رغم بعض النقائص .. شعبة الحبوب بباتنة في تحسن مستمر

توفير أعداد هائلة من الحاصدات والمخازن والمساحات المسقية

باتنة : لموشي حمزة

 يعتبر منتوجا القمح والشعير من بين أهم المحاصيل الزراعية التي تعول عليها ولاية باتنة خاصة والجزائر عامة، لتحقيق آمن غذائي، الذي يغنيها عن تبعات الاستيراد من الدول الأجنبية خاصة مع الارتفاع الكبير في السوق العالمية لأسعار الحبوب.

وتعتبر ولاية باتنة من بين الولايات الرائدة وطنيا في عدة شعب فلاحية على غرار البيض واللحم والحليب وحتى القمح والمشمش، ويرجع الفضل في ذلك إلى الدعم الكبير الذي تقدمه الدولة للفلاحين، حيث تقوم منذ مدة مديرية الفلاحة لولاية باتنة، بوضع مخطط إنتاجي هام للموسم الفلاحي ٢٠١٤/٢٠١٣ ، والذي انطلق بالتحضير لحملة الحرث والبذر التي تعتبر من بين أهم المراحل الإنتاجية خلال الدورة الفلاحية، وقد وضعت مصالح الفلاحة بولاية باتنة في أولوياتها وجوب تحقيق الأهداف المبرمجة لعقد النجاعة لسنة 2012 لاستهداف 129 ألف هكتار من الحبوب و41 ألف هكتار من الأعلاف ولكن فوق أرض الواقع سيتم تجاوز وبلوغ أرقام أفضل من التي برمجت، حيث أن هذا الموسم الجديد سوف يتوجه حسب ذات المصدر إلى  175 هكتار من الحبوب، إلى جانب أكثر من 55 ألف هكتار بالنسبة للأعلاف والتي تعتبر أرقاما لا بأس بها مقارنة بعدة ولايات من الوطن، حيث تبين هذه النسب مدى استغلال المساحات الصالحة للزراعة، والتي ارتفعت بشكل محسوس حيث بلغت أكثر من 79 ألف هكتار، كون نسب الأراضي البور قد تقلصت إلى 33 ٪ بينما ارتفعت نسب المساحات الصالحة للزراعة الخاصة بالحبوب عبر تراب الولاية إلى 40 ٪ .
وتعرف زراعة الحبوب بالنظر إلى المكانة التي تحتلها في النشاط الفلاحي بالولاية وضعا خاصا مقارنة مع الشعب الأخرى وهذا سواءً من حيث الفضاء الذي تحتله عبر كل مناطق الولاية وعدد المزارعين الممارسين لها أو من حيث حجم المنتوج وأهميته في النمط الاستهلاكي، كما تتميز الولاية بقدر كبير بحاجياتها المتزايدة من منتوج الشعير
والخرطان ومشتقاتهما الموجهون للاستهلاك الحيواني حيث تتواجد باتنة في الكوكبة الأولى من الولايات ذات التطور المتسارع للشعب الحيوانية.
هذه الميزة التي تتجلى في نسبة إنتاج هاتين المادتين التي تصل حسب السنوات إلى الثلثين من الإنتاج الإجمالي للحبوب. من جهة أخرى وبحكم طبيعة الولاية وتواجدها ضمن مناطق الهضاب العليا التي يتغلب عليها المناخ الشبه جاف وهي في نفس الوقت تدخل ضمن المناطق الأكثر تأهيلا لزراعة الحبوب من حيث التربة، فإن ولاية باتنة تشكل نموذجا لإشكالية زراعة الحبوب بنقاط قواتها وضعفها
المساحات الشاسعة المتمثلة في سهولها وضفاف وديانها وفضاءاتها ما قبل السهبية والصحراوية، من 70 ٪ إلى 80 ٪ من المساحات الصالحة للزراعة المستغلة، إضافة إلى خصوبة أراضيها وعمقها وتنوعها، هذا وتلعب دورا كبيرا في الدورة الاقتصادية بالولاية والمتمثل في سد حاجيات السكان من جهة والحيوان من جهة أخرى وحتى الصناعة الغذائية التي عرفت تطورا معتبرا في السنوات الأخيرة .  
