خيمة عزاء بساحة الثّورة بعنابة

ڤايــــد صالـــــح أدّى الأمانـــة وحفــظ دمـــــاء المـــــواطنين

عنابة: هدى بوعطيح

اتّشحت عنابة بالسّواد، وارتسمت الحيرة والحزن على وجوه سكانها، والذين ما يزالون تحت الصّدمة ولم يستوعبوا لحد الساعة فاجعة رحيل الرجل الفذ رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي أحمد قايد صالح، فلا حديث في شوارع المدينة وأحيائها، سوى عن هذا الرجل الذي اختطفته المنيّة فجأة من بين شعبه، في الوقت الذي سار بالجزائر إلى برّ الأمان.

ففي الوقت الذي كان ينتظر فيه سكان بونة على غرار باقي أبناء هذا الوطن، أن يواصل الفريق أحمد قايد صالح بناء دولة جزائرية جديدة يسودها العدل والاستقرار والأمان، استيقظوا ذات اثنين أسود وعلى حين غرّة على نبأ وفاته، ليغادرهم وهو يحمل في قلبه هموم هذا الوطن الذي لم يتركه في أحلك أوقاته، ووقف إلى جانب شعبه منذ بداية الحراك إلى آخر نفس في حياته، لأجل أن يجنّب البلاد انزلاقات خطيرة.
وعلى غرار باقي ولايات الوطن، فقد كانت عنابة السباقة لنصب خيمة كبيرة وسط ساحة الثورة «الكور» وشعارها «رحمك الله يا أسد، يا من وقفت مع الجزائر، وحاربت من أجل أن لا تراق قطرة دم واحدة، حميت شعب الجزائر وأدّيت الأمانة، ورسوت بباخرة الجزائر إلى برّ الأمان»، فضلا عن تنصيب خيمة أخرى بالمعهد النقابي بشاطئ ريزي اعمر، ترحّما على روح فقيد الجزائر، ولاستقبال المعزّين من المواطنين، الذين يرغبون في قول كلمة صدق، في حق هذا الرجل البار بوطنه، المجاهد الذي صان الأمانة وحفظ الوديعة وأوفى بالعهد، حيث شهدت الخيمتان توافدا كبيرا لسكان بونة، الذين أبوا إلا أن يردّوا الجميل لأحمد قايد صالح ولو بكلمة واحدة.
ولم تقتصر التعازي فقط داخل الخيمة، حتى أن الفضاء الأزرق بدوره اتّشح سوادا وباتت صور فقيد الجزائر تملأ مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أن أغلب الصفحات التي تعود إلى العنابيين غيّروا صورهم بصور ابن مدينتهم.   
كلمات معبّرة ومؤثّرة تردّدت على ألسنة أبناء عنابة، ينعون فيها فقيدهم، ويبكون رحيل الرجل الوفي والصادق والحازم، والذي كانوا يرون فيه الأمل لحماية الجزائر من كل ما يتربّص بها، فقد قالوا عنه بأنه الرجل الذي «ختم حياته بإنقاذ الوطن، وحفظ دماء مواطنيه ثم أفضى إلى ربه، فعل ما لم يفعله غيره وأقسم أن لا تراق قطرة دم واحدة وبر بقسمه»، ونعاه آخر بقوله: «ربي يرحم القائد صالح البطل الشجاع والوفي المخلص لوطنه، الحمد لله مات بعد تأديته الأمانة وإنقاذ الجزائر»، «نعم انفطرت قلوبنا اثر سماع هذا الخبر المؤلم، فقدت الجزائر رجلا بمعنى كلمة الرجولة، مخلص لوطنه، محب لشعب بلده، صخرة لم يزعزعها لا كلام ولا أفعال الأعداء، تمسّك بوعده وصان الأمانة حتى سلّمها، رجل دخل التاريخ مرة حين كان مجاهدا، ومرة أخرى حين حافظ على السلمية وأعطى درسا للعالم، ربي ارحمه برحمتك الواسعة واسكنه فسيح جناتك».
المقرّبون من الفريق قايد صالح من أصدقائه وجيرانه، أبوا إلا أن يتحدثوا عن خصاله، عن أحمد قايد صالح الصديق والجار، وليس أحمد صالح قائد الأركان، مؤكّدين بأنه إنسان بارّ بوالديه، متواضع ومحب للخير، يتمتّع بخصال حميدة، ويسعى دائما للحفاظ على صلة الرحم، وهمّه الوحيد عائلته ووطنه. 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025
العدد 19810

العدد 19810

الإثنين 30 جوان 2025