تتكاثر على مواقع التواصل الاجتماعي

”الإعلانات المدفوعة”.. عندما يتلاعب المؤثرون بعاداتنا

«سوف تخسر الكثير من وزنك بعد تناول هذا المنتج خلال فترة قصيرة”، “تغلّبي على علامات التقدّم في السنّ بعد استخدامك هذا المنتج السحري” و«سيمنحك منتجنا القوّة الجسدية التي تحلم بها”؛ تتردّد هذه العبارات وغيرها على مسامعنا كثيراً عبر شاشات الفضائيات وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تروّجها أحياناً شخصيات مؤثّرة من الوسط الفني أو عبر منصات التواصل الشهيرة مثل إنستغرام وتيك توك.

أصبحنا نرى متخصّصين غذائيين يروّجون منتجات، يزعمون أنّها صحية وآمنة وتحقّق الكثير من الفوائد، ويكون هذا عادةً في إطار شراكة مدفوعة -لا يُفصَح عنها تماماً- مع إحدى الشركات الغذائية.
فما هي طبيعة العلاقة بين تلك الشركات والأخصائيين في التغذية، ومدى مصداقية الإعلانات الترويجية التي يظهر بها بعض الخبراء المعتمدين؟
لوبي يبيع الوهم
كشف تحقيق صحفي أجرته صحيفة “واشنطن بوست” ومنظمة “ذا إكزامينيشن” المعنية بإعداد تقارير عن الصحة العامة العالمية، عن دفع بعض شركات صناعات الأغذية والمشروبات والمكملات الغذائية الأموال لعشرات من متخصّصي التغذية، الذين يملكون ملايين المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي؛ للمساعدة في الترويج لسلامة وصحة منتجاتهم وزيادة مبيعاتهم، بالرغم من كونها تستخدم مواد تُحذر منها منظمة الصحة العالمية.
وكشف التحقيق أيضاً بعد تحليل آلاف المنشورات أنّ الشركات الغذائية والمجموعات الصناعية دفعت لمتخصّصي التغذية مقابل نشر محتوى يشجّع المشاهدين على تناول الحلوى والآيس كريم، ويقلّل من المخاطر الصحية للأطعمة عالية المعالجة، ويروّج للمكملات الغذائية غير المثبتة، وهي رسائل تتعارض مع الكثير من الأدلّة العلمية المثبتة حول مخاطر تلك الأطعمة.
«اشتريت منتجاً عشبياً بعد أن شاهدت إعلاناً له على إحدى الصفحات على فيسبوك”؛ هذا ما يقوله عامر الذي يعاني من الوزن الزائد، متحدثاً عن تجربته في شراء أحد منتجات التخسيس التي تُروَّج، على أنّه يساعد في حرق الدهون، وتنحيف الجسم، ويوضح هذا الشاب البالغ من العمر 26 عاماً أنّه لم يلحظ فرقاً كبيراً في وزنه بعد أن استعمله.
في حين تكشف أميرة، أنّها فقدت بعض الكيلوغرامات بعد شرائها بعض منتجات التخسيس، التي شاهدت إعلاناً لها على إحدى صفحات موقع إنستغرام، والتي قيل في الإعلان عنها إنّها ستجعل المرء يفقد نحو 8 إلى 10 كيلوغرامات في غضون 21 يوماً فقط، من دون اتّباع نظام غذائي معيّن أو أيّ وسائل أخرى، ولكن ما أن توقفت عن استهلاك هذا المنتج حتى عاد وزنها إلى الازدياد.
ويلاحظ هذا المحتوى على منصات التواصل وشاشات الفضائيات، على لسان أشخاص غير مختصين ولا ينتمون إلى القطاع الصحي في الكثير من الأحيان، وبالأخص لمنتجات تزعم أنّها تساعد في حرق الدهون وخسارة الوزن، وذلك باستخدام المنتج المعلن عنه فقط، والذي يروَّج له أيضاً على أنّه مناسب لجميع الأشخاص والأعمار، بغض النظر عن حالتهم الصحية.