أما بالنسبة نقص الأمطار وتذبذبها سواء من سنة إلى سنة أو حتى عبر السنة الواحدة، حيث أن هذا النقص يتزايد من الشمال إلى الجنوب، إضافة إلى التباطئ والتردد في استعمال التقنيات العصرية التي تأتي بالحلول لعدد من المشاكل زراعية والتي من شأنها تقليص العجز في الأمطار وتسمح بالاستفادة منها أكثر على قلتها عن طريق تهيئة التربة بطريقة تسمح بتخزين ملائم وبأكبر نسبة للرطوبة واستغلالها الأمثل من طرف النبتة، ومن بين نقاط الضعف المسجلة نقص الوسائل كالعتاد الثقيل والمختص رغم الدعم الكبير الموفر من الدولة وبقاء أغلب المزارعين على هامش الأطر الموضوعة لترقية الشعبة سواء ما قبل الإنتاج أو حتى ما بعده حيث يبقى عدد الفلاحين المنخرطين في برنامج التكثيف محدودا رغم ارتفاع العدد في السنوات الأخيرة، إلا أنه وانطلاقا من هذه الوضعية المشخصة قد تم وضع إستراتجية
ومخطط عملياتي للتكفل التدريجي بهذه الشعبة في إطار السياسة الوطنية المعتمدة لترقيتها في السنوات الأخيرة، ورغم عدة برامج قد وجهت لتكثيف إنتاج الحبوب منذ نهاية التسعينيات إلا أن ما اتخذ من إجراءات وما وضع من آليات منذ إطلاق عقد النجاعة في هذا الشأن كان أعمق وأوسع وأصبحت نتائجه بصفة نسبية تلمس سنة بعد سنة .
وبخصوص الأمور التي تتعلق بحملة الحرث والبذر بالولاية، فقد كشف مسؤول بمديرية المصالح الفلاحية بباتنة، عن جملة من الإجراءات التي تتعلق بتحديد المهام لكل الفاعلين وتوضيح المسؤوليات لكل منهم لاستدراك النقائص المسجلة في السنة الفارطة، ومحاولة تفاديها لتجنب التأثير على النتائج ومجرياتها، حيث أنه تم تسخير 2740 جرار و123 آلة بذر الحبوب مع 1632 عربة و1500 صهريج خلال حملة الحرث والبذر الجديدة، أما عن كمية البذور التي تنتظر البذر فقد بلغت 7000 ألف قنطار إلى جانب توفير الأسمدة التي تعتبر الركيزة الأساسية لنجاح هاته الحملة حيث أن مصالح الفلاحة وفرت أزيد من مليونين قنطار من الأسمدة المتنوعة
ونشير هنا أن الموسم الفلاحي الفارط حققت خلاله ولاية باتنة أزيد من 22 مليون قنطار في مختلف المحاصيل الزراعية من القمح الصلب واللين والشعير والخرطال .
توفير مخازن لحماية المنتجات الفلاحية
ظبطت مصالح مديرية الفلاحة بباتنة أكثر من 16 نقطة موزعة على خريطة تتماشى مع المساحات المزروعة لحماية محصول القمح الصيف الماضي.
وقدر ذات المتحدث طاقة استيعاب المخازن بـ 800 ألف قنطار للمستودع الواحد، حيث أن منتوج الحبوب رغم كل شيء عرف انتعاشا معتبرا خلال هذه السنة مقارنة بالسنوات العشر الأخيرة، وهو الآن يعرف عودة تدريجية من حيث كمية ونوعية الإنتاج بفضل تضافر مجموعة من الجهود المشتركة بين الدولة والفلاح.
وعلى غرار السنة الفارطة فقد جندت مصالح الفلاحة بباتنة لإنجاح عمليات الحصاد والدرس نظرا لوجود أكثر من 20 ألف فلاح بباتنة معني بالموسم الفلاحي، فقد وفرت المديرية 319 حاصدة السنة الماضية مستعينة بأكثر من 70 حاصدة من بعض الولايات المجاورة للقضاء على العجز المسجل في هذا الشأن.
وأشار مدير الفلاحة في تشريحه لواقع منتوج القمح بولاية باتنة خلال دورات المجلس الشعبي الولائي، إلى أنه تم في منذ 2010 إلى 2011 تسجيل ارتفاع في المساحة المحروثة من 33 ألف هكتار إلى 100 ألف هكتار، وهو ارتفاع كبير يعكس حجم مجهودات الدولة لتطوير القطاع خاصة ما تعلق بشعبة القمح، وما ساعد على ذلك حسب ذات المتحدث هو أن ولاية باتنة تتوفر على محطة جهوية لمعالجة البذور، تمون عدة ولايات مجاورة، في الوقت الذي ارتفعت فيه المساحة المسمدة من 700 هكتار إلى 13 ألف هكتار من الأسمدة الآزوتية، إلى جانب تسجيل 6 آلاف هكتار من الأسمدة الفوسفاتية، في الوقت الذي ارتفعت فيه المساحة المعالجة بأحدث الطرق والأجهزة  إلى أكثر من 8 آلاف هكتار، بعدما كانت لا تتجاوز 700 هكتار في سنة 2008 .
