المختص في العلوم السياسية والإدارة المحلية.. عقبوبي مولود لـ”الشعـب”:

الجزائــر.. ثـورة التشغيـــل بالهضاب العليا والجنوب الكبير

براهمية مسعودة

أكد أستاذ العلوم السياسية والإدارة المحلية، بكلية الحقوق بجامعة غليزان، عقبوبي مولود، التزام الجزائر الثابت بتنفيذ سياسة طموح للتشغيل بالهضاب العليا ومناطق الجنوب، ضمن خطة قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى، ستحدث تغير جذري في واقع هذه الجهة الشاسعة، الغنية بالمعادن الحيوية والعناصر الأرضية النادرة والموارد البشرية الفعالة.

قال الدكتور عقبوبي في تصريح لـ« الشعب”: “ أن الجزائر ماضية في تنفيذ سياسة طموحة للتشغيل بالهضاب العليا ومناطق الجنوب؛ وهي جزء من رؤية سديدة، تتعلق بتنفيذ برنامج استراتيجي ومخطط واعد، ينعكس إيجابا على واقع هذه المناطق الحيوية في البلاد، لاسيما وأنها مصدر كل الطاقات والإمكانات المادية وتسخر بالعديد من الثروات الطبيعية”.
وتطرق محدثنا في هذا الإطار إلى التدابير الجديدة والتسهيلات الاستثنائية التي وضعتها السلطات في السنوات الأخيرة لترقية التشغيل ومكافحة البطالة في ولايات الجنوب والهضاب العليا، ضمن محاولة جادة لتجسيد مجموعة من الأهداف، سطرتها الدولة في هذا المجال، وهي مرتبطة بما سمي ببرنامج تنمية مناطق الهضاب العليا ومناطق الجنوب في الجزائر.
وأوضح بأن هذا البرنامج الخاص، المسجل ضمن البرامج التنموية الخماسية، هو جزء من الجهود التنموية التي تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة في مختلف أنحاء البلاد، كجزء لا يتجزأ من الإستراتيجية الوطنية للتنمية التي تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية وتعزيز الفرص الاقتصادية في المناطق النائية والمهمشة.
ولفت إلى عدة مبادرات ومشاريع تهدف إلى تعزيز البنية التحتية في هذه المناطق، وتعزيز القدرات الإنتاجية والاقتصادية للسكان المحليين، ولعل أبرزها تطوير البنية التحتية الأساسية، مثل الطرق والمياه والكهرباء، وتعزيز الخدمات الصحية والتعليمية، بالإضافة إلى دعم القطاعات الاقتصادية المحلية، مثل الزراعة والصناعة والسياحة، كما قال.
وأضاف أن هذا البرنامج، يهدف أيضا إلى تحفيز النمو الاقتصادي في هذه المناطق، وتوفير فرص العمل للشباب، وكذا الحد من الهجرة الداخلية نحو المدن، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المناطق النائية والهامشية بما يسهم في تعزيز وترسيخ مبدأ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص.
وبخصوص طبيعة الإستراتيجية الوطنية في ترقية سياسة التشغيل ومكافحة البطالة، ضمن برنامج تنمية الهضاب العليا ومناطق الجنوب، أفاد أنه «يمكن شرح ميكانيزماتها فيما يلي: ميكانيزم إداري؛ المتمثل في استحداث ولايات منتدبة بهذه المناطق، الأمر الذي سوف يساعد على خلق مناصب عمل جديدة، وإنشاء استثمارات واعدة تحرك التنمية في هذه المناطق، وتمتص ظاهرة البطالة.
وأبان الدكتور عقبوبي أن قرار استحداث ولايات منتدبة في الجنوب والهضاب العليا، له عدة أبعاد، منها ما هو اقتصادي، ومنها ما هو اجتماعي، وحتى إداري، باعتبار أن القرار على الصعيد الاجتماعي، يهدف إلى عدم مركزية المصالح الإدارية وتقريب الإدارة من المواطن، خاصة في منطقة الجنوب الكبير، أين نشهد ولايات ذات مساحات شاسعة؛ حيث كان المواطن يقطع مسافات طويلة جدا ليصل إلى مقر الولاية، ويستغرق وقتا أطول..، مستطردا أن “خلق ولايات منتدبة جديدة قريبة من المواطن، يدخل في خدمة المواطن وتسهيل وتوفير الخدمة للمواطن، مع ضمان ربح الوقت والجهد والمال”.
