أكد الأستاذ المحامي نجيب بيطام أن مشروع الأمر المعدل والمتمم لقانون العقوبات، الرامي إلى ضمان أحسن حماية لمستخدمي الصحة، يستهدف حماية هذه الشريحة من الاعتداءات اللفظية كانت أو جسدية الممارسة عليهم في هذا الظرف الاستثنائي الذي تعيشه الجزائر بسبب جائحة كورونا.
ونفى المحامي أن يكون القانون فاضل بين العاملين في الصحة والمواطنين لأنه تكفل بحماية الجميع كل في مكانه، معتبرا الجدل الحاصل بمواقع التواصل الاجتماعي خطأ لا يمكن قبوله.
قال الأستاذ المحامي بيطام، إن مشروع القانون الذي ناقشه مجلس الوزراء الأخير، يهدف إلى وضع نظام عقابي ملائم لحماية مستخدمي قطاع الصحة.
أمام التزايد الملحوظ للاعتداءات ضدهم، التي يتعرضون لها خلال تأدية مهامهم، وردع التصرفات المؤدية إلى المساس بكرامة المرضى والنيل من الاحترام الواجب نحو الأشخاص المتوفين بنشر الصور والفيديوهات، وردع انتهاك حرمة الأماكن غير المفتوحة أمام الجمهور داخل المؤسسات الاستشفائية، والردع المشدد لأعمال تخريب الأملاك والتجهيزات الطبية.
وقال بيطام إن مشروع القانون الذي تمت دراسته يتعلق بوضع نص تشريعي جديد يهدف إلى بسط الحماية القانونية لمستخدمي الصحة أثناء تأديتهم لمهامهم في مختلف المؤسسات الاستشفائية، وهو تأكيد لما جاء في لقاء رئيس الجمهورية الأخير مع ممثلي الصحافة الوطنية، واعتبره نصا خاصا لوجود نص في الأصل هو المادة 144 و144 مكرر يهدف إلى حماية الموظف أثناء تأديته لمهامه، لكن تنامي وتزايد ظاهرة الاعتداء على الأطقم الطبية والعاملين في الصحة استدعى وضعه، فقد ارتأى رئيس الجمهورية ضرورة سن نص خاص على شاكلة النص الذي سُن لحماية الأئمة.
وأوضح أن مشروع القانون الخاص تضمن تدرجا في العقوبات بين سنة حبسا والمؤبد. محوره الأول يتعلق بالاعتداءات اللفظية التي تطال مستخدمي الصحة من سب وشتم وإهانة باللفظ.
هذه الاعتداءات يعاقب عليها من سنة إلى ثلاث سنوات حبسا.
وعندما يصل الاعتداء إلى مس السلامة الجسدية للأطقم الطبية، فأي عنف يتسبب في عجز ترتفع العقوبة لتتراوح بين ثلاث إلى عشر سنوات سجنا.
وهنا نرى تشدد مشرع القانون في العقوبة على العنف الجسدي الذي قد يتعرض له مستخدمو الصحة أثناء ممارسة مهامهم، وقد تصل العقوبة إلى المؤبد إن أفضى العنف الممارس ضدهم إلى القتل.
ونفى بيطام أن تكون السلطات المعنية فضلت مستخدمي الصحة على المواطن، معتبرا من الخطأ إثارة الجدل بسبب مشروع القانون الجديد وسط المواطنين، فقول البعض بأن الدولة تحمي الأطقم الطبية ولا تحمي المواطن الذي يتعرض لشتى أنواع التهميش أثناء ذهابه إلى المؤسسات الاستشفائية للعلاج هو تلفيق وجهل واضح بالقانون، مذكرا في هذا الصدد بوجود نصوص قانونية تحمي المواطن هي أحكام المواد 288 و289 من قانون العقوبات التي تنص على معاقبة كل من تسبب بخطئه أو رعونته أو بإهماله أو بعدم احتياطه إلحاق الأذى بالغير، وعليه يمكن لكل مواطن يرى أنه معرض لإهمال أو رعونة أو عدم أخذ الحيطة لعلاجه أن يتوجه إلى العدالة.
ولاحظ بيطام أن ظاهرة الاعتداء على مستخدمي الصحة موجودة في الجزائر فقط خاصة في ظل الظرف الاستثنائي الذي تعيشه بسبب الجائحة، ففي إيطاليا مثلا ورغم آثار الجائحة الكبيرة فيها لكن المواطن لم يعتد على الطبيب ولم يحمله مسؤولية موت أو إصابة أحدهم بالعدوى، وسجلت فيها -حسب عميد الأطباء في إيطاليا- 62 دعوى قضائية ضد أطباء تسببوا في أخطاء طبية، لأن المواطن هناك يحترم نفسه والقانون، لذلك الذين يكتبون على مواقع التواصل أن الأطقم الطبية في كفة أحسن من المواطن مخطئون، لأن هذا الأخير يلجأ إلى الطبيب للعلاج وإنقاذ روحه، ولا يمكن مهما كانت الأسباب أن يصبح عرضة للخطر في مكان عمله وأثناء تأديته لوظيفته النبيلة، بل أكثر من ذلك الاعتداء عليه سلوك ترفضه العادات والتقاليد ولا يقبله الدين ويجرمه القانون، لذلك كان من الضروري وضع حد لهذه الظاهرة حتى لا تنتشر الفوضى التي يسودها قانون الغاب.
وكشف المتحدث أن الطبيب يقوم اليوم بمهمة العلاج والتداوي في ظرف استثنائي حسب الإمكانات الموضوعة بين يديه، ما معناه أن الإمكانيات يمكن أن يقع فيها اهتزاز أو نقص.
وهذا ليس تقصيرا منه فأكبر الدول تعرضت لاختلالات في الإمكانيات الطبية في بداية مواجهتها لهذه الجائحة العالمية لكنها استطاعت تجاوز الأمر مع مرور الوقت، وهو بالضبط ما نمر به اليوم.
وأكد بيطام أنه من واجب المواطن أن يعي أن الاعتداء على الأطقم الطبية سيكلفه ندما كبيرا، في الوقت نفسه وضع المشرع الجزائري قوانين تحمي كل مواطن يرى نفسه عرضة للإهمال أو التقصير، لذلك على الكل التزام واحترام القانون وكل من تسول له نفسه الدوس عليه يأخذ جزاءه العادل، مشيرا إلى أن القانون وجد لتنظيم الحياة وسلوك الأفراد في المجتمع، وعندما يتمرد الفرد عليه تتدخل السلطة لوضع حد للفوضى التي يسببها غياب القانون.