكون داعمة لكلّ زملائها، فنجاحهم لن يقلّل من نجاحها، وهذا ما ساعدها على أن تتطوّر أكثر وترسم طريقها بنفسها وذلك لأنّها آمنت بأنّ النّجاح وليد التعب والمغامرة.
أما عدلان، فيرى أنّ بعض الأشخاص يخسرون فرصهم بسبب حقدهم على الآخر لمجرد أنّه ناجح، هؤلاء يسجنون أنفسهم في دائرة المقارنة طوال الوقت، فيكون شغلهم الشاغل التقليل من تعب الشخص الناجح وإشعاره بالتقصير مهما فعل لكونهم ينتظرون فشله.
ويشير إلى أنّ غيرتهم السلبية من نجاح غيرهم تزيد من حزنهم وتقيّدهم، لذلك يختارون أن يستسلموا للحقد فيفقدوا فرصهم في النجاح، وهذا الحال ينطبق على أحد زملائه الذي لا يتردّد في هدم أيّ نجاح وتشويهه فقط لأنّه لم يستطع أن ينجح.

«من راقب الناس مات هما”

السلام الداخلي هو ما يجعل الإنسان يرى في نجاحات الآخرين القدوة حسب ما يبيّنه المختصون، فهناك فرق كبير بين الشخص الحاقد الذي يسيء لنجاح الآخر ويقلّل منه بل ويتآمر من أجل الإيقاع به. وبين الشخص المطمئن الواثق من إمكاناته والذي يسعى دائما إلى تحقيق الأفضل، وذلك من خلال العمل والاجتهاد والتطوّر باستمرار.
لا أحد يستطيع أن ينجح من دون أن تكون لديه الأهداف والأفكار الجديدة والقدرة على المبادرة والصدق في أقواله والشجاعة في مواقفه، هذا هو الإنسان الذي يحقّق نجاحه من داخله بتصالحه مع نفسه والاستفادة من دروس الماضي للمستقبل وبناء الاستراتيجيات التي تحفّزه للوصول إلى النجاح وتحقيق الأهداف.
وتتلخّص المشكلة في مقولة: “من راقب الناس مات هما”، لأنّ هذا النوع من الناس ينسى نفسه وينشغل بغيره وهذا الإنشغال يمنعه من رؤية الأمور على حقيقتها، فكثير من الناجحين تعبوا واجتهدوا وثابروا ومرّوا بظروف صعبة، لكنّهم لم يستسلموا بل عرفوا كيف يكونون أقوياء ومبدعين ومستثمرين للفرص، وذلك لأنّهم يؤمنون بأنّ “لكلّ مجتهد نصيب” وأنّ نجاح الآخرين لا يعني فشلهم.
والنجاح بشكل عام، هو أن يحقّق الإنسان ما يصبو إليه ويحلم به، سواء أكان قريبا أو بعيدا صغيرا أو كبيرا وهو غالبا يرتبط بأهداف واضحة ولا يشترط أن تكون الأهداف عظيمة أو كبيرة، بل المهم أن يحدّد الشخص أهدافا يسعى إلى تحقيقها بعزم وإصرار وإرادة.
علينا أن نكون مليئين بالأفكار قادرين على استيعاب كلّ ما هو جديد في مجالاتنا وإبداع أفكار جديدة قادرين على مشاركتها مع الآخرين والاستفادة من إبداعاتهم وآرائهم وانتقاداتهم لإثراء حياتنا العملية والمهنية.
إلى ذلك، التعاون والتشارك والتكامل صفات أساسية لإنجاح أيّ مهمة أو عمل أو مشروع، وفي علاقاتنا العملية أو المهنية وتفاعلاتنا، يجب أن نكون على قدر من الوعي والتركيز. كذلك، امتلاك المهارات الاجتماعية الإيجابية في تعاملاتنا لتحقيق الصالح العام وتنمية وتقدّم المجتمع وتحقيق التطوّر والتقدّم والنجاح لشركاتنا ومؤسّساتنا وأماكن عملنا، أيضاً لتحقيق بعض المصالح والنجاحات الشخصية، من دون الوقوع في الخطأ، كتغليب المصلحة الشخصية بالمطلق على المصلحة العامة، أو التقليل من قيمة وعمل الآخرين والاستهانة بخبراتهم وإنجازاتهم.

«تأخذ بيد الفاشل حتى ينجح”

المنافسة السلبية الهادمة التي قد تضرّ بعمل الآخرين، أو احتكار المعرفة والخبرة هو نوع من الأنانية، والسلوكيات والتفاعلات داخل بيئة العمل مركّبة ومعقّدة وتحتاج لقدر كبير من الفهم والوعي لإنجاح العمل والتقدّم والتطوّر، وبذل الجهد والتركيز على عملنا بدلا من أن نضيّع وقتنا وجهدنا في التركيز على أعمال الآخرين ومقارنة أنفسنا بهم.
الجميع يحتاج إلى تحديد الأهداف وتنظيم الأفكار، وحتى نكون مبدعين يجب ألا يكون أداؤنا ضعيفا أو متوسطا، بل يجب أن نكون على مستوى عال من الأداء والطموح والقدرات، فالنّجاح والتميّز لا يتحقّقان إلاّ بالعمل على تقديم مساهمة فعّالة للشركة أو المؤسّسة التي نعمل بها، والحرص على التعلّم المستمر والتطوّر في مكان العمل.
وهناك مقولة معروفة تقول: “إنّ المجتمعات الناجحة هي تلك التي تأخذ بيد الفاشل حتى ينجح والمجتمعات الفاشلة هي التي تأخذ بيد الناجح حتى يفشل”.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024