عشية الألعاب المتوسطية

النفايات.. أزمة بأبعاد متعدّدة تخدش جمال وهران

وهران: براهمية مسعودة

لا يزال ملف النفايات بعاصمة الغرب الجزائري، وهران يبحث عن مخرج، على الرغم من المجهودات والمحاولات الحثيثة من أجل إستعادة مكانة الباهية ضمن قائمة أنظف مدن الجزائر، وهي التي تستعد لاحتضان الألعاب المتوسطية في دورها الـ19 من 25 جوان إلى 5 جويلية.
وقد تحوّلت الباهية، قبيل حلول الشهر الفضيل بأيام  معدودات وإلى غاية كتابة هذه الأسطر إلى مفارغ عشوائية، على خلفية الإضرابات المتكرّرة لعمال النظافة؛ وهو ما أثار استياء العامة والخاصة، لاسيما مع اقتراب موسم الاصطياف وارتفاع كمية النفايات المنزلية في رمضان.
وأوضح ممثل عن العمال المحتجين، أن قربة 10 آلاف  عامل ببلدية وهران، إلى جانب المنتخبين المحليين، لم يتقاضوا رواتبهم لشهرين متتالين (فيفري، مارس)، ودخلوا في  الشهرالثالث؛ ما دفعهم إلى الإضراب عن العمل لغاية التكفّل التام بانشغالاتهم.
وأكد أن الالتحاق بالعمل مرهون بتسوية جميع المطالب والحقوق العالقة منذ سنوات، وخاصة ما تعلّق بالرفع من الأجر الوطني الأدنى المضمون، والذي لا يزال في حدود 9000 دج بالنسبة لعمال البلدية، ناهيك عن منحة كورونا والمردودية والأقدمية التي لم يستفدوا منها، على غرار خدمة طب العمل والنقل، ومشاكل أخرى ازدادت تعقدا في ظلّ الأزمة المالية التي تعيشها خزينة البلدية، منذ أكثر من 6 أشهر.
تسببت هذه الحركة الاحتجاجية في تراكم النفايات والقاذورات، مع تمركزها خاصة بوسط المدينة والمواقع الراقية، على غرار شارع العربي بن مهيدي وخميستي، وكذا شارع مستغانم والمدينة الجديدة المعروفة بالحركة التجارية الكثيفة، وغيرها من الشوارع الراقية.  

واجب المنتخبين والمجتمع المدني البحث عن حلول

وعلّق عدد من السكان في تصريح لـ»الشعب» على  الإنحدار الخطير للمدينة العريقة، بالقول «لا نقبل بهذه الوضعية الكارثية التي تعدّ جريمة في حق الصحة العامة والبيئة بمكوناتها، ولكن من حق العمال الإضراب والمطالبة بتحسين ظروفهم المهنية والمادية والإجتماعية، كما يجب على المجالس الشعبية المنتخبة أن تبحث عن  الحلول البديلة لمعالجة هذه المعضلة.
 وتساءل آخرون عن دور المنظمات والجمعيات والمجموعات التطوعية، وغيرها من فعاليات المجتمع المدني في حماية المحيط وتعزيز الحق في بيئة صحية ونظيفة، معيبين، أن تتقيد الأدوار والمسؤوليات الرئيسية بالمناسباتية.
تطورات أزمة النفايات ببلدية وهران، ليست وليدة الساعة، وإنما نتيجة تراكمات عديدة، من إهمال وسوء التسيير وتعطيل صرف المستحقات المالية لمؤسسات النظافة، وغيرها من الخروقات.
وتبعا لذلك، نظمت عاصمة الغرب الجزائري، وهران،  أكبر حملة تنظيف، بدءا من 21 فيفري المنصرم، ودامت لأكثر من أسبوع، تحت رعاية وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، وذلك بتسخير وسائل مادية وبشرية هامة من ولايات مستغانم ومعسكر وعين تموشنت وغليزان وسيدي بلعباس، فضلا عن الإمكانيات المحلية.
هذه الحملة شملت خمس بلديات مشكلّة للمجمع الحضري الكبير؛ وهي عاصمة الولاية وسيدي الشحمي وبئر الجير والسانيا والكرمة، وأثمرت بنتائج هامة، أفشلها الإضراب الأخير لعمال النظافة، الذي ما تزال تدعياته تلقي بظلالها القاتمة على المشهد في وهران،  وعلى مختلف الأصعدة، رغم كل المحاولات الجادة  لإسعاف الوضع وحلحلة العراقيل والمشاكل العالقة.

