نافيا مغادرة شركاء أجانب ومحذرا من معلومات مغلوطة

مبتول يعرض بالأرقام مؤشرات تصدير الغاز ويرصد مواقف الشركات الأجنبية

سعيد بن عياد

«قامت «اكسون موبيل» بادراج شروط قسرية لا تتوافق مع معنى بناء شراكة بقاعدة رابح/ رابح، ولذلك فضلت سوناطراك تأجيل إبرام العقد دفاعا عن مصالح الجزائر»
راجت في الآونة الأخيرة وسط تطورات الحراك الذي تعرفه الساحة الوطنية، معلومات تستوجب تسليط الضوء على مضامينها وأبعادها، وتخص وضعية سوق المحروقات من حيث الإنتاج والتصدير، وحتى يتضح الأمر للرأي العام الوطني والمحلي وحتى الدولي من الضروري الرجوع إلى أهل الخبرة لتوضيح الموقف.
يقدم الخبير الاقتصادي الدولي عبد الرحمان مبتول توضيحات حول معلومات يتم تداولها هذه الأيام تعلق بمسالة يمكن أن تهدد توازن واستقرار وانسجام المجتمع ويخص الأمر موارد المحروقات التي تمول الخزينة العامة مباشرة وغير مباشرة بـ 98 بالمائة من العملة الصعبة وهو الغاز الطبيعي بالقنوات والغاز المميع الذي يمثل 33 بالمائة من مداخيل سوناطراك كما يشير إليه الخبير الدولي.
حول ما يروج له بالموازاة مع الأحداث التي يشهدها الشارع من أن الشركات البترولية قد تغادر الجزائر، يؤكد مبتول أن «هذا الادعاء غير صحيح كون كل شركة يحفزها منطق البحث عن الربح ولا وجود للعواطف في الأعمال». ويذكر بالظرف المأساوي الذي عرفته الجزائر بين 1990/1999، فما عدا شركة «توتال» في بعض الفروع، وقد أبدت ندما بتسجيلها خسارة حصص في السوق، فان جميع الشركات الاجنبية الأخرى تمسكت بالبقاء في الجزائر، بل وقامت باستثمارات، مثل الشركات الأمريكية، اليابانية، الكورية الجنوبية والصينية وغيرها.
 ويضيف موضحا بالنسبة لدخول شركات أخرى إلى السوق الجزائرية أنها تترقب ما يتضمنه قانون المحروقات الجديد، وبالأخص الوضع السياسي،  ذلك انه يجب أن تكون حكومة شرعية يمكنها تجسيد العقود الجديدة. وبالنسبة للفروع خارج المحروقات، وبخصوص استثمارات ذات قيمة مضافة ولها مردودية في المديين المتوسط والطويل، ينبغي أن تتضح الوضعية السياسية والاقتصادية باتجاه إصلاحات هيكلية حقيقية، وفي مجال الصناعات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة رفع عائق قاعدة 51/49 التي لا يجب أن تطبق إلا القطاعات الإستراتيجية.
وحول سبب «إلغاء شركة «اكسون موبيل» مؤخرا عقدا مع سوناطراك»، يوضح الخبير مبتول، مستندا لمصادره، أن الأمر ليس إلغاء، ولكنه تصرف يعكس رغبة تلك الشركة في الاستفادة من تطورات الأحداث التي تعرفها بلادنا، حيث قامت «اكسون موبيل» بادراج شروط قسرية لا تتوافق مع معنى بناء شراكة بقاعدة رابح/ رابح، ولذلك فضلت سوناطراك تأجيل إبرام العقد دفاعا عن مصالح الجزائر،علما ان هذا لا يعيق في المدى القصير إنتاج سوناطراك، التي تتميز بامتلاكها إطارات بارزة وذات كفاءة، عرفت كيف ترفع التحدي في الماضي.
