يمارسونه قبل المغرب أو بعد التراويح

وهران.. الصّيـد بالصنـارة شغـف ومصدر قوت

 يعتبر الصيد بالصنارة الذي لا يكاد يخلو أي من شواطئ الطنف الوهراني من هواته، شغفا وهواية، إضافة إلى كونه مصدرا للقوت والرزق، خاصة في شهر رمضان الكريم، وتعرف الشواطئ الرملية والصخرية على حد سواء توافد العديد من الصيادين بالصنارة في ظهيرة الأيام الرمضانية، حيث يبقى العديد منهم إلى غاية اقتراب المغيب. وتراهم هنا وهناك، يتأملون الأفق، في صمت وصبر في انتظار أن تغمز الصنارة، وتأتي بالسمك المنتظر.
يبدو شاطئ “النخيل” بعين الترك (غرب ولاية وهران) في أوائل أيام رمضان المعظم خاويا، باستثناء بعض الصيادين الهواة الذين اجتمعوا في المنطقة الصخرية في آخر الشاطئ.
وقصد المكان كل من عمي أحمد وهو رايس سابق على أحد قوارب الصيد، في العقد السابع من العمر، وجاره حسن وهو موظف خمسيني، يرافقهم ابن شقيق عمي أحمد، ياسين وهو شاب في الثلاثين من العمر.
ويأخذ الصيد بالصنارة، الذي غالبا ما يمارس فرديا، طابعا اجتماعيا خلال أيام الشهر الفضيل، حيث يقول عمي أحمد أنه لا يحبذ القدوم وحده في رمضان، مما يدفعه إلى اصطحاب أحدهم في كل مرة، ليأنسه ويتسامر معه.
ويقول ياسين أنه لا يمارس الصيد الا منذ ثلاث سنوات فقط، عكس عمي أحمد وحسان اللذان يعتبران من أكثر الأشخاص شغفا بالصنارة عرفهما، حيث اعتاد رؤيتهما ذاهبين إلى الشاطئ للصيد أو عائدين منه منذ كان صبيا.
ويشير الصياد الشاب ببعض من السخرية أنه عندما كان صغيرا كثيرا ما كان يتساءل ما يدفع عمه الى الذهاب إلى الشاطئ، خاصة في الأيام العاصفة، حيث يبقى لساعات قبالة البحر، من أجل بعض الأسماك.
ويضيف أنه شغف بهذه الممارسة شيئا فشيئا، وها هو اليوم أحد أولئك الذين لا يطيقون صبرا بعيدا عن البحر وأمواجه، ويسترسل ضاحكا أن ابنه اليوم هو من يتساءل ما يمكن أن يدفع أباه للذهاب إلى الصيد، مهما كان الطقس وأيا كانت الظروف.
ورغم بلوغ الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر، إلا أن الحصيلة لا تزال ضئيلة، لا تتعدى بعض أسماك ذئب البحر والشلبة، ويوضح عمي أحمد أن الشواطئ الصخرية يمكن صيد العديد من أنواع الأسماك فيها على غرار القاجوج وذئب البحر والشلبة والسمك الصخري والسرغوس، أما الشواطئ الرملية فتوجد فيها أنواع أخرى مثل البوري والبربوني الأحمر.
ويأمل الصيادون الثلاث في العودة بصيد كاف لتحضير وجبة لذيذة، حيث يبرز حسان أن الصيد من أحسن الهوايات، إذ يساعد الانسان على الصبر والتأمل، كما أنه يوفر وجبات للعائلة.
وأشار نفس المتحدث إلى أنه اقتنى صنارته بمبلغ 3.000 دج، وهي توفر له كمية من السمك تتراوح قيمتها بين 1.000 و3.000 دج في كل خرجة معتبرا أنها “استثمار جيد”.
ولا تعتبر ساعات المغيب إلا هدنة يأخذ فيها صيادون آخرون مواعيد للصيد في أماكن أخرى، ففي ميناء وهران، يبدأ توافد الصيادين مباشرة بعد صلاة التراويح.
وفي الرصيف يبدو الجو مختلفا تماما، حيث يجتمع الصيادون في جو بهيج، يحتسون القهوة والشاي ويتناولون الحلويات، وكأن الصنارة لم تعد سوى عذر ليقضوا سهراتهم الرمضانية في الميناء.
وتعلو ضحكاتهم بين الفينة والأخرى لتكسر سكون الليل وهدوء المكان، حيث يقول هواري وهو تاجر عشريني تعود قضاء سهراته في الصيد، أن لا شيء يضاهي “اللمة الزينة” مع أصحابه في الميناء، خاصة وأنه يعود مع اقتراب موعد السحور ومعه بعض السمك، مما يسعد كثيرا والدته التي تبدأ في التفكير في الأطباق التي ستحضرها اليوم الموالي.
وعدا الشغف الذي يسكن قلوب أغلب الصيادين، فمن الواضح أن نشاط الصيد بالصنارة أضحى مصدرا للسمك الطازج، باعتبار أن سعره ليس في متناول الجميع.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024