“التشعبينة”..

طقـوس الاستعـداد لـ ”سيدنا رمضـان” في الجزائر

تبدأ الاستعدادات لشهر رمضان عندنا خلال شهر شعبان، ويطلق أهلنا على هذه الاستعدادات اسم “التشعبين” أو التشعبينة”، وهي تختلف من منطقة إلى أخرى. ويتفاءل الجزائريون في شهر شعبان بدخول شهر الصيام فيقولون “ريحة رمضان”، تعبيرا عن اقتراب رمضان، وعادة ما تبدأ “التشعبينة” في الأسبوع ما قبل الأخير من شعبان لكن هناك من يعتبر شهر شعبان كلّه مساحة للاستعداد، وفي هذه المساحة يتجهّز الناس روحيا وماديا لشهر الصيام.

في الجنوب الكبير يتصالح المتخاصمون مع بعض ولا يجوز أن يدخل رمضان واثنان متخاصمان، وهذا تقديرا لشهر الصيام، ويعبّر ساكنة الصحراء عن هذا التصالح بالقول “لا صيام مع الخصام”، ويعتبرون هذا الأمر واجبا دينيا لتطهير النفس من العداوة والقطيعة مع الآخرين.
ومن أجل هذا الصلح يقيم الصحراويون عشاء أو لمّة يُدعى إليها ساكنة منطقة معيّنة، وأثناء اللّمّة تُعقد جلسة تسمى “طلب السماح”، يطلب فيها المتخاصمون السماح من بعض وتتواصل الأرحام ولا يدخل رمضان إلا وقد زالت كلّ أنواع الخصومات مهما بلغت، ولزيادة بركة اللّمّة تختم بقراءة القرآن والدعاء للأحياء والأموات.

في الشرق.. “جبر السوايل”

في قسنطينة تُقام عادة تسمى “جبر السوايل” أيّ جبر خواطر المحتاجين، ويردّد أهل قسنطينة هذه المقولة “يا سايلي في ليلة الوديعة أنا جبّارك، ادعي لي يا عزيزي تكون الجنة رباحي، وأنا خدامك”، بمعنى “يا سائلي في ليلة الشعبانية، أنا أجبُر خاطرك بالجواب، ادع لي يا عزيزي أن أكون في الجنّة من الرابحين، وأنا سأكون خادما لك”.
وجرت العادة أن تبدأ “التشعبينة” في آخر أسبوع من شعبان وتسمى “ليلة الوديعة” أو “ليلة جبر السوايل” بمعنى (ليلة التصدق على المحتاجين لجبر خواطرهم) قبيل دخول الشهر الفضيل.
وفي هذا السياق، تقول السيدة حنان شاوي (ربّة منزل)، إنّ العادة جرت أن تقدّم العائلات ما لديها للمحتاجين، لتستبق دخول رمضان بصدقات والصدقة من خير الأعمال.

غرداية.. “طبق شعبان” وسباق الخيل

في وسط وفي غرب البلاد عموما، يُقام “طبق شعبان” وعادة ما يكون الكسكسي وتلتئم العائلات وسكان الأحياء الكبيرة في لمّة كبيرة، يتسامرون فيها ويتصالحون أيضا.
وفي غرب البلاد لا ينسى السكان عاداتهم المرتبطة بالفروسية، حيث تقام سباقات الخيل وإطلاق طلقات البارود واستعراض مهاراتهم.
كما تخزّن عائلات الطعام قبل دخول رمضان، وهذا تحسّبا لتوفير ما يكفيهم لقضاء شهر يصفونه احتراما وتقديرا بـ«سيدنا رمضان”.

عادة مشتركة.. تنظيف البيوت والمساجد

أما العادة المشتركة بين الجزائريين في “التشعبينة” فتتعلّق بتنظيف البيوت وغسلها وتنظيف السجاد والزرابي، وتبخيرها وشراء أوان جديدة، وشراء ما يستلزم من طعام، مثل الفريك والبرغل لإعداد طبق الشربة الرئيسي عند الإفطار.
كما تقتني النسوة الفواكه المجفّفة مثل المشمش والبرقوق، خصيصا للأطباق الحلوة، وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ النسوة تفضّلن التسوّق بأنفسهنّ تحضيرا لرمضان بدل الرجال، الذين ينحصر التسوّق لديهم على شراء الخضر والفواكه واللّحوم.
وينظف روّاد المساجد مساجدهم ويغسلون الزرابي، ويبخرّونها ويعطرونها، كما يحرص الأئمة على إسداء النصح للمصلين قبل رمضان بضرورة التركيز على الاستعداد الروحي لرمضان أكثر من الاستعداد المادي والتفكير في الطعام والشراب.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024