تاريخ 19 جوان 1965، كان محطة مفصلية في تاريخ الدولة الجزائرية وشعبها، فيه أعلن الراحل بومدين الذي كان آنذاك وزيرا للدفاع، عن إنشاء مجلس الثورة، كما أعلن عن الكثير من الغايات والأهداف ومنها تجسيد أهداف ثورة التحرير والاعتماد في بناء الاقتصاد على الذات والتخلص من النفوذ الأجنبي والتبعية للخارج، وإزالة القواعد الفرنسية المتبقية في الصحراء، وتثبيت أسس الدولة وإقامة المجالس المنتخبة.
بعد عام من التصحيح الثوري سعى الراحل بومدين لتحقيق هذه الأهداف من خلال زيارات قادته لشرق البلاد وغربها وجنوبها، وأعلن عن الثورات الثلاث، مركزا على الثورة الزراعية وعلى بناء صناعة وطنية مثل التعدين، وقام بإعادة تنظيم جبهة التحرير الوطني، واتبع استراتيجية اشتراكية تتوافق مع بنية وخصوصية المجتمع الجزائري.
كانت أول رحلة قام بها الرئيس بومدين للخارج في سبتمبر 1965، هي للدار البيضاء للمشاركة في قمة عربية تلتها قمة منظمة الوحدة الإفريقية في شهر أكتوبر، ثم زيارة ثانية لموسكو في ديسمبر من نفس السنة.
بومدين حين تسلم مقاليد السلطة، كانت له نظرة استشرافية للنهوض بالجزائر اجتماعيا، اقتصاديا وثقافيا، اهتم بالتعليم وتربية النشء وتكوين إطارات ذات كفاءة عالية، مع ضمان العلاج المجاني لكل الجزائريين، كما ركز على تطوير الصناعات التحويلية والثقيلة.
وكان أول قرار جريء اتخذه للتخلص من التبعية للخارج في أوج النزاع العربي الإسرائيلي، هو تأميم المحروقات في 24 فيفري 1971، والذي جاء استكمالا لمسار طويل من المفاوضات من أجل استرجاع الثروات الوطنية، لاسيما من خلال استرجاع فوائد الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات.
على الصعيد الدولي كانت له مواقف قوية مستمدة من مبادئ أول نوفمبر 1954، وهي الدعم اللامشروط للشعوب التي ما تزال تئن تحت وطأة الاستعمار وعلى رأسها القضية الفلسطينية، كما ساهم في دعم حركات التحرر واحتضان الجزائر لحركات التحرر حتى صارت توصف بأنها مكة الثوار.