والجدير بالذكر أن دائرة الشمرة بولاية باتنة تتصدر دائما دوائر الولاية في إنتاج القمح نظرا للمساحات الشاسعة من الأراضي والمزارع  الخصبة التي ساعدت على وفرة هذا المنتوج.
واستفاد العام الماضي قطاع الفلاحة بباتنة من مبالغ مالية هامة حيث حظي باهتمام خاص من طرف الدولة بهدف تنمية مختلف الشعب الفلاحية في إطار أهداف عقود النجاعة المبرم في سنة 2008 بين مديرية المصالح الفلاحية والوزارة الوصية.
 حيث تم رصد 08 ملايير دج لتمويل المشاريع المسجلة في مختلف البرامج استهلك منها مبلغ 05 ملايير دج في السنتين الأخيرتين، وفي ذات السياق فقد تدعمت ذات المصالح من مشاريع واعدة لبناء 10 مقرات جديدة للأقسام الفرعية الفلاحية على مستوى بعض دوائر الولاية حيث سيتم وضع برنامج خاص لتجهيز هذه الأقسام بوسائل العمل الضرورية المادية منها والبشرية وذلك لضمان تحسين أداء هذه المصالح خاصة بعد إحالة العديد من الإطارات القديمة على التقاعد حيث تم توظيف أزيد من 200 إطار في مختلف صيغ التشغيل سواء في المناصب الدائمة أو المؤقتة.
وللإشارة فإن هذه الكمية الكبيرة من الحبوب ستوجه إلى أصحاب المزارع النموذجية إضافة إلى الفلاحين بمختلف دوائر ولاية باتنة وكذا الولايات لكل شعبة من الإنتاج النباتي وحتى الإنتاج الحيواني الذي يبقى مرتبطا بصفة وطيدة بما يحتاج إليه من تغذية في مستوى ما حدد للشعب الحيوانية وتتمثل التوجيهات الكبرى في توسيع وتكثيف المنتوجات الإستراتجية ذات الاستهلاك الواسع والتثمين العقلاني للموارد الطبيعية في كل منطقة حسب مؤهلاتها، وحسب النمط الإنتاجي الملائم لها بالإضافة إلى تحقيق الإندماج بين الشعب النباتية بينها وبين الشعب الحيوانية، وإرساء خريطة لترقية كل شعبة.
كما أشار في وقت سابق، المدير العام للديوان الجزائري المهني للحبوب محمد بلعبدي، إلى انخفاض إنتاج القمح الصلب إلى 34 مليون قنطار، ونفس الشيء سجل بولاية باتنة، حيث تعتبر مشكلة نقص المياه في مراحل حساسة في سلسلة نمو السنابل وهي التي تخص شهري مارس وأفريل هي السبب حيث أكدت مصالح الفلاحة بولاية باتنة، أن هاته الفترة تكون البذرة في حاجة لكميات كبيرة من المياه، ورغم ذلك فيمكن القول أن معدل إنتاج القمح من 2009 إلى يومنا هذا بلغ 45 مليون دج مقابل 27 مليون قنطار خلال العشريات السابقة.
إجراءات اتخذت لبلوغ الأفضل
وقد تم ضع خريطة لإنتاج الحبوب حسب الأنواع وملائمتها للمناطق، وتصنيف المناطق حسب قدراتها العالية والمتوسطة والضعيفة وتوجيه الدعم على هذا الأساس وكذا وضع منظومة تمويل تتماشى والأهداف المسطرة، دعما وقرضا، إضافة إلى إطلاق برنامج واسع لتشجيع السقي التكميلي بالناطق الصعبة مناخيا بدعم قوي من الدولة وهذا لا يتحقق إلا بتوفير البذور الممتازة حسب الخريطة النوعية والتصنيفية ودعم عوامل التكثيف لتشجيع استعمالها ومن جهة أخرى دعم الأسعار حسب السعر العالمي لتشجيع الإنتاج على حساب الاستراد ووضع تنظيم مهني يتماشى وتجسيد تطوير الشعبة وتمهينها في شكل مجالس بين المهن تجمع كل الفاعلين، ومن أهم الإجراءات المتخذة من قبل الجهات الوصية تشجيع أنماط إنتاج خارج الحبوب بالمناطق الغير مؤهلة لها.
