الكاتب الصّحفي بوعزارة لـ «الشعب»:

جماجم عرّت جرائم جنرالات الإبادة الجماعية

فتيحة كلواز

 أشاد الكاتب الصّحفي، امحمد بوعزارة، باسترجاع 24 من رفات وجماجم المقاومين، الذين استشهدوا من أجل حرية الوطن، معتبرا الحدث التاريخي بمثابة اعتراف فرنسي بما ارتكبه المستعمر في حق الشعب الجزائري طوال فترة احتلاله، مؤكّدا أنّ تلك الرّؤوس ظلّت شامخة تعري جرائم جنرالات الدم والإبادة الجماعية بمتحف الانسان أحد الأقسام السبعة بمتحف التاريخ الطبيعي في باريس.
وجّه الكاتب الصحفي امحمد بوعزارة تحيّة إلى كل من ساهم في إعادة رفات وجماجم رجال المقاومة، الذين عادوا ليشموا رائحة الوطن التي قطعت رؤوسهم من اجله، ليتوسدوا ترابها بعد 170 سنة من استعادة أحفادهم استقلال أرضها الطيبة، وقال إنّ هذا العمل الذي استطاع أن يتم بعد الحراك الشعبي سيسحب لكل الذين عملوا على استعادة جماجم هؤلاء الزعماء الكبار، كان من بينهم محمد الأمجد بن عبد المالك المعروف بـ «بوبغلة»، قاد المقاومة في منطقة القبائل، الشيخ بوزيان زعيم ثورة الزعاطشة، إلى جانب محمد بن علال خليفة الأمير عبد القادر الذي أقام المصانع في منطقة مليانة، قال عنه الجنرال بيجو عند استشهاده في المنطقة الغربية: «الآن نستطيع أن ننهي مقاومة الأمير عبد القادر».
سجّل بوعزارة ارتياحه اتجاه هذا الحدث التاريخي الذي سيعطي جيل الاستقلال صورة أخرى لما ارتكبته فرنسا من جرائم ضد هذا الشعب الأبي، موضّحا أن الشعب لم يقدم مليون ونصف شهيد، كما يقال، بل أكثر من ذلك حيث قدّر عددهم بتسعة ملايين شهيد، بدليل أن في 1871 أحصت فرنسا عدد سكان الجزائر بمليونين و200 ألف، بينما كان عدد سكانها في 1832، 4 ملايين و500 الف، وهنا تساءل عن مصير مليونين و300 الف من سكان الجزائر على مدى أربعين سنة.
في نفس السياق، قال إن فرنسا أحصت سكان الجزائر في 1930 بعد احتفالها بمئوية احتلالها، بـ 5 ملايين، وهو نمو سكاني ضعيف في 100 سنة، ناهيك عن آلاف المعمرين الذين جاؤوا اليها للاستيلاء على خيراتها بالإضافة الى الجنود الفرنسيين، فأي عدد سواء كان مليونين أو أربعة ملايين يبقى قليلا في حق من أبيدوا من الشعب الجزائري.
وكشف بوعزارة، أن المحتل قطع رؤوس المقاومين لتطوف بها قواته لعرضها في القرى والمدن بغية تخويف وإحباط عزيمة الشعب الجزائري لإثنائهم عن المقاومة، لكن النتيجة جاءت عكسية، فيكفي أحرار الجزائر أنّهم قاموا بـ 46 مقاومة كبرى على امتداد هذا الوطن من أقصاه الى أقصاه، تنقسم كما أحصاها المؤرخون إلى: 15 مقاومة في الجنوب،12 مقاومة في الشمال،11 مقاومة في الشرق و08 مقاومات في الغرب الجزائري أين انطلقت أولها تحت قيادة الأمير عبد القادر، والتي استمرت على مدى 17 سنة.
أما أطول مقاومة ففجّرت في الجنوب الجزائري تحت قيادة الناصر بن شهرة انطلاقا من الاغواط، حيث دامت 24 سنة و6 أشهر متواصلة و5 سنوات متقطّعة، وصفه المستعمر بملاح الصحراء لفشل كل محاولاته في قتله أو إمساكه رغم كل الوسائل التي سخّرها لذلك.

الناصر بن شهرة...رفات تنتظر العودة

 ناشد امحمد بوعزارة إعادة رفاة ناصر بن شهرة، البطل، إلى أرض الوطن، حيث يوجد قبره في دمشق التي نفي اليها في 1875 انطلاقا من الأراضي التونسية بصحبة المقاوم التونسي محمد الكبلوتي، فبعد التضييق عليه اضطر الى نقل مقاومته الى عمق التراب التونسي، وهناك قاد البطلان مقاومة مشتركة ذات بعد مغاربي تونسية - جزائرية حتى إلقاء القبض عليهما من طرف السلطات الفرنسية بعد تآمر داي تونس عليهما آنذاك، ليتم نفيهما الى بيروت ومنها الى سوريا.
وصرّح أن مقاومة الناصر بن شهرة التي امتدت للعديد من جهات الوطن، جسّدت البعد الجماعي الوطني في المقاومات الشعبية، بل هو أول من طبّق القيادة الجماعية في مقاومة المستعمر حيث ساعده ثلاثة من القادة الابطال المعروفين هم: محمد بن عبد الله من ورقلة (تلمساني الأصل)، التلي بن الأكحل أصيل مدينة الجلفة ومحي الدين ابن الأمير عبد القادر، مفهوم القيادة الجماعية طبّقتها أيضا قيادات جبهة التحرير الوطني الشابة في حربها ضد المستعمر، فكان محمد خيضر أكبر أعضاء مجموعة 20 سنا بـ 37 سنة، أما مجموعة الستة فكان مصطفى بن بولعيد أكبرهم سنا بـ 37 سنة وديدوش مراد أصغرهم بـ 27 عام، مذكّرا في السياق ذاته أنّ هذا لا ينفي اعتماد الأمير عبد القادر مفهوم الوطنية في المقاومة لأن من ساعده فيها رجالات من كل أنحاء الجزائر.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024