وبشان المعلومة الثانية المتداولة وتحتاج إلى تدقيق مفادها ان «سوناطراك باعت الغاز بالمجان وخاصة لفرنسا»، يؤكد البروفيسور مبتول مرتكزا على تحليل ارقام رسمية، ان ذلك الدعاء يخص ترويج معلومة غير صحيحة وعارية عن الصحة، ويصنف هذه المعلومة المغلوطة في نطاق التشويش على الرأي العام، في ظل الوضع الخاص الذي تمر به البلاد حاليا. ويعرض بالأرقام حصيلة سوناطراك في مجال الغاز للفترة 2013/2018، مستندا على مؤشرات يمكن مراجعتها على مستوى بنك الجزائر وحتى لدى صندوق النقد الدولي. بهذا الخصوص يضيف الخبير، آن سوناطراك  تحترم في مجال العقود متوسطة وطويلة المدة الشروط التعاقدية التي تتطور مع سعر السوق الدولي، ولبعض المبيعات الأخرى فإنها تضبط على مستوى السوق الحرة(مراجعة تطور اتجاه أسعار الغاز في البورصة نحو الانخفاض بين 2010 و2018).
ويرصد لمبيعات الغاز الطبيعي المميع أو المسال (ج ن ل) في الفترة من 2013 إلى 2018 المشهد التالي: 2013، تسجيل 3.041.5 مليون دولار أمريكي (9.5 بالمائة) بمعدل سعر 11.2 دولار- 2014، بسعر 11.1 دولار - 7.396.2 (12.7 بالمائة)- 2015، لسعر 7.6 دولار، 4.700.4 (14.2 بالمائة)– 2016، سعر 5.3 دولار، 3.101.1 (11.1بالمائة)- 2017، لسعر 5.7دولار، 3.571.3 مليون دولار(10.8 بالمائة)- 2018، لسعر بمعدل 6.969 دولار مقابل 1 مليون وحدة حرارية (MBTU) بقيمة 3580 مليون دولار.
ويمثل الغاز الطبيعي بين 2013/2018 التركيبة التالية: في 2013، بمتوسط سعر للبيع في السوق الدولية 10.5 دولار مقابل 1 مليون وحدة حرارية، تسجيل 12.823.7 مليون دولار (20.3 بالمائة)- 2014، معدل سعر 10.0 دولار، 10.336.9(17.7بالمائة)- 2015،معدل سعر 6.5 دولار، 6.628.3 (20.0بالمائة)- 2016، معدل سعر 4.3دولار، 6.665.1 (22.1بالمائة)- 2017 معدل سعر 5.1 دولار، 7.278.2 مليون دولار (21.9بالمائة)-2018، معدل سعر عند البيع بالسوق الدولية 6.450 دولار لت1 مليون وحدة حرارية (MBTU) مقابل قيمة 9123 مليون دولار- الشركاء بقيمة 177 مليون دولار. بالنسبة لسنة 2018، يضيف الخبير، فان مداخيل سوناطراك (لا تعني الربح الصافي الذي يخصم منه كلفة الأعباء) بلغت 34.995 مليار دولار، وبالنسبة للشركاء 3.61 مليار دولار، أي إجمالي 38.607 مليار دولار، ويمثل الشركاء 9.35 بالمائة، ما يعني استقرارا مقارنة بالسنوات السابقة، التي لم تجذب فيها الجزائر مستثمرين أجانب، مما يبرز أهمية مراجعة قانون المحروقات مع تسيير مناجيريالي استراتيجي لسوناطراك في للفترة 2019/2030.
إن التحديات التي تواجهها الجزائر اليوم في ظل عولمة شرسة تتطلب التزام الحذر في التعاطي مع ما يبث وينشر من معلومات تتعلق بمصدر قوت الشعب الجزائري، وتفادي الوقوع في ما يشبه معركة إعلامية تستهدف المكاسب التي حققتها الجزائر عبر أجيال متعاقبة، بحيث ينبغي إدراك مخاطر التحولات وتداعيات موازين القوة في سوق المحروقات العالمية، في مرحلة يتجه فيها العالم بما فيها البلدان الكبرى في إنتاج النفط إلى انتهاج مسار انتقال اقتصادي وطاقوي ناجع، يجب يرافق في بلادنا بناظم العامي شفاف ودائم الصلة بالرأي العام لتفويت الفرصة على المتربصين ببلادنا التي تواكب التحولات بتغييرات شاملة وهادئة ترتكز على ترقية المؤسسات وإضفاء شفافية اكبر على تسيير الشأن العام بما فيه الاقتصادي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024