تحيي الجزائر اليوم العالمي للشغل الذي يتزامن مع الفاتح ماي من كل عام، وسط اهتمام كبير وتطلع أكبر من أجل تحقيق المزيد من المكاسب ، يتصدرها تحسين القدرة الشرائية للطبقة الاجتماعية.
من المفروض أن الحراك السلمي في الوسط النقابي يراعي المكاسب المكرسة ولا يمسها، وإنما يدخل كل ذلك في الإطار الطبيعي للتداول، وحتى يبقى التكتل النقابي في إطاره الطبيعي الإيجابي، ولا يتأثر بصراع العولمة التي تتربص بمكاسب عالم الشغل بيمينه ووسطه ويساره خاصة أن الجزائر مازالت تفضل بل وتحرص على اقتصاد السوق الاجتماعي، في حين الرأسمالية المتوحشة تدوس على آخر بقايا المكاسب الاجتماعية، ولعل ما يجري في فرنسا من خلال انتفاض أصحاب السترات الصفراء التي تحتج على القدرات الشرائية خير دليل على ذلك.
المرحلة الحالية وفي وقفة اليوم العالمي للشغل، يتطلب الظرف الاستثنائي توعية نقابية من أجل التزام العمال والفعالية والنزاهة للحفاظ على الإنتاج والإنتاجية من أجل تحقيق مكاسب أخرى، وحتى رؤساء المؤسسات ومختلف المتعاملين ينبغي أن يتفطنوا أنه بمفردهم لا يمكن أن يحققوا الأهداف والتنمية المنشودة، وإنما يجب الوحدة والتكتل مع الشريك الاجتماعي للنجاح في المحافظة على جهاز الإنتاج مع الحرص على بلوغ سقف المعايير الإنتاجية المعمول بها عالميا، بهدف تحقيق التوازن.
أبرز ما يعيبه عالم الشغل على المركزية النقابية التي حققت مكاسب في السنوات الأخيرة لا يمكن إخفائها، على غرار عدم تسجيل ظاهرة تسريح العمال واختفاء مشاهد غلق المؤسسات، وبالإضافة إلى أن المنتوج الوطني بدأت جودته تفرض نفسها في الأسواق الداخلية والخارجية وتحترم المعايير، هذا من جهة ومن جهة أخرى وبخلاف ذلك فإن المركزية سارت بتسرع في تحمل عبء العقد الاقتصادي والاجتماعي، بينما الشركاء الآخرون في الثلاثية لم يلتزموا بنفس الالتزام ووقع الاتحاد على التزامات لا تلزم شركائه.
دون شك أن من سيدافع عن المؤسسة من المتربصين بها، العامل الذي تتمثل قوته في تمثيله النقابي القوي الذي يبقى يدافع عن القدرة الشرائية من الانهيار والمؤسسة الاقتصادية من الغلق أو تسريح عمالها، والتماسك في هذا الظرف ضروري، بل يجب أن يكون الحراك إضافة من أجل تنمية المؤسسة وتوسيع نسيجها واستحداث مناصب الشغل وخلق القيمة المضافة سواء في القطاعين العام أو الخاص. ومن المفروض أن الحراك السلمي يكون كذلك إضافة من أجل بناء بفعالية أكبر وفرصة لفرض شفافية أعمق ونزاهة بسقف عال، ولا يكفي أن تتحقق الحكامة في التسيير، وإنما العامل مطالب أن يقدم بعطاء لمؤسسته، حتى يحافظ على مصدر رزقه.