أكد الأمين العام لـ»المحافظة السامية للأمازيغية»، الهاشمي عصاد بوهران، أنّ اعتراف الجزائر بعيد يناير خطوة كبيرة نحوتعزيز اللحمة بين أفراد الأمة، وتزيدهم عزما وقوة لمواصلة العمل في سبيل تحقيق باقي الأهداف، معتبرا أنّ تصنيف «ينّاير» تراثا عالميا من قبل اليونيسكو، يتطلب الاجتهاد الدائم والسعي قدما في تحقيق الشروط التي حددتها المنظمة.
قال عصاد في ندوة نشطها، أمس، بمنتدى جريدة «الجمهورية»، على هامش اليوم الدراسي حول المجاهد الراحل عبد الله حمان، بمناسبة الاحتفالات الرسمية بالسنة الأمازيغية 2969، أنّ الاحتفال هذه السنة تستمر تسعة أيام كاملة تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية، وهوبحد ذاته تحدي كبير»، مرجعا ذلك إلى الصيغة الجماعية التي تبنتها المحافظة لإحياء هذه الذكرى بمعية الجمعيات ومختلف فعاليات المجتمع المدني، ومشيدا في الوقت نفسه بجهود فريق عمل البرنامج، الذي وصفه بـ»المميز»، نظرا إلى محتواه والإشكاليات التي تبناها عبر مختلف المدن الجزائرية، بعيدا عن طغيان الطابع الفلكلوري.
وفي رده على سؤال صحفي حول إشكالية النشر باللغة الأمازيغية، أوضح أن المحافظة تتلقى إقبالا متزايدا من الأدباء بمختلف تخصصاتهم، مرجعا ذلك إلى غياب الدعم من قبل دور النشر، نظرا لتقاليد النشر وطابعها التجاري، مؤكدا أن الأبواب مفتوحة مقابل عدة اشتراطات، أبرزها ضمان الجودة وحماية الملكية والتوزيع المجاني بدون مقابل، مشيرا إلى إحصاء أكثر من 350 عنوان في الأدب الأمازيغي، صدر عن المحافظة منذ بداية دعم النشر، من بينها أول قاموس كبير للغة الأمازيغية خلال 2018.
وأعلن عصاد أنّ برنامج عمل هيئته للسنة الجارية 2019، سينصب بشكل خاص على تشجيع «صيغة النشر المشترك»، ومواصلة تنفيذ آلية التواصل والاتصال بين أدباء ورواد الأدب الأمازيغي ومختلف دور النشر من خلال الصالون الدولي للكتاب الأمازيغي الذي بلغ دورته التاسعة.
ودعا نفس المسؤول الجهات المعنية إلى عدم تقييدهم بنظام «الكوطة» المحدد بـ10 كتب بصالون الكتاب، بغرض توثيق الثقافة الأمازيغية الشفوية ومخزونها المعرفي من ناحية وتشجيع المقروئية لدى مختلف الأوساط من ناحية أخرى، مشيرا إلى أن مشروع تعميم تدريس اللغة الأمازيغية وترقيتها يتطلب وقت وكفاءات وكذا فتح الباب التوظيف، معتبرا في الوقت نفسه أن التكوين والمرافقة أساس نجاح تجربة التدريس، منوها إلى المنتدى التكويني الذي نظم على هامش الملتقى الدولي «سيفاكس» بعين تموشنت في سنة 2018، لفائدة 300 أستاذ جديد لتدعيم تدريس المادة.
وقد حضر اللقاء مختصون ومؤرخون، أثروا النقاش حول ميلاد وتطور الأدب الأمازيغي ورواده، وعلى رأسهم المرحوم المجاهد حمّان عبد الله، كاتب وأديب باللغة الأمازيغية، والذي حضي بالمناسبة بتكريم خاص، وهذا بالشراكة مع الجمعية الوطنية نوميديا بوهران.
وأجمع المشاركون على أن هذا التكريم «واجب»، نظرا لقيمته العالية وأهمية الموروثات التي تركها وتأثيرها، لكونه من أشد المناضلين اندفاعا في سبيل الجزائر والقضية الأمازيغية، وقد تحدث في مؤلفاته على نضاله في الثورة رفقة الثوار والمجاهدين، ومنهم من لازالوا على قيد الحياة.
وتطرق الأديب والناقد الجزائري، ديب اليزيد في مداخلته إلى إنسانيته وعلمه الغزير وثقافته الواسعة وحبه الكبير للغة الأمازيغية والعربية، كلها عوامل ساهمت في تكوين شخصية «حمّان» وصقلها وجعلته يتميز على غيره، مستدلا في هذا الإطار بترجماته المعروفة بتكييف الترجمة الحرة، معتبرا أنها من أهم عوامل تكوين الأدب الكلاسيكي الفرنسي، كون أنّ ترجمات الروايات من الإغريق واللاتينية، تخضع، حسبه، إلى عديد التغييرات، دون المساس بالجوهر والروح، وكأنها مكتوبة أصلا بالفرنسية.