إضراب يوم واحد يكلف تأخّر ثلاثة أيام
 
وقد عرفت  بلدية وهران، التي تعتبر من أكبر الجماعات على المستوى الوطني، تذبذبا في رفع النفايات المنزلية منذ أشهر،  بسبب الاضراب الذي دخل فيه المتعاملين الخواص، والبالغ عددههم 74 متعاملا، التحقوا جميعهم بمهامهم، إضافة إلى مؤسسة نظافة وهران،  والمتواجدة في خمس مندوبيات.
ويكلف إضراب يوم واحد  لعمال البلدية أو عمال قسم النظافة والتطهير ـ بصفة خاصة ـ  تأخر ثلاث أيام على الأقل للقضاء علي النقاط السوداء التي خلفتها النفايات المتراكمة بالتجمعات الكبرى والصغيرة، حسبما أكده رشيد والي، رئيس قسم النظافة ونائب رئيس المجلس الشعبي لهذه البلدية.


 18 شاحنة صهريج و1500 حاوية

وكشف ذات المسؤول عن عملية هامة لتوزيع 1500 حاوية من الحجم الكبير على 18 مندوبية بلدية، بمعدل 100 حاوية على الأقل  بكل مندوبية، تترواح سعة كل واحدة بين  660 و770 لتر، مع العلم أن الحاويات العادية، لا تزيد طاقتها عن 240 لتر.
كما نوّه إلى مبادرة أخرى، لا تقل أهمية؛ تتعلق بوضع حيز الخدمة شاحنات صهريج لتنظيف الحاويات، بعد رفع النفايات؛ وهو ما كان سارى المفعول قبل أكثر من 15سنة، كما قال نفس المصدر.
وفي ضوء ذلك، دعا المسؤول ذاته، المواطنين، للحد من السلوكيات السلبية وتعزيز الوعي البيئي، مؤكدا على ضرورة وضع القمامة بداخل الأكياس في الأماكن المخصصة، مع احترام مواقيت إخراجها، بهدف تسهيل مهمة أعوان النظافة والقضاء على النقاط السوداء.
كما حذّر في هذا الصدد من تفاقم ظاهرة سرقة الحاويات، سيما بالتجمعات الكبرى، والتي تعتبر ـ حسبه دوما ـ واحدة من السلوكيات المشينة التي  تنتشر عبر مختلف البلديات المشكلة للولاية، هذا زيادة على الوضعية الكارثية، التي تتواجد عليها بعض الحاويات المخصصة للاستعمال المنزلي، جراء استغلالها من قبل التجار، وغيرهم، ناهيك عن عدم التقيّد بنظافتها.
وشدّد رئيس قسم النظافة ببلدية وهران على أهمية توعية المواطن وتحسيسة بحقوقه والتزاماته اتجاه البيئة بمختلف مكوناتها، بهدف تعزيز أبعاد المواطنة البيئة،  كحجر أساس  لنجاح أي مشروع.
وإلتمس المسؤول ذاته من فعاليات المجتمع المدني وضع اليد في اليد لإنجاح الطبعة الـ19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط، وتمثيل الجزائر أحسن تمثيل، معتبرا أن  «النظافة، المفتاح الأساسي لتحقيق النجاح في جميع المجالات».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024