الأزمات تبرز القيم

نهاية العلاقات..بدايـة اكتشاف المعـادن الحقيقية للنّاس

 للنّهايات قدسيتها كما للبدايات، ولا يعني انتهاء علاقة بداية للحرب وكشف لأسرار وقصص قد تكون قيلت في لحظة ثقة.
نسمع في كثير من المواقف أنّ النهايات أخلاق فيها تتكشف المعادن ويظهر الأصيل من المزيف، ففي الحياة منعطفات وممرات ضيقة قد تنذر بنهاية مرحلة ما، ينتهي معها شيء من التعب والخوف والضياع فليس كل النهايات تعيسة وحزينة، ربما هي تعويض لواقع أجمل وهذا ما يغيب عن أذهان الكثيرين الذين يرون في النهاية دائما نهاية للحب والاحترام والتواصل.
«لمياء - س«، 28 عاما، ترى أنّ النهايات نقطة تحول بالنسبة لها وليست نهاية العالم، تقول: “النهاية سواء كانت حزينة أو سعيدة تبقى درسا تتعلم منه الصلابة واحترام التجارب بكل ما فيها”، كما أن النهايات من وجهة نظرها تجعلها تغربل علاقاتها وتعرف الوجوه على حقيقتها، مبينة أن خلافها مع إحدى صديقاتها وابتعادها عنها لم يلغ الود بينهما على الأقل من طرفها.
لمياء رغم صدمتها بصديقتها إلا أنها ظلت وفية لعلاقتهما حافظة لكل الأسرار التي جمعتهما، ورغم اقتناعها بأن الناس فترات مؤقتة في حياة كل شخص منا، لكنها مع ذلك تحن وتشتاق لتفاصيل عاشتها مع صديقتها تلك لن تستطيع نسيانها.
ويعتبر مروان النهايات فرصة ووقتا مستقطعا لتصويب الأخطاء وإعادة الحياة لمسارها الصحيح، ويبين أن وضع نقطة آخر السطر في الكثير من علاقاته مكنه من رؤية الحياة بشكل أوضح، خاصة على صعيد العمل الذي ظل على مدى سنوات طويلة مفتقدا فيه للشغف لا يجد التقدير الذي يستحقه.
ويقول: “النهاية هي محطة ركود مؤقت قرار يتخذه الإنسان من أجل أن يبحث عن راحته في أشياء جديدة وأماكن أخرى”، مشيرا إلى أن الحياة عموما عبارة عن بدايات ونهايات، وأن العبرة بالنهاية أن تكون فيها من الاحترام والود ما يجعلها ذكرى جميلة، وانتهاء مرحلة ما قد يكون سببا في ولادة أمل جديد لواقع أفضل.
بتول علال هي أيضا تجد أن طلاقها من زوجها لم يكن النهاية بقدر ما كان بداية لعلاقة صداقة قويت بالثقة والاحترام، وخاصة بوجود طفل يجمعهما.
وكما تشير بتول فإنّ العلاقات لا تنتهي لكن قد يتغير شكلها ومسماها، فليست بالضرورة أن تكون النهايات ساحة للعداوات والخلافات، وهذا تماما ما تعيشه مع زوجها السابق ووالد ابنها، موضّحة أنّ الثقافة والوعي مهمان لإيجاد التفاهم ووضع خطوط عريضة للعلاقة، وتبادل الثقة بين الطرفين. فالنهايات أخلاق وهنا يتكشف المعدن الحقيقي للشخص، فهناك من يستغلها لتشويه الحقائق، ومنهم من يراها فترة لتقييم كل ما حدث ورؤية الحياة من زاوية مختلفة.

«في قلب كل نهاية أمل لبداية جديدة”

 من النهاية تولد البداية، فليس هناك نهاية مطلقة فحتى غروب الشمس بداية لنهار جديد، والحياة بطبيعتها مستمرة، وفي قلب كل نهاية أمل لبداية جديدة.
وتختلف النهايات من شخص لآخر فمنهم من ينظر إليها على أنها نهاية أبدية، نظرته تجاهها سوداوية تحمل اليأس والحزن والتعاسة له ومهما توالت الأحداث بعدها فيها من الخير والسعادة، يتخذ القرار بجعلها ذريعة للخلافات وتراشق الاتهامات وفضح الأسرار، أما النوع الآخر فيرى في النهايات فرص جديدة.
وتقاس النهايات بمدى الرقي والثقافة وقدرة الشخص على التصالح مع نفسه ومع الأمور من حوله، فالمتصالح مع نفسه لا يصنع العداوات مع الآخرين بل يصنع الحب والمستقبل والأحلام.
والمعادن الحقيقية تظهر في النهايات، وأيّا كان مسمى العلاقة يوجد أشخاص في الحياة يكشفون أقنعتهم بقسوة وخبث، يحولون الأمور لمجرى آخر فيخوضون المعارك بعداوة ضد الطرف الآخر دون أدنى احترام للعشرة والمودة والثقة، وهذا يحدث نتيجة إسقاطات نفسية وضعف في شخصية المعتدي، الذي يعتبر أن النهاية هي إعلان لهدم كل شيء وأولها المشاعر والأسرار، فتكون ردة فعله هي الانتقام والتشويه وطمس الحقائق من أجل التعاطف معه وتبرير أخطائه وحتى لا يشعر بالذنب، فهو يلجأ لذلك كله نتيجة حقده على الطرف الآخر وإحساسه بالإهانة.
والنهايات لحظات تحمل الكثير من المعاني، بل هي من أبرز اللحظات التي تشكل نقطة تحول في حياة الإنسان، فهي تعكس نهاية مرحلة معينة وبداية مرحلة جديدة.
ويمكن أن تكون النهايات مصادفة أو مخططة، سعيدة أو حزينة، لكنها دائماً تحمل العديد من الدروس، وأهمية النهايات أنها فرصة للتقييم والتحليل.
وأيضا تمثّل النهايات فرصة للنظر إلى الماضي وتقييم ما تم تحقيقه وما يمكن تحسينه في المستقبل، والتجديد والبدايات الجديدة تمنح النهايات الفرصة للبدء من جديد، وبناء أهداف طموحات جديدة. وكذلك النمو الشخصي والتطور يمكن أن تكون النهايات فرصة للنمو الشخصي والتعلم من الخبرات السابقة، ممّا يساعد في تطوير الذات.
وهناك العديد من الخطوات الفعالة لكيفية التعامل مع النهايات منها التأمل والقبول، فيجب أن يتم قبول النهايات بروح من التأمل والقبول، وفهم أنها جزء لا يتجزأ من تجربة الحياة. والتخطيط للمستقبل، بعد النهاية، يجب على الشخص وضع خطط للمستقبل وتحديد أهداف جديدة لتحقيقها.
البحث عن الإيجابية: يمكن العثور على الجوانب الإيجابية في النهايات، حتى في اللحظات الصعبة، مما يساعد على التعافي والنمو.
وأخيرا، تعتبر النهايات جزءاً لا يتجزّأ من رحلة الحياة، وعلى الرغم من ألمها وصعوبتها في بعض الأحيان، إلا أنها تمثل فرصة للتعلم والتطور الشخصي. من خلال التعامل بحكمة مع النهايات، يمكن للإنسان أن يستفيد منها ويحقق النجاح والسعادة في حياته.


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024