عادات غريبة متوارثة بتلمسان وعين تموشنت يوم الأضحى

قبائل بني كنانة تحرم على نفسها البوزلوف وأخرى تمانع من أكل اللحم

تلمسان: بن ترار محمد

مرّ عيد الأضحى المبارك تاركا بتلمسان عادات قديمة متوارثة عبر الأجيال ترجع إلى أزمنة  غابرة، إلا أن سكان المنطقة من القبائل الكبيرة على غرار اولاد نهار، بني هديل، بني ورنيد، بني وعزان، بني سنوس، اهل انقاد، بني وارسوس، بني بوسعيد، بني صميل، بني واسن ومسيردة والسواحل وبني منير والفحول لا زالوا يحافظون على هذا الموروث الذي يعد مصدر شخصية وانتماء وهوية لهم لا يمحوها الزمن.
 اختارت الغوص في أعماق هذه القبائل الامازيغية منها والمهاجرة عبر رحلات بني هلال والتي تشكل البنية الاجتماعية لتلمسان المتكونة من الحضر وقبائل الأرياف للوقوف على هذه العادات الضاربة في عمق المجتمع والتي رغم التطورات التي عرفها العالم، إلا أن اغلبها لا يزال يحافظ على بعض عادات الاجداد والتقاليد المرتبطة خاصة بعيد الاضحى والتعامل مع الاضحية، وفقا لتقاليد مرتبطة بقصص قد تكون حقيقة أو خيالية ضربت في أعماق التاريخ، ورغم ان العقل لا يصدقها لكن حتى مقتفى هذه القبائل لا يمكنهم تجاوزها.
اذا كانت الأضحية سنّة مؤكدة سنها سيدنا ابراهيم الخليل ودعما الرسول الكريم خاتم الانبياء محمد بن عبد الله، حيث احل لحمها واعتبرها هدي لله وقربانا، فإن هذه القبائل لا تزال تتعامل مع الأضحية باختلاف العادات المتوارثة منذ الأزل الأول.
فعلى سبيل المثال، فإن منطقة سبعة شيوخ بشمال الولاية وولهاصة بغرب عين تموشنت وامام ارتباط هذه المنطقة بقبائل بني كنانة، فإنهم يحرمون على انفسهم أكل رأس الخروف أو ما يعرف محليا بـ»البوزلوف» ما يجعل اغلبهم يضحي بالنعجة او يرمي رأس الخروف المحرم عليهم بموجب عادات الأجداد، حيث يرجع كبار هذه القبيلة السبب الى عهد جدهم الأول التي تقول الرواية انه سقط في جب عميق ولم يتمكن من الخروج منه الى ان وجد قرن كبش الذي استعمله في النجاة. لهذا عاهده على الا يأكله وذريته الى يوم الدين. وبقي الوعد موفى به ابا عن جد الى يومنا هذا.
في حين، تشير رواية أخرى الى ان جدهم الأكبر بعدما توفيت والدته وهو رضيع عاش من حليب النعجة.
من جانب اخر لا تزال احدى قبائل بني سنوس بمنطقة الفحص جنوب غرب تلمسان تحتفظ بعادة قديمة، حيث تقوم يوم العيد بالذبح والسلخ للأضحية دون مساسها الى غاية اليوم الثاني من العيد.
تشعل هذه القبائل شمعة وتضعها على الخروف المذبوح ليلة اليوم الأول من العيد وذلك لعادة متوارثة والتي تتقاسمها مع بعض القبائل الأخرى التي بعضها تخلت عن هذه العادة وبعضها ما يزال وفيا الى يوم يبعثون.
اما قبائل بني وارسوس، فإن اغلب ابنائها يذبحون الشاة ويتناولون في اليوم الأول الكبد والاحشاء (الدوارة) والبوزلوف لا غير، محرمين على نفسهم أكل اللحم الى غاية اليوم الثاني.
من جانب آخر فإن بعض القبائل تحرم على ذكورها اكل الخروف كاملا بحكم أنه وإن اكلها تخرج في وجهه، كما لا يأكلون مخ الخروف لأنه يدمع العين ويحرمون على الشباب الطحال لأنه يزرق الشفاه وغيرها.
هذه  العادات وان اندثرت بعض الشيء باعتبارها خرافة لا غير فإن كبار السن وبعض فصول القبائل لا تزال تحافظ عليها بل وترى في مخالفتها عرضة للأذى وهو ما جعل اغلب بطون القبيلة تتبع العادة دون المجازفة بالتجريب بالتخلي عنها.
رغم هذا، فإن هذه القبائل تجتمع في إعداد اطباق اللحم من الملفوف او البكبوكة او جلسة المشوي التي تجمع العائلة وهي كلها عادات مرسخة في المجتمع التلمساني الذي يعتبر العيد فرصة للم العائلة وتناول اللحم، خاصة وأن العديد من العائلات لا يمكنها تناوله طيلة أيام السنة، حيث يعتبر أغلب شيوخ هذه القبائل أن قطع العادة يؤدي الى كارثة ويربطون ذلك بحوادث جرت  والتي وان كانت ذات علاقة بالقضاء والقدر ومصادفة للعيد، إلا أنها أصبحت حاجزا يعتمد عليه السكان في الحفاظ على الموروث اقسموا على الابقاء له أوفياء، اليوم وأبدا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024