استعرض، بونعمة فتحي، إطار فلاحي بولاية سكيكدة، في حوار خاص “الشعب”، واقع القطاع الزراعي بالولاية، مبرزا الإمكانات الطبيعية الهائلة التي تزخر بها، والدور الاستراتيجي الذي تلعبه المحاصيل الموسمية في تنشيط الاقتصاد المحلي والوطني على حد سواء، وأكد المتحدث أن سكيكدة لم تعد مجرد ولاية فلاحية تقليدية، بل تحولت إلى قطب إنتاجي وطني بامتياز.
تعد ولاية سكيكدة، يقول بونعمة فتحي، ركيزة أساسية في المشهد الفلاحي الجزائري، بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي، وتربتها الخصبة، وثروتها المائية، تحولت إلى مصدر تموين رئيسي لولايات الشرق والجنوب الجزائري، خاصة في المحاصيل الموسمية مثل البطاطا والطماطم والخضر.
ويؤكد بونعمة أن الطماطم الصناعية هي عنوان تفوق سكيكدة الفلاحي، “نحن نساهم بأكثر من 51% من الإنتاج الوطني للطماطم الصناعية، وهو رقم ضخم يعكس نجاح سلسلة الإنتاج والدعم الموجه للفلاحين، محيط السقي زيت العنبة وحده يسقي أكثر من 3،500 هكتار، ما يعادل عشرات الآلاف من الأطنان سنويا، ودون هذه الوفرة، لما وجدت المصانع التحويلية في سكيكدة، التي توفر مئات فرص العمل وتساهم في تنشيط الصناعة الغذائية.”.
ويوضح بونعمة، أن المحاصيل الموسمية في سكيكدة ليست مقتصرة على الطماطم، نحن نموّن 13 ولاية ببذور البطاطا والقمح الممتاز، ونعتبر المزود الرئيسي للشرق والجنوب، كما أننا نسجل سنوياً انتاجا كبيرا للبطاطا من مناطق مثل الحروش وأمجاز الدشيش، بالإضافة إلى إنتاج وفير للحمضيات تجاوز 595 ألف قنطار، وهو ما ساهم في استقرار أسعارها بين 50 و200 دج للكيلوغرام.”.
ويشير، بونعمة فتحي، إلى أن سكيكدة لا تكتفي بالمحاصيل التقليدية، بل تطرق أبواب الابتكار الزراعي، ننتج خضروات موسمية كثيرة كالجلبانة، الجزر، البصل، الثوم، وغيرها، لكن الأهم هو التوجه نحو محاصيل ذات قيمة مضافة عالية مثل فاكهة “التنين” في بلدية بن بشير، وهي تجربة ناجحة تؤكد إمكانية التوسع في الزراعات غير التقليدية، خصوصاً في المناطق الساحلية.”.
ولا نغفل عن الفواكه الموسمية مثل الفراولة، المشمش، الخوخ، والعنب، التي نجد فيها ليس فقط مردودا اقتصاديًا ممتازًا، بل أيضا جودة عالية جعلت منتجاتنا مطلوبة في العديد من الأسواق خارج الولاية.
هذا التنوع، يوضع الإطار الفلاحي، خلق دورة اقتصادية متكاملة تبدأ من الزراعة وتنتهي بالتسويق، مروراً بالنقل، التخزين، التحويل الصناعي، بل وحتى التصدير في بعض الحالات، والزراعة الموسمية تلعب دورا حاسما في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي في سكيكدة، سواء من خلال خلق مناصب شغل موسمية للفلاحين والعمال خلال فترات الجني، أو من خلال تنشيط الأسواق الأسبوعية، التي أصبحت تعتمد بشكل كبير على هذه المحاصيل الطازجة.
ونحن نلاحظ بوضوح يقول كيف أدت وفرة الطماطم، البطاطا، والحمضيات في بعض المواسم إلى استقرار الأسعار، بل وانخفاضها، وهو ما يصب في مصلحة المواطن أولاً، والمنتج ثانياً.
وأكد بونعمة البعد الاستراتيجي للقطاع الفلاحي المحلي، القطاع الفلاحي في سكيكدة ليس فقط محركا اقتصاديا محليا، بل هو مكون أساسي في المعادلة الوطنية للأمن الغذائي، نحن لا ننتج فقط، بل نمون، ومضيف قيمة، ومع استمرار دعم الدولة، وتطوير أساليب الري والتخزين والتسويق، يمكن لسكيكدة أن تصبح نموذجا وطنياً للنجاح الفلاحي المتكامل.”.