وتروّج تلك الإعلانات المنتج المعلن عنه بأنّه “الحلّ السحري”، الذي سيمنحهم الوزن المثالي في فترة قياسية، ما يجعل المريض يهمل الأساليب الحياتية الأخرى الضرورية لخسارة الوزن والحفاظ عليها، والتي يحتاج إلى الالتزام بها طوال حياته، مثل اتّباع نظام غذائي صحي، وممارسة النشاط البدني.
ووصل الأمر أيضاً إلى استهداف الأطفال في تلك الإعلانات، حيث أطلقت إحدى الشركات في العام 2019، حملةً ترويجيةً لمنتجها الذي وصفته بالحلّ السحري لحرق الدهون، ووجّهت في إعلانها الذي انتشر على عدد من الفضائيات دعوةً صريحةً إلى الآباء والأمهات، لاستخدام المنتج في مساعدة أبنائهم على خفض وزنهم.
وكانت محكمة تلك الدولة الاقتصادية قد قضت بتغريم الممثل القانوني للشركة، على ذمة قضايا تتهمها بالنصب على المواطنين بالإعلان عن منتج غير مطابق للمواصفات، ومنع عرض إعلاناته في القنوات.
تعامل مع الإعلانات بحذر
حذر الأطباء من شراء منتجات عشبية أو مكملات غذائية، غير معتمدة رسمياً، خاصةً تلك التي تباع عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بعد تزايد الإعلانات عن منتجات صحية يروّجها أصحابها على أنّها تحمل حلولاً سحريةً لمشكلاتهم، في حين لا تكون هناك مقار رسمية لبائعي تلك المنتجات، ويجري توصيلها عبر خدمات الشحن، أو إرسال مندوبين إلى المنازل في الغالب.
وشدّدوا على ضرورة عدم تصديق ما تروّجه تلك الشركات من أكاذيب حول قدرات منتجاتها السحرية والامتناع عن شرائها؛ لما تسببه من أضرار كبيرة لصحة الإنسان، قد تؤدّي إلى الوفاة.
في هذا السياق، خسارة الوزن لا تتم عن طريق استخدام منتج معيّن بمفرده، بل يجب التعامل مع السمنة على أنّها مرض مزمن، ينبغي تشخيص أسبابه أولاً، والكشف عن أيّ مضاعفات نتجت عنه، ثم تُرسم خطة العلاج التي تبدأ بتوعية المريض بالأساليب الحياتية والغذائية الخطأ التي قد تكون أدّت به إلى الإصابة بالسمنة، وتعليمه الأساليب الصحية البديلة، ووصف الأنظمة الغذائية المناسبة له ولحالته، بالإضافة إلى بعض الأدوية التي تناسب حالته الصحية أيضاً، فهناك على سبيل المثال بعض الأدوية التي لا تناسب مرضى الضغط والسكر.
ونحذر من وجود منتجات تخسيس تباع في علب معدنية، تدخل في تكوينها مواد تؤثر على المخ مباشرةً مثل مادة السيبوترامين، التي تعمل على مراكز الشبع في المخ؛ ولكنها تتسبب في أعراض جانبية خطيرة مثل الأزمات القلبية، الجلطات الدماغية، ارتفاع ضغط الدم، الصداع، الذهان والاكتئاب.
بينما لا تزال هناك بعض منتجات التنحيف التي تدخل في تركيبتها مادة السيبوترامين، وتُروَّج على أنّها آمنة تماماً دون ذكر مكوّناتها، ولا يُكتشف ذلك إلا بعد ظهور أعراضها الجانبية على المريض بعد الاستخدام.
وعليه، من الضروري عدم شراء أيّ منتج مجهول الهوية بتوصية من أيّ أحد من غير الأطباء المتخصّصين والأماكن الموثوقة؛ لضمان أن تكون هذه المنتجات آمنةً ومرخّصةً من الجهات الصحية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024