وأما من الناحية الاقتصادية والإدارية يضيف المتحدث ذاته فمثل هذا القرار من شأنه خلق مناصب عمل جديدة، لأن خلق ولايات جديدة، يتطلب بالضرورة خلق مديريات جديدة، وهذا ما سيمكن من توفير مناصب شغل، سواء في شكل إداري أو في شكل مباشر عبر الاستثمار وإنجاز الهياكل التي تتطلبها هذه الولايات، وفق تعبيره.
وأوضح أن ميكانيزم أوآلية التشغيل، التي اعتمدتها السلطات العمومية، تشمل عدة تدابير لضمان التسيير الشفاف والصارم لتسهيل إدماج طالبي العمل، بالإضافة إلى تعزيز مراقبة التشغيل في الولايات الجنوبية بمنشور وزاري مشترك مؤرخ في 12 سبتمبر سنة 2022؛ حيث تم استحداث أرضية رقمية، تعمل على تسهيل وتبسيط العمليات الإدارية بين مصالح الوكالة الوطنية للتشغيل والهيئات المستخدمة في هذا الإطار؛ الأمر الذي سمح برفع التنصيبات في عالم الشغل بولايات الجنوب بنسبة 33 بالمائة سنة 2023، مقارنة بسنة 2022.
كما لفت إلى ميكانيزم فلاحي، يتمثل في حرص الدولة على تطوير الجانب الفلاحي والزراعي، انطلاقا من اتخاذ جميع التدابير التي من شأنها تيسير الحصول على العقار وحفر الآبار والربط بالكهرباء، وهو ما أطلقت عليه الحكومة بالرواق الأخضر الذي يتمثل في جملة من التدابير التي اتخذتها الحكومة في إطار مساعيها لتحقيق الأمن الغذائي للبلاد...
وفي السياق ذاته، أبرز المختص في العلوم السياسية والإدارة المحلية، أن “خلق أقطاب فلاحية “كبرى مدمجة” في الولايات الجنوبية، سيمكن دون شك من تحقيق “وثبة حقيقية” في الإنتاج والتحويل”، مبرزا أنه “بهدف تعميم تمويل المشاريع الفلاحية، عملت الحكومة على تشبيك العلاقة بين المؤسسات المالية والبنوك والجمعيات المهنية، وذلك تنفيذا لتوصيات الجلسات الوطنية للفلاحة المنعقدة بتاريخ 28 فبراير 2023، المتعلقة بتعزيز الأمن الغذائي وتشجيع الاستثمار في المشاريع الزراعية الكبرى في الجنوب والهضاب العليا وتعزيز الشراكة.”.
وأشار محدثنا أيضا إلى “ميكانيزم صناعي؛ يتمثل في شروع السلطات في إنجاز 35 وحدة صناعية في مناطق الجنوب والهضاب العليا متخصصة خاصة في إنتاج مواد البناء والتجهيزات المعدنية، بما يحقق نقلة نوعية في تطوير الصناعات المتعددة بهذه المناطق...”.
واعتبر أن “قطاع الصناعة، يتقدم في العديد من المجالات، مثل السياحة والبناء والري والنقل، ومنها مشاريع السكك الحديدية والمشروع الضخم لربط الجزائر بدول الجوار الإفريقي )؛ حيث يساهم في التنمية المحلية وفي نشر التكنولوجيا واستحداث مناصب الشغل بالجنوب والهضاب العليا.»، مبينا أنه «تفيذا لهذه الرؤية، يعمد مدراء الصناعة لولايات الجنوب إلى العمل بالتشاور، لا سيما مع مؤسسات تسيير مساهمات الدولة والوكالة الوطنية لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري لتطوير الإستثمار في هذه المناطق”.
وشدّد الدكتور عقبوبي مولود على أن “تنفيذ هذا البرنامج بشكل شامل ومتكامل، يتطلب التعاون مع المجتمعات المحلية والفاعلين المحليين ( المجتمع المدني، القطاع الخاص، الأعيان)، مع ضمان المشاركة الفعالة لسكان هذه المناطق في عملية التخطيط وتنفيذ المشاريع، سعيا إلى تحقيق النتائج المستدامة وتلبية احتياجات السكان المحليين بشكل فعال.”.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024