تعكف السلطات العمومية بوادي سوف على إنعاش القطاع الإستثماري وترقية مساره ليُواكب الطفرة الزراعية المحلية، واستغلالها لصالح الصناعات التحويلية الغذائية الموجهة للاستهلاك المحلي والوطني ومبادرات التصدير إلى الخارج، على غرار نجاح مصانع تعليب وتوضيب التمور بالولاية، التي اقتحمت فعلاً أسواق آسيا الشرقية ومنها ماليزيا والهند وبنغلاديش.
أكّد الوالي عبد القادر راقع تسليم 23 رخصة استغلال استثنائية لوحدات صناعية مختلفة بإقليم الولاية إلى غاية نهاية شهر ماي المنصرم من أجل دخولها في الإنتاج، وتوظيف اليد العاملة وخلق الثروة، ومستقبلا ولوج مجال التصدير.
وقال راقع على هامش يوم إعلامي حول التصدير احتضنته الولاية، بأن السلطات المحلية ستدعم المستثمرين وترافقهم لا سيما من الناحية الإدارية، من خلال تذليل الصعوبات ورفع العراقيل التي تواجههم، منوها بأهمية معبر الطالب العربي الحدودي كقيمة مضافة في السلسلة الإقتصادية وتصدير فائض المنتجات الفلاحية والصناعية.
وبالتوازي مع عملية توزيع رخص الاستغلال الإستثنائية على المتعاملين الاقتصاديين والمستثمرين، يجري في هذه الآونة تهيئة عدد من مناطق النشاط الصناعي على مستوى المنطقة، وربطها بالطاقة الكهربائية وشبكات المياه والصرف الصحي، وغيرها من عوامل وشروط العملية الإستثمارية.
قاعدة صناعية في طور النمو
أنجزت السلطات على مدى عقود مناطق نشاط صناعي كثيرة بالوادي، لاستقطاب مشاريع المستثمرين من داخل الولاية وخارجها، خصوصا مبادرات رجال الأعمال المحليين، الذين كانت لهم تجارب صناعية ناجحة في ولايات أخرى، لكن بقي عدد من تلك المناطق يفتقر لأدنى شروط النشاط والإنتاج، بسبب تأخر عمليات التهيئة والربط بالتيار الكهربائي باعتبارهما أهم عوامل نجاح تجسيد المشاريع.
وحرصت مصالح الولاية الحالية مذ أشهر على متابعة وضعية مناطق النشاط الصناعي المتواجدة في بلديات قمار، كوينين، حاسي خليفة، وادي العلندة، الطالب العربي والبياضة قصد معالجة النقائص التي تعتري نطاقها، وكذا الإختلالات المطروحة من طرف المستثمرين وأصحاب المشاريع الناشطين على مستواها، وهو ما لمس في اجتماعات خلية الإصغاء والمرافقة الولائية الأسبوعية المتعلقة بتدابير إنعاش الاستثمار المحلي وترقيته.
شارك مستثمرون في اجتماعات خلية الإصغاء والمرافقة الولائية الخاصة بمتابعة ملف الإستثمار، قدموا خلالها انشغالاتهم مباشرة للمسؤولين المعنيين بالقطاع، ومقترحاتهم لتذليل الصعوبات التي واجهتهم في المراحل السابقة سواء الإدارية أو ما تعلق بالنقائص المسجلة على مستوى مناطق نشاطهم، في خطوة جادة أبانت عن نية حقيقية من السلطات لبعث هذا الملف، واستنهاضه وتطويره وترقيته للحد المطلوب.
كما عرض مديرون على علاقة مباشرة بملف الإستثمار في تلك الاجتماعات، إحصائيات وتقارير حول وضعية مناطق النشاطات، أبرزهم مدير مديرية توزيع الكهرباء والغاز بالولاية، الذي قدم عروضا متتالية حول تقدم أشغال الربط بالكهرباء لتموين مشاريع المستثمرين والمتعاملين الاقتصاديين، بغية استكمال تنفيذ مشاريعهم والانطلاق السريع في عمليات الإنتاج.
مناخ ملائم للصّناعات الغذائية والعلفية
تمتلك وادي سوف مناخا جد ملائم لاستقطاب مشاريع الصناعات الغذائية الكبرى، لتوفرها على قاعدة إنتاجية زراعية ضخمة، خصوصا في المحاصيل الصناعية كالتمور بكل أصنافها، الفول السوداني، الثوم، الطماطم والبطاطس وغيرها من المنتجات المحلية القابلة لعملية التدوير والتحويل، ثم الاستهلاك المحلي أو التصدير إلى الخارج.
وينطبق هذا الأمر أيضا على المنتجات الزراعية العلفية، بالنظر لتوسع المحاصيل المحلية في هذا الجانب، وتوفر الولاية على ثروة حيوانية هامة بحاجة إلى منتوج علفي غذائي متنوع بسعر تنافسي، من شأنه إنهاء مشكل ارتفاع ثمن الأعلاف الذي أرّق المربين والموالين، وأدّى إلى ارتفاع أسعار اللحوم ومشتقاتها في الأعوام الماضية.
وفي هذا الإطار، تجري عمليات توسيع زراعة محصول الذرة، والتريتيكال بديل الشعير المعتبر من أفضل منتجات تغذية المواشي، مع تشجيع الفلاحين مع بداية كل موسم زرع وحصاد على توسيع المساحات المخصصة لهما، وحث وإقناع كبار المنتجين الزراعيين على الإستثمار في هذه الزراعات الإستراتيجية المربحة بعد نجاحها التقني في الصحراء قبل موسمين كما نوعا.
ولاية وادي سوف أصبحت تحقق فائضا معتبرا في بعض المنتجات الزراعية بين موسم وآخر، يتسبب في غالب الأحيان في تضرر وإفلاس الفلاحين في ظل غياب آليات التخزين والتسويق الصحيحة، إذ يعد تطوير الإستثمار في الصناعات التحويلية الغذائية محليا بمثابة طوق نجاة لهم لتدارك الوضعية، والحد من مشكل تكرار وفرة الإنتاج الزائد عن حاجة الأسواق المؤدي تلقائيا لسقوط الأسعار المفلس.
