61 بلدية بولاية باتنة ودّعت العمل بالطّرق القديمة

السّرعة والدقة لتفادي الأخطاء

قطعت الجزائر أشواطا مهمة في ميدان القضاء على البيروقراطية لاسيما المرتبطة باستصدار وثائق الحالة المدنية، حيث تبذل الدولة جهودا حثيثة للقضاء على هذه الظاهرة التي أرهقت المواطنين خاصة في الإدارات العمومية، من خلال مخطط العصرنة الإدارية الذي مكّن لحد الآن حسب وزارة الداخلية من تخفيض عدد وثائق الحالة المدنية التي تطلب من المواطن من 36 إلى 11 وثيقة، إضافة إلى رقمنة سجلات الحالة المدنية التي مكّنت المواطنين من استصدار مختلف وثائق الحالة المدنية من أي بلدية بالوطن، حسب ما أكده لنا بعض مسؤولي بمختلف بلديات باتنة الذين تحدّثنا إليهم.
باتنة: لموشي حمزة
وأعلن وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية الطيب بلعيز عن دخول حيز الخدمة الشباك الموحد لاستخراج جميع وثائق الحالة المدنية، مؤكدا أن العملية تم تعميمها على مستوى التراب الوطني، إضافة إلى جملة من التسهيلات الإدارية التي ستساهم بدورها في استئصال ورم البيروقراطية على غرار توفير شبابيك موحّدة لإصدار الوثائق الإدارية المرتبطة بمجال التنقل مثل البطاقات الرمادية ورخص السياقة تعتمد على أنظمة رقمية تعفي المواطن من طول الانتظار.
تأتي هاته الإجراءات لاستكمال مسار إصلاح الخدمة العمومية المقدّمة للمواطن، بعد أن فكّرت الحكومة في وضع خطة جديدة لتسريع إجراءات التصحيح الإداري والقضائي المتعلق بالحالة المدنية في إطار عصرنة قطاع العدالة أيضا، وتقريب الإدارة من المواطن والقضاء على كل أشكال البيروقراطية على مستوى الإدارة.
ودّعت البلديات الـ 61 المشكّلة لعاصمة الأوراس باتنة الأساليب التقليدية في استخراج مختلف وثائق الحالة المدينة عن طريق الكتابة التقليدية، حيث قامت تنفيذا لتعليمات الوصاية بعصرنة أرشيفها بفضل الإمكانيات المعتبرة التي سخّرتها الدولة للعملية بعصرنة وسائل العمل إخضاع موظفيها لتكوين خاص.
وتشهد مصلحة الحالة المدنية بمقر بلدية باتنة ضغطا شديدا جراء توافد مئات المواطنين من مختلف المناطق التابعة للبلدية ومن الولايات المجاورة من أجل استخراج مختلف وثائق الحالة المدنية، فيما يبقى شعار “عصرنة الإدارة” حاضرا بقوة في كل الوثائق المستخرجة وتعامل الموظفين مع المواطنين والسرعة والدقة في ذلك.

 إلتزام بتقديم خدمة ذات نوعية

أوضح رئيس بلدية باتنة عبد الكريم ماروك، أن بلدية باتنة التزمت بتقديم خدمات عمومية ذات نوعية للمواطن، على غرار الاستقبالات المخصّصة للمواطنين والتي تتم بشكل يومي تقريبا، حيث أنّ مكتبه لا يتوقف عن استقبال المواطنين حتى خارج أوقات العمل، وهو رفقة أعضاء المجلس يردون على كل شكوى أو مراسلة يقوم بها المواطن، وكذا تسليم بعض الوثائق في الحين، مشيرا إلى أنه وفي إطار القضاء على البيروقراطية، أعطى تعليمات صارمة لنوابه وكل أعضاء المجلس البلدي بتوفير كل ما من شأنه ضمان استقبال جيد للمواطن والتكفل المباشر بانشغاله خاصة الذي يمس الحياة اليومية للمواطن بالبلدية.
وزارت “الشعب” بعض بلديات ولاية باتنة على غرار عين التوتة، المعذر، تازولت حيث شد انتباهنا الإقبال الكبير للمواطنين، على شبابيك استخراج شهادة الميلاد الأصلية رقم “12” والتي أصبح بإمكان المواطن استخراجها من أية بلدية، وهو ما زاد من الضغط الكبير أصلا على الشبابيك، ما زاد من حجم معاناة عمال البلديات. فما من مصلحة مدنية من تلك التي زرناها إلا ووجدناها تعج بالمواطنين، غير أن مظاهر الفوضى والاكتظاظ غابت بالبلديات التي قمنا بزيارتها، بفضل الإجراءات التي استحدثتها الدولة لذلك.
واعتمدت أغلب البلديات رقمنة سجل الحالة المدنية لمزاياه المتمثلة في تسريع استخراج الوثائق وتجنبا للأخطاء التي تسجل والتي دفعت بالكثيرين للدخول في دوامة الانتقال بين البلدية والمحكمة من أجل التصحيح. وقد استحسن المواطنون الذين التقيناهم ذلك، لكنهم طرحوا مشكل الاكتظاظ فتؤكد السيدة “ن ـ ج« أنّ “المواطن بطبعه متسرّع ويرغب في قضاء أشغاله بأسرع وقت، فبعدما كان يسافر للبلدية التي ولد فيها لاستخراج وثائقه خاصة شهادة الميلاد ها هو اليوم يتجه لأقرب بلدية لاستخراج وهو بذلك يزيد من الاكتظاظ على بعض البلديات خاصة الكبيرة كباتنة بريكة، مروانة، عين التوتة التي تشهد كثافة سكانية كبيرة.
وأشار مواطن آخر أنّه اتجه الأسبوع الماضي إلى بلدية بريكة لاستخراج الوثائق، حيث قضى يوما كاملا هناك بسبب الاكتظاظ الذي لا يغيب على بلدية بريكة وهو سمة يومية بسبب توافد أعداد هائلة من المواطنين. وأشار محدثنا أنّ عدم تأدية الموظّفين لمهامهم يزيد من معاناة المواطن، حيث قال لنا إنّه انتظر طويلا دوره ودفع الدفتر للموظف للحصول على شهادة الميلاد الأصلية، وتحجّج الموظف بكثرة الطلبات. ولا داعي للانتظار فيمكنك استخراج وثائقك الإدارية من البلدية في أقصر وقت إذا كنت تعرف موظفا هناك، حيث تكفي “المعريفة” لاستخراج الوثائق حيث أشارت إحدى السيدات إلى أنها انتظرت طويلا في الطابور ببلدية باتنة ولما لمحت أحدى الموظفات على علاقة بصديقتها لجأت إليها طالبة منها أن تساعدها على استخراج شهادة ميلاد أصلية لها، فكان لها ذلك في بضع دقائق مؤكدة أنها غادرت وتركت العديد من المواطنون ينتظرون دورهم في طوابير طويلة وختمت قولها “وين تروح لازم معريفة ولا تكره حياتك وأنت تسنى...هاذي هي لبلاد..الله غالب”.
انتقلنا بعدها لدائرة باتنة، وبالضبط مصلحة استخراج جوازات السفر وبطاقات التعريف الوطنية، أين وجدنا شابة في العقد الثالث من العمر تتحدث مع أحد العاملين هناك لكي يقوم بالإسراع في استخراج جواز سفرها، حيث أكدت لنا أنها على معرفة ببعض موظفي الدائرة فكيف لا تستغلها لتتحصل علي جواز سفرها في مدة قصيرة لا ستغرق أيام.

