محافظا على سلمية المسيرات في ثامن جمعة

الحراك الشعبي متمسك بمطالب التغيير الجذري ورحيل رموز النظام

الجزائر العاصمة: آسيـا منـي

عاشت الجزائر، أمس، مسيرة ثامنة، ثابتة، على مواقف ومطالب كانت قد رفعت منذ 22 فيفري الماضي، لتكون شبيهة بالوقفات الاحتجاجية السابقة من حيث طابعها السلمي الموحد النابع من صوت الشعب، الراغب في التغيير الجذري للنظام السياسي لما هو أفضل وبما يستجيب للشعارات المرفوعة والمواقف المعبر عنها بطريقة حضارية هادئة.
سيول بشرية حاشدة ضربت موعدا منذ الساعات الأولى من صباح أمس، بمقر البريد المركزي في العاصمة، لتؤكد مرة أخرى تمسكها بالدعوة للتغيير الجذري، داعية إلى تسير شؤون البلاد بوجوه جديدة من أجل جزائر أفضل.
عزيمة قوية نابعة عن مواطنين يصرون على تمرير مطالب دون إعطاء بدائل أو حتى تعيين ممثلين عنهم من أجل توضيح الرؤى أكثر والوصول إلى رسم خريطة مستقبلية، ليتواصل عبرها الحراك الشعبي في شهره الثاني بنفس الوتيرة تاركة كل التساؤلات من دون إجابة حول مصير ومستقبل البلاد في ظل استمرار خروج الملايين في مسيرات ترفع فيها في كل مرة مطالب جديدة.
مسيرة وإن حافظت على طابعها السلمي، إلا أنها اختلفت هذه المرة من حيث التعزيزات الأمنية التي باتت جد واضحة للعيان خاصة على مستوى الحواجز الأمنية المؤدية إلى الجزائر الوسطى من جهتها الشرقية في الساعات الأولى معطية بذلك جوا غير مريح للمتظاهرين، ورغم ذلك، جماهير غفيرة من مختلف الأعمار والولايات التحقت مشيا على الأقدام بوسط عاصمة البلاد لتمتلئ بها الساحات والشوارع الرئيسية للجزائر الوسطى، جاؤوا لتأكيد مواقفهم المدافعة عن جزائر العزة والكرامة.
شعارات عديدة نادت بأهمية المحافظة على طابعها الديمقراطي السلمي، بعيدا عن أي سلوكيات غير قانونية، وهذا بعد الترويج على أنها ستكون جمعة الشغب، إلا أن المواطن الجزائري برهن مرة أخرى للعالم أنه شعب مسالم غيور على وطنه ولن يسمح في أي حال من الأحوال بالمساس بأمنها واستقرارها.
ليطبع بذلك الحراك السلمي جو احتفائي عبر خلاله المواطن بشعارات ملحنة على شكل أغاني تحمل كلمات شعبية وبكل حرية عن مواقفه ورؤيته المستقبلية للجزائر، وإن غابت عنه بعض الرؤى السياسية والإستشرافية حول واقع البلاد ومستقبلها وما قد ينجر عنها في ظل مطالبهم التي باتت لا تعرف حدودا بعد كل مرة يتحقق فيها مطلب معين، خاصة وأن مطلبهم الرئيس المتمثل في إسقاط العهدة الخامسة قد ثبت.
واقع لمسناه لدى طرف بعض الذين طالبوا بالتغيير الجذري أو كما أطلقوا عليهـــا  «يتنحاو ڤاع »، إلا أننا لاحظنا في نبرة حديثهم معنا، نوعا من التردد والحيرة في محاولة لهم  إجابتنا على تساؤلاتنا حول الطريقة التي سيتم تسيير بها البلاد في حالة تنحية الجميع وما هو مصير المؤسسات الدستورية، حيث غاب البديل عنهم ليكتفوا بالقول «المهم ايروحوا ڤاع» وبعدها سنرى؟.
لتبقى بذلك كل السيناريوهات واردة مع هذا الحراك الذي يعيش شهره الثاني دون أن يتمكن من تعيين من يمثله في طاولة الحوار مع السلطات من أجل الوصول إلى حلول من شأنها أن تقود الجزائر إلى بر الأمان وتفي بالوعود من أجل حياة اجتماعية ومهنية أفضل.
وفي هذا الإطار أثار بعض المواطنين إنشغالات إجتماعية تم تهميشها في فترة الحكم السابقة، التي جعلتهم يعانون خاصة ما تعلق منها بغلاء المعيشة معطيات عدة جعلتهم يصرون على الخروج في كل مرة للتعبير عن رفضهم للوضع المعيشي وحقهم في الظفر بحياة أفضل.
وبعيدا عن مطالب المواطنين الممتزجة بالأمل والحيرة والخوف من مستقبل مجهول، «الشعب»، وبعين المكان عاشت صورة التضامن والتآخي مابين المتظاهرين إمتزجت معها بعض المشاهد العفوية المثيرة للضحك من طرف البعض الذين كانوا يرتدون ألبسة مثيرة للدهشة والإعجاب في نفس الوقت، حيث طبعتها ألوان الراية الوطنية دون أن ننسى بعض التصرفات النابعة من وطنية البعض التي أثارت الانتباه.
وفي الشق المتعلق بالجانب الأمني في تسيير هذه الحشود عرفت مسيرة الجمعة الثامنة تعزيزات أمنية كبيرة تفوق ما شهدته الأسابيع الفارطة فساحة أول ماي كانت مطوقة وانتشار كثيف لقوات الأمن على طول شوارع وسط العاصمة، وكذا مختلف الطرق المؤدية إلى المؤسسات الرسمية على غرار قصر الحكومة، قصر المرادية والمجلس الدستوري.
وعرفت المسيرة التي كانت سلمية خلال الساعات الأولى بالعاصمة تجاوزات ومناوشات في نهاية أمس وبالضبط بعد الساعة السادسة والنصف مساء وهي فترة خارج التوقيت المتفق عليه فيما يخص المسيرة والتي تنتهي بعد الساعة الخامسة والنصف. حدثت مناوشات بين متظاهرين ورجال الأمن وذلك بسبب محاولة اجتياز الحاجز الأمني ومواصلة المسيرة عبر شارع ديدوش مراد و شارع محمد الخامس المؤدي إلى قصر المرادية. ما اضطر رجال الشرطة إلى استعمال القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين.
كما لوحظ أيضا بعين المكان محاولة عديد الأشخاص غير معروفي الهوية رشق رجال الشرطة بالحجارة ما تسبب في تخريب بعض اللوحات الإشهارية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024
العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024