تجري الانتخابات الرئاسية، اليوم، وسط اهتمام وطني وأجنبي، بعد تأجيل تنظيمها عن موعدها المحدد سابقا، واستمرار الحراك الشعبي المنادي بمواصلة تطهير الساحة السياسية من الفساد والمفسدين، واستكمال مسار الإصلاحات العميقة في جميع المجالات بما يؤسس لبناء جمهورية جديدة تحدث القطيعة مع الممارسات السابقة التي أوصلت البلاد إلى حالة الانسداد.
يكون اليوم، أكثر من 24 مليون جزائري مسجلين ضمن الهيئة الناخبة، معنيين باختيار الرئيس الجديد للبلاد، عن طريق الصندوق الذي يبقى الفيصل والمعبر الوحيد لمن يتولى تسيير الحكم في الجزائر لمرحلة جديدة، وليس عبر قنوات غير قانونية تسعى بعض الأطراف إلى تكريسها لإبقاء البلاد في وضعية صعبة تفتح شهية التدخل الأجنبي، وتعمق الخلافات بين الشعب الواحد باستعمال الوسائل غير المشروعة، رغم أن تجسيد الديمقراطية الحقة تكون عن طريق الصندوق واحترام الرأي والرأي الآخر، وليس فرض الرأي عن طريق العنف والترهيب.
و يطالب الناخب الجزائري، بأن يكون حريصا في هذا الاستحقاق الانتخابي أكثر من أي وقت مضى، على حماية صوته وقراره من «بطش» الأطراف التي تسعى جاهدة لتكميمه لمنع استكمال البناء الديمقراطي، بالتوجه بقوة إلى صناديق الاقتراع واختيار بكل حرية من يسلمه مقاليد الحكم للخمس سنوات المقبلة، والتعبير عن خياره ولو بورقة بيضاء، خاصة وأن العديد من الضمانات قدمت لإجراء انتخابات حرة ونزيهة مثلما طالب بها حينما خرج في المسيرات منذ 22 فيفري إلى غاية اليوم.
أول امتحان للسلطة المستقلة للانتخابات
وتعد رئاسيات 12 ديسمبر 2019، أول امتحان للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات لتلبية تطلعات الجزائريين بإجراء انتخابات شفافة، خالية من أي تزوير، تعيد من خلالها وصل حبل الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة وقيادته.
ومن أجل ذلك، أوكل القانون للسلطة المستقلة للانتخابات لأول مرة في تاريخ الجزائر، صلاحيات واسعة لتكريس الديمقراطية الدستورية وتعميقها وكذا تعزيز النظام الانتخابي والإشراف على العمليات الانتخابية ومراقبتها وتنظيمها وإجرائها، بعد أن كانت هذه المهمة مسندة إلى الإدارة ممثلة في وزارة الداخلية، وزارة العدل، وزارة الخارجية، المجلس الدستوري، الهيئة الوطنية لمراقبة الانتخابات.
ويعكف الفريق المشكل للسلطة والمكون من كفاءات المجتمع المدني، جامعيين، مساعدي العدالة، قضاة، شخصيات وطنية، وأفراد من الجالية الجزائرية بالخارج، على ضمان السير الحسن للعملية الانتخابية، وإجرائها بكل شفافية ونزاهة، حيث يحرص بعد عملية التصويت التي تجري باستعمال صندوق شفاف يشرف عليه المؤطرون في المكاتب والمراكز الانتخابية المختارون والمعينون من طرف السلطة بمندوبياتها الولائية والبلدية، على القيام بعملية فرز أصوات الناخبين علنا بحضور شعبي مفتوح وبحضور ممثلي المترشحين حيث يتم تحرير محضر الفرز آنيا وتوزيع نسخ مطابقة للأصل لممثلي المترشحين، على أن يتم بعد جمع وإيصال المحاضر إلى اللجنة البلدية للانتخابات التي يرأسها قاض ونائبه (المندوب البلدي للسلطة)، تصوير المحضر ورقنه في التطبيقة وبعثه على صفته الأصلية آنيا لمركز العمليات الوطني للسلطة بواسطة الأرضية الرقمية عن طريق شبكة مؤمنة، وهي إجراءات تراها السلطة كفيلة بمنع حدوث بل استحالة أي تزوير.