الأخطاء كابوس ينغّص حياة المواطنين

 قبل مغادرتنا لمصلحة الحالة المدنية لبلدية باتنة، فؤجئنا بالعدد الكبير للمواطنين الذين يرغبون في “تصحيح” أخطاء إدارية في وثائق الحالة المدنية، فرغم رقمنة سجل الحالة المدنية حسب أحد المواطنين القادم من منطقة مشونش ببسكرة لتصحيح شهادة وفاة والده إلا أن العملية ما تزال تسير ببطء شديد.
وتابع محدثنا يقول: “اضطررت للتنقل بين مصلحة الحالة المدنية والمحكمة واستدعى حل المشكل حكم القضائي”، وهنا قاطعتنا شابة حرصت على نقل انشغالها بهذا الخصوص، فأشارت إلى أنها حرمت من عدة مسابقات توظيف بسبب خطأ في وثائقها، حيث منحت لها جامعة باتنة شهادة نجاحها في الليسانس بها خطأ في لقبها العائلي ومضى الآن أكثر من 8 أشهر، والمشكل لم يحل بعد فمرة تقول لها موظفات الجامعة العميد غائب ومرة الحبر الذي يطبع بها الشهادات قد نفذ وهكذا .
ويعتبر الدخول الاجتماعي لهذا العام استثنائيا في كل شيء فبعد الارتفاع ألجنوني للأسعار وزيادة عدد التلاميذ المتمدرسين، قرّرت وزارة الداخلية والجماعات المحلية، تسهيل عملية استخراج وثائق الحالة المدنية، حيث أصدرت تعليمة بإمكانية استخراج وثائق الحالة المدنية في أي بلدية من بلديات الوطن، وذلك حرصا على تذليل الصعوبات وتسهيل الخدمات العمومية، لا سيما في ظل الإقبال الكبير الذي يشهده هذا المرفق العمومي خلال الدخول المدرسي والجامعي.
وأوضحت الداخلية بأن الأمر يتعلق أساسا بملخصات عقود الميلاد في نسختها الأصلية والخاصة، مشيرة إلى أن المواطنين يمكنهم أيضا الاستفادة من نفس التسهيلات لدى الفروع البلدية العاملة.
كما تندرج العملية ضمن نفس المساعي الرامية إلى استئصال ورم البيروقراطية، وإدخال إصلاحات عميقة على الإدارة الجزائرية، تعديل القانون المتعلق بالحالة المدنية، وتم بموجبه تمديد صلاحيات شهادة الميلاد إلى 10 سنوات بدل سنة، وإلغاء تحديد أجل صلاحيات شهادة الوفاة.
كما تضمّن القانون أيضا تمديد آجال التصريح بالولادات والوفيات بالنسبة للمواطنين القاطنين بالجنوب إلى 20  يوما عوض 24 ساعة، وتمكين رئيس المجلس الشعبي البلدي من تفويض ضابط الحالة المدنية صلاحية تحرير عقود الزواج والوفيات في حالات معينة.
ويندرج كل هذا في إطار مخطط شامل وكامل لإدارة عمومية عصرية وخالية من كل الآفات البيروقراطية، مع تقديم خدمات نوعية وذات جودة رفيعة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024
العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024