إجراء تقييم تقني أولي عبر خرجات ميدانية سواء للتقنيين أو أثناء خرجات لجنة المجلس الشعبي الولائي تتبع الوضع بدقة في كل المناطق، ودراسة القوانين الخاصة بهذه الظاهرة وتنصيب اللجنة الولائية برئاسة الوالي، إضافة إلى تكليف الصندوق الجهوي للتعاون الفلاحي بعملية التقييم وكذا تكليف خلايا بلدية بتقييم الوضع في كل بلدية كون اللجان البلدية المنصوص عليها في القانون القديم قد ألغيت بتكوين الخلية من ممثل البلدية والقسم الفرعي ومسؤول الوكالة المحلية لصندوق التعاون الفلاحي ومن بين أبرز الإجراءات المتخذة محليا توجيه مراسلات لكل الهيئات المعنية بتحضير الموسم الفلاحي 2014-2015 لأخذ التدابير التي من شأنها إنجاح هذه الحملة وتخفيف عناء الجفاف والتدخل لدى ديوان الحبوب خاصة فيما يتعلق بتموين المربين بمادة الشعير والتكفل بكل ما يمكن لإنجاح عملية الحرث والبذر وتغطية حاجيات الفلاحين والمربين.  تتوقع المصالح الفلاحية لولاية باتنة توسيع رقعة المحيطات الفلاحية المسقية بالولاية بعد وصول مياه سد بني هارون من ميلة لسد تيمقاد بباتنة إلى حوالي 24  ألف هكتار، حيث كشف مصدر مسؤول بمديرية المصالح الفلاحية عن امتداد المحيطات المسقية إلى عدة بلديات محيطة بالسد خاصة بالشمرة التي تعرف بشعبة القمح والشعير، موضحا بأن المحيطات ستمتد على مساحة 16 ألف هكتار بسهل الشمرة، و06 آلاف هكتار على محور باتنة إلى غاية عين التوتة، و 2000 هكتار بأولاد فاضل. وأضاف ذات المصدر بأن مصالح مديرية الفلاحة برمجت ثلاثة محاور خاصة بمشروع توسيع المحيطات الفلاحية المسقية بحيث يرتكز محور على الإرشاد والتكوين الفلاحي حول نمط الإنتاج الجديد ومحور يتعلق بآليات التمويل وهو المحور الذي تشترك فيه هيئات وأطراف أخرى لتمويل الفلاحين والمشاريع الفلاحية من خلال تطبيق مختلف آليات الدعم، ويتمثل المحور الثالث في هيكلة الفلاحين ضمن إطار الجمعيات والتعاونيات للاستفادة من مشاريع الدعم عبر المحيطات المسقية، حيث تهدف المصالح الفلاحية من خلال مشروع وصول مياه سد بني هارون لسد تيمقاد إلى التحول من نمط إنتاجي ضعيف ومحدود المردود لارتباطه بالتساقط إلى نمط إنتاجي عصري مكثف متعدد الشعب، وتتوقع ذات المصالح بعد توسيع واستغلال المحيطات الفلاحية الجديدة أن يتضاعف مؤشر المردود الفلاحي 05 مرات عن سابقه وبالنسبة للمردود الحيواني 04 مرات ويتوقع أن يصل الناتج الإجمالي الخام إلى 11 مليار دينار بعد أن كان لا يتعدى مليار دينار إضافة لفتح حوالي آلاف مناصب الشغل موازاة مع إنشاء وحدات صناعية إنتاجية جديدة لتحويل مختلف المنتوجات.
تعتبر الحرائق من بين الأعداء “الجدد” للغطاء النباتي بعاصمة الأورس عامة وشعبة الحبوب خاصة، حيث تدخلت مصالح الحماية المدنية بولاية باتنة منذ الصيف الماضي، لإخماد حريق شب بجبل متليلي الواقع بإقليم بلدية تيلاطو.النيران أتت على غطاء نباتي يقدر بحوالي 20 هكتارا كله عبارة عن حلفاء، عرعار وحشائش يابسة، وأوضحت المصالح ذاتها بأن العملية خصص لها 15 آلية تدخل وتعداد بشري وصل إلى أزيد من 80 فردا من أعوان الحماية المدنية وأعوان حماية الغابات.
وتجدر الإشارة إلى أن الحرائق باتت تهدد الغطاء النباتي لولاية باتنة، وصارت تلتهم مساحات هائلة مع حلول كل فصل صيف، مع العلم بأن أكبر حصيلة خسائر في هذا الجانب كانت خلال الصيف ما قبل الماضي بما يقارب 1141 هكتار من المساحات الخضراء بالولاية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024