الفتور عن العبادة بعد انقضاء رمضان

وصايـا للاستمرار في الطّاعة والعبادة بعــد شهـر الصّيام

على المسلم أن ينتبه أن عبادة الله سبحانه وتعالى، والمنافسة في الطاعة والجد في القيام بما يرضيه الله، لا يتوقف على شهر من شهور السنة أو أيام معدودة، فإن انقضى شهر رمضان الكريم، فإن العبادة لا تنقضي، وعمل المسلم لا ينتهي إلا بمفارقة روحه بدنه، وقال الله سبحانه وتعالى لرسولنا الكريم، “واعبد ربك حتى يأتيك اليقين”، واليقين هو الموت، فالمسلم مطالب بالمداومة على طاعة الله، والاستمرار في عبادته إلى أن يتوفاه الله.
إذا رجعنا إلى الأسباب التي أدت إلى نشوء هذه الظاهرة، لوجدنا أن من أهم الأسباب لذلك، تحول رمضان في نظر الكثير من إطار العبادة إلى إطار العادة، فكثير من الناس لا ينظر إلى رمضان إلا على أنه شهر تمارس فيه عادات معينة، ينبغي ألا يخالف الناس في أدائها.
فنجد البعض مثلا يصوم رمضان في حين أنه لا يصلي وربما صلى التراويح من غير أن يقوم بالفريضة، ما يؤكد أن هؤلاء لم يتعبدوا في رمضان إلا بمنطق العادة لا العبادة، لذا ما أن ينقضي الشهر الكريم حتى يعود كل شخص إلا ما هو عليه.
وهناك سبب آخر، وهو ما يشعر به المسلم حتى ولو كان عاصيًا، من أجواء إيمانية في هذا الشهر المبارك، نتيجة ما ميزه الله به من تصفيد الشياطين، وإقبال النفوس على الطاعة، وفتح أبواب الجنان، وغلق أبواب النيران، كل هذه الأجواء تساعد المسلم على التقرب إلى ربه، والبعد عن المعاصي والسيئات، فإذا انتهى رمضان واختفت تلك الأجواء، عاد العاصي إلى معصيته، واللاهي إلى لهوه.
ومن الأسباب كذلك، ما يتسرّب إلى النفوس الضعيفة من ملل وفتور بعد الحماس والنشاط، ولعل المتابع يلحظ ذلك في تناقص المصلين في التراويح في آخر الشهر خلافاً لبدايته، فالعبادة وإن كان لها أثر عظيم في طمأنينة النفس وسكونها، إلا أنها تحتاج إلى مجاهدة ومغالبة للنفس وأهوائها؛ لأن النفس مطبوعة على حب الدَّعَة والقعود والإخلاد إلى العاجلة، والغفلة عن الآجلة.
ولعلاج هذه الظاهرة ينبغي تعريف المسلم بعبوديته لربه، وأن هذه العبودية عبودية دائمة غير مقيدة بزمان ولا بمكان، وعمل المؤمن لا ينقضي حتى يأتيه أجله، فقال الحسن البصري رحمة الله عليه: “إنّ الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلا دون الموت”، ثم قرأ قوله عز وجل: “واعبد ربك حتى يأتيك اليقين”.

عبادات ما بعد شهر رمضان

 لئن كان صيام الفرض في رمضان قد انقضى زمنه، فقد شرع الله تعالى للسابقين بالخيرات أياماً تصام طوال العام، أولها صيام الست من شوال، ففي صحيح مسلم: من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر”، ونوضّح فيما يلي طائفة من الأعمال التي ينصح بالاستمرار بها بعد شهر رمضان، وطوال العام.
صيام ستة أيام من شوال، ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال، “من صام رمضان ثم اتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر”.
صيام ثلاثة أيام من كل شهر، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “ثلاث من كل شهر ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله”، وعن أبو هريرة رضي الله عنه: “أوصاني خليلي بثلاث..وذكر ثلاثة أيام من كل شهر”،
والأفضل أن تكون في أيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر لحديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يا أبا ذر، إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة”.
صيام الإثنين والخميس، عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرّى صوم الإثنين والخميس”، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “تعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم”.
صيام يوم عرفة، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم عرفة، فقال: “يكفر السنة الماضية والباقية”
يوم عاشوراء، سئل صلى الله عليه وسلم عن صيام عاشوراء، فقال صلى الله عليه وسلم: “يكفر السنة الماضية”.
صيام شهر محرم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله الحرام”.
صيام شهر شعبان، عن عائشة رضي الله عنها قالت: “ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم استكمل شهراً قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان، وفي لفظ: كان يصومه كله إلا قليلا”.
صيام يوم وإفطار يوم، قال صلى الله عليه وسلم “أفضل الصيام عند الله صوم داود عليه السلام كان يصوم يوماً ويفطر يوما”.
قيام الليل في كل ليلة، ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل”، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ينزل الله سبحانه وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له”، وصلاة الليل تشمل التطوع كله والوتر، وأقل الوتر ركعة وأكثرها إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة.
السنن الرواتب التابعة للفرائض، وهي اثنتا عشرة ركعة أربع قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل صلاة الفجر، فعن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ما من عبد مسلم يصلي لله تعالى كل يوم اثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير الفريضة إلا بنى الله له بيتاً في الجنة”.
سنة الضحى، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “أوصاني خليلي بثلاث.. وذكر منها: وصلاة الضحى”، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعاً ويزيد ما شاء الله”.

قراءة القرآن

 ولئن كان رمضان هو شهر القرآن الذي أنزل فيه، ويكثر فيه المسلمون من قراءته وسماعه، فإن المؤمن لا يهجر كتاب الله تعالى في غير رمضان، بل هو كتابه الأول يتلوه ليلاً ونهارا، سراً وجهارا ً، سفراً وحضراً، لا يفارقه أبداً.
المداومة على أداء العبادات، ويجب على المسلم الاستمرار والمداومة على أداء العبادات وطاعة الله في كل وقت، فالمسلم لابد أن يحقق المنافسة والمسارعة في الخيرات طوال الوقت.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024