خارطة طريقة لمرحلة انتقالية سلسة

شروط الحوار التوافقي وغاياته المنشودة

فنيدس بن بلة

في ثاني خطاب إلى الأمة منذ توليه رئاسة الدولة، حرص عبد القادر بن صالح، على تحديد خارطة طريق لمرحلة حاسمة تعيشها الجزائر وتعمل ما في المقدرة من أجل الخروج منها بأقصر مدى وأقل ضرر وكلفة، غايتها مواصلة البناء الديمقراطي اعتمادا على كافة الفعاليات الوطنية بلا استثناء.

أكد بن صالح في ذات الرسالة في ذكرى عيد الاستقلال والشباب، على الالتزام بما وعد به من قبل وما يمليه الخيار الدستوري الأكثر أمنا وضمانا لمرحلة انتقالية سلسة، تؤسس لجزائر جديدة، تبنى بالجميع ولا يشعر فيها أحد بالإقصاء ، ترجمة لمطالب حراك سياسي رفع منذ 22 فيفري الماضي جملة من مطالب تفرضها المرحلة ويطالب بها الراهن: تغيير نظام الحكم وإقرار التداول على السلطة والحد من احتكار القرار السياسي تجاوزا للقاعدة السلبية التي أوصلتنا إلى هذا الانسداد وأغلقت المجال أمام أية مبادرة أخرى وتركت كل مقرر سياسي أو متحكم في زمام السلطة يرى أنه أحق بالخيار ولا يقاسمه أحد في هذه الوظيفة.
رافع بن صالح لمقاربة سياسية أكثر واقعية تأخذ في الاعتبار مطالب الحراك الشعبي، انشغالاته المرفوعة وهتافاته التي دوت في كل أرجاء الوطن، مشددة على القطيعة مع أساليب مضت ونظام حكم تجاوزه الزمن، لم يعد في مقدرته الاستجابة لتطلعات الحاضر وتحديات الآتي.
قدم رئيس الدولة، ضمانات إضافية في كيفية إدارة المرحلة الانتقالية وتسييرها إلى غاية انتخاب رئيس جمهورية جديد، يضطلع بصلاحيات موسعة ليس فقط في الاستجابة لمطالب شعبية ملحة بل القيام بإصلاحات باتت ضرورة حتمية في بلد مفروض عليه زيادة أقصى سرعة للخروج من حالة الانسداد السياسي إلى بر الأمان.
من الضمانات المعروضة في رسالة غير مشفرة، إبقاء مؤسسات الدولة والجيش على الحياد وترك الأمور إلى الهيئة المستقلة لاختيار أنسب الشخصيات وأكثرها مصداقية وتوافقا. هي وضعية تتمخض عن جلسات حوار مفتوح تشرك فيه النخب وتدمج الفعاليات السياسية وممثل المجتمع المدني وتسند لها مهمة اقتراح الحلول ومناقشة الأفكار بروح الواقعية والمسؤولية.
لكن الحوار المنشود لا يمكن أن يبنى على إقصاء أطراف معينة ولا يختار من يشارك فيه وفق انتقائية وعلى المقاس. حوار يلجأ إليه في أسرع وقت لوضع أرضية الانطلاق نحو حل أزمة طالت وتداعياتها على الأمن العام، الاقتصاد ونفسية المواطن باتت كبيرة وتطرح في كل مرة السؤال المحير الباحث عن أجوبة مباشرة وفورية: ماذا بعد؟ هل من انفراج في الأفق القريب؟
الحوار الذي يتطلع إليه الجزائريون بأقصى درجة الصبر، ويحمل الآمال في تعزيز الاستقرار المحقق بالدم والدمع، لا بد أن يستند إلى أسس جديد ورؤية أخرى وشخصيات أخرى همها بناء منظومة سياسية لجمهورية جديدة. لهذا على هذه الشخصيات الوطنية المسيرة للحوار القبول بتضحية ثانية من أجل الوطن.عليها التحلي بالمواصفات غير السامحة بفجوات أخرى واختلالات أخرى أولاها على الإطلاق بالإضافة إلى المصداقية والنزاهة، التحرر من أي انتماء حزبي وطموح انتخابي شخصي غايتها الأسمى المساهمة في علاج أكبر وأخطر أزمة تعيشها على الإطلاق جزائر الاستقلال.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025
العدد 19810

العدد 19810

الإثنين 30 جوان 2025