اجتهاد العشـر الأواخـر للفوز بغنيمة أكثر مـن ألـف شهـر

البليـدة .. ليلـة القـدر وخـان الأطفـال والـصـوم الأول

أحمد حفاف

تُولي العائلات بولاية البليدة أهمية بالغة لاستقبال ليلة السابع والعشرين من رمضان، وتحتفل بها على أنها ليلة القدر التي هي أفضل من ألف شهر، ولو أن جمهور العلماء اتفق على أن هذه الليلة المباركة تأتي في العشر الأواخر للشهر الفضيل دون تحديدها بالضبط.

تسبق التحضيرات لهذه الليلة التي تشهد تنظيم مسابقات دينية وحفلات ختان للأطفال ومواد إفطار عائلية، وتعُمها أجواء روحانية خاصة في المساجد وتعلو أصوات الدعاء والتسبيح، فهي فرصة مواتية للتجارة مع الله لأجل الفوز بالغنيمة المرجوة لعمل واجتهاد ليلة لكن قيمته تفوق ألف شهر.
في السنوات الأخيرة أصبح تكثيف العبادة والعمل الخيري ينطلق مع غروب الشمس في اليوم العشرين من الشهر المعظم، وهذا بعد تصحيح الاعتقاد السائد بأن ليلة القدر تصادف ليلة السابع والعشرين، وأجمع جمهور العلماء على أنها إحدى الليالي الوترية للعشر الأواخر.
 لأجل الفوز بغنيمة ليلة القدر يحرص المصلون على تأدية صلاة التراويح خلال العشر الأواخر وقراءة القرآن لأكبر وقت ممكن، كما تُكثف الجمعيات الخيرية عملها التضامني وتقيم حفلات ختان الأطفال وتٌسلم طرودا غذائية وألبسة العيد للمعوزين بالإضافة إلى حملات للتبرع بالدم وعمليات مشابهة لفائدة المرضى.
لعلّ أهم عادات وتقاليد العائلات في البليدة لإحياء ليلة السابع والعشرين من الشهر الفضيل، هو ختان الأطفال والاحتفال بصومهم لأول مرة، وكذا دعوة الأقارب لتناول وجبة الإفطار مع تحضير أكلات تقليدية تشتهر بها المنطقة مثل عصير” شاربات القارص” وحلوى “الزلابية”.
ويرى الأولياء في البليدة أنه لا توجد ليلة أنسب من هذه من أجل إتمام مراسيم الاحتفال بابن يكون أميرا في يومه وليلته، ويستغلون هذه الليلة لختان أولادهم مع دعوة أفراد العائلة للإفطار، لتنبعث الزغاريد من بيوتهم احتفالات بفلذات أكبادهم وبقدوم هذه الليلة التي خصصها المولى بسورة قرآنية ويصفها على أنها خير من ألف شهر.
وتحضر الأم لهذه المناسبة قبل حلول رمضان بطرز عباءة الصبي بما يعرف بغرزة الحساب، أو تتوجه إلى السوق لتشتري له واحدة مناسبة للاحتفال، وتحرص أن يكون البرنوس الذي تشتريه أو تطرزه بيدها على أن يكون من نفس التطريز.
وإضافة إلى ذلك يمكن للطفل المقبل على الختان أن يرتدي الكاراكو الزي التقليدي الذي ارتبط اسمه بملابس السيدات، وكذا الطربوش التركي الذي تحرص الأم على حضوره في هندام العريس الصغير الذي يجد نفسه أيضا في طقم كامل مع ربطة عنق تزيد من وسامته.
وفي جو عائلي بهيج يٌقدم الضيوف التهاني لأم الطفل بعبارات “التقدام” التي توارثتها سيدات البليدة عن الجدات، وما زالت تحمل في ثناياها عبق الماضي الجميل وسط أمنيات بحضور ذات الجمع في زفاف الطفل، الذي يقترن ختانه أيضا بمراسيم ربط الحناء التي يجتمع حولها كل أفراد عائلته وهو يمني نفسه بجمع أكبر مبلغ مالي ممكن عن طريق “التاوسة” أي تقديم هدايا مالية وهي أحد تقاليد والعادات في المنطقة.
من بين عادات الأسر في البليدة أنها تؤجل صوم الأطفال للمرة الأولى في اليوم السادس والعشرين من شهر رمضان للاحتفال بصومه الأول في ليلة القدر المباركة، وذلك بهدف تعريف الأبناء بهذه العبادة وترسيخ فكرة إيجابية عنها التي يتعلم فيها معنى ضبط النفس والصبر على الطعام والشراب.
 وتكمن أهمية هذه الشعيرة الدينية في أن الأب يخرج ابنه الصائم لأول مرة ليفتخر به أمام الجيران والأصدقاء، والأمر لا يختلف بالنسبة للطفلة عندما تصوم لأول مرة، فتٌصحب إلى السوق لتشتري لها أمها أو ابوها أشياء بسيطة تفطر عليها، وتلبس خلال السهرة ثوبا جميلا ويتم تدليلها كأميرة بوضع وسادة تحت رجليها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024