تحولت المعلومة الصحيحة والصادقة في الآونة الأخيرة ومع بداية الأزمة الصحية الاستثنائية التي تعيشها الجزائر، إلى مطلب أساسي للمواطن، الذي صار يبحث في مختلف المواقع الإخبارية عن صدق وأرقام حقيقية تعكس الواقع. فبعد أن وجد نفسه مستهدفا من طرف المتلاعبين بالرأي العام، كان لابد من طريقة للخروج من دوامة المعلومات التي تنشرها مختلف المواقع الإخبارية والوسائط الاجتماعية.
«الشعب» تقرّبت من مواطنين للتعرف عن مصدر استقائه المعلومة فكانت هذه الآراء...
سمية بن دغيوش، أول من سألتهم «الشعب» عن مصدر معلوماتها حول كوفيد-19، فأجابت: «في بداية الأزمة كنت أستقي الأخبار من مصدر واحد هي قناة أجنبية بفرنسا. لكن مع تفشي الوباء فيها جعلني أتوجه الى إحدى القنوات العربية حتى لا أقع في حالة من الخوف والقلق، لأن تفشي المرض وارتفاع عدد الإصابات جعل الحوارات على جميع القنوات الفرنسية يتمحور حول الواقع المؤلم الذي يعيشه هذا البلد مع الوباء.
وأضافت سمية: «في البداية وبسبب غياب المعلومة كنت أضطر الى تغيير وجهتي نحو القنوات الأجنبية، لكن عندما إلتزمت وزارة الصحة، في خطوة غير مسبوقة في الجزائر، بندوة صحفية يومية تعلن فيها عدد الإصابات بأرقام دقيقة وتفاصيل حول بؤر انتشارها، أصبحت انتظر الساعة الخامسة فقط للإطلاع على آخر اخبار كورونا في الجزائر وهذا أمر جيد، لأنها أخرجتني من دوامة الأخبار التي نسمعها هنا وهناك، خاصة مع انتشار الاخبار الكاذبة التي تضخم الأرقام وترصد النقائص لإعطائها صفة العام ما يربك كثيرا المواطن الجزائري».
أما سمير بن يونس، تقني سامي في البرمجيات، فأكد «أن الأزمة الصحية الاستثنائية التي تعيشها الجزائر شكلت محيطا خصبا لنشر الأكاذيب والإشاعات، سواء كانت بنية مبيته أو لا. لكن أثارها سلبية على نفسية المواطنين وبالتالي سلوكهم وردة فعلهم تجاه هذا الظرف الاستثنائي. ولعل ما رأيناه في الأسواق والمحلات من تهافت على اقتناء المواد الغذائية صورة حقيقية لنتائج الأخبار الكاذبة على المجتمع، ما استوجب اتخاذ الإجراءات اللازمة للوقوف في وجهها، لأن ضحيتها الأولى المواطن الذي ستصيبه حالة من القلق لأنه بعيد عن حقيقة الوضع في الجزائر.
وثمّن تولي وزارة الصحة مهمة إعلام الرأي العام بالمعلومة الدقيقة لانتشار وباء فيروس كورونا في الجزائر، ما انعكس إيجابا على المواطن، الذي أصبح ينتظر الساعة الخامسة مساء كموعد لبعث الأمل والقوة. فالثقة انتعشت من خلال هذه الخطوة، لأنها استطاعت ترسيخ فكرة الجميع في سفينة واحدة، إن أهمل فرد واحد من طاقمها، مهما كانت صفته في المجتمع دوره المنوط به، ستغرق لا محالة، وهو السبب في التزام سواد الشعب بالحجر الصحي المنزلي وبكل الإجراءات الوقائية والاحترازية وهذا أمر جيد سيجعلنا نتخطى الأزمة بأقل الأضرار الممكنة».
إسترجاع ثقة وترميم علاقة
وقالت مليكة نايت جودي، صاحبة محل لبيع أجهزة الإعلام الآلي، إنها تابعت أخبار كورونا في البداية من القنوات الأجنبية وبعض المواقع الإخبارية. لكنها وجدت نفسها تدور في دوامة اعتبرتها خطيرة، لانفصالها عن المجتمع الذي تعيش داخله وأصبحت تعيش حالة هيستيريا بسبب المخاوف التي زرعتها تلك المعلومات التي استقتها من هنا وهناك.
وبررت مليكة قائلة: «تعودنا لسنوات طويلة، أن السلطات لا تعطي المعلومة، بل كانت في السابق تحاول دائما تمويهه وإبعاده عن مصدره الحقيقي، لكن ومع الإعلان عن الأزمة الصحية الاستثنائية وجدنا تفاعلا من السلطات لم يعهده المواطن من قبل. فوزارة الصحة تقدم التطورات لحظة بلحظة، حيث يطل علينا البروفيسور – الذي حفظ كل الجزائريون اسمه- فورار، ليقدم لنا الأرقام بدقة وبدون تعتيم، يتحدث عن 0 إصابة، كما يتحدث عن 100 شخص مصاب، ما يعكس مهنية واحترافية وشفافية كبيرة.
من جهته أكد محمد. ب، أن كورونا عرّت نوايا الكثير ممن كانوا محل ثقة الجزائريين، حيث قال: «في بداية الأزمة كنت ما أزال أصدق أن كورونا لعبة دنيئة، لكنني عندما أصيب أحد أقاربي وأدخلت بسبب ذلك إلى الحجر الصحي لمدة 15 يوما، توضحت أمامي كل الحقائق، لأنني كنت في تماسٍّ مباشر مع مريض لم يستطع الذهاب إلى الطبيب رغم بداية ظهور الأعراض عليه، فقط لأنه صدق واحدا ممن كانوا ينشرون أكاذيب عن كورونا في الجزائر. وبالفعل بعد خروجي من الحجر أصبحت لا أصدق أي شخص يستخف بالأزمة الصحية الاستثنائية في الجزائر أو بالمجهودات المبذولة من أجل